Emarat Alyoum

التحسين المستمر والمستدام

التاريخ:: 20 أغسطس 2018
المصدر:
التحسين المستمر والمستدام

يوجد عدد كبير من أطر ونظريات الجودة والتميز والإدارة بصفة عامة، ويبقى القاسم المشترك بين كل تلك النظريات هو التحسين المستمر، ويجمع كل خبراء الجودة منذ نشأتها على هذا المفهوم محركاً رئيساً للتطبيق الفاعل لأي نموذج للجودة، ومن دون الاهتمام الحقيقي بعمليات التحسين في مختلف الوحدات التنظيمية والعمليات بأي مؤسسة، فلن تنجح أي مشروعات أو مبادرات، والتحسين ينبثق من الثقافة المؤسسية في المقام الأول، والثقافة المؤسسية تحتاج إلى سنوات لتغييرها وتطويرها، وتحتاج لانخراط مباشر من القيادة في المؤسسة، حيث لا يمكن تعزيز ثقافة التحسين بمجرد حملة توعية أو تعميم أو مجموعة من البوسترات والمطبوعات، ولكنها أسلوب عمل لابد أن ينعكس في الممارسات اليومية.

لقد نجحت اليابان وأصبحت محط أنظار العالم من دون نماذج الجودة ومن دون شهادات «آيزو»، فهم لا يهتمون كثيراً بالنماذج مثل النموذج الأوروبي وغيره، ولكنهم يطبقون «كايزن» أي التحسين المستمر، كما لا يهتمون بالشعارات ولا بالتغطيات الإعلامية التي تتبع الحصول على شهادات الجودة بقدر اهتمامهم بتطبيق تحسينات يومية على بيئة العمل والعمليات الإنتاجية والخدمية، فما الذي يتطلبه التحسين المستمر؟ وما شكل الثقافة المؤسسية الداعمة للتحسين المستمر؟ بداية لابد من تقبل فكرة أن هناك دائماً مجالاً للتحسين، وبالتالي لابد من الاستماع بجدية وبعقل مفتوح للعاملين وآرائهم وأفكارهم التحسينية، وكذلك الاستماع إلى المتعاملين والشركاء وكل فئات المعنيين، ليس فقط الاستماع، ولكن تطبيق الأفكار التطويرية، ومكافأة مقدميها، والذين قاموا على تنفيذها، وتشجيع كل المعنيين على تقديم الأفكار، وتسهيل ذلك باستخدام تطبيقات الهاتف المحمول ووسائل الاتصال الأخرى، وتعتبر «تويوتا» من أنجح الشركات التي تحتضن أفكار العاملين، لذلك فالتحسين دائم ومتجدد على مدار العام بل على مدار اليوم.

يتطلب أيضاً التحسين الاطلاع والقراءة، والقيام بمبادرات وأنشطة المقارنات المرجعية، وتشجيع الموظفين على حضور المؤتمرات والندوات، وتوافر مكتبات حديثة، والاشتراك في الدوريات العلمية ذات الصلة، والمجلات المهنية المتخصصة، ويتطلب التحسين أن يقرأ المديرون ويطلعوا على الجديد في مجال عملهم، ومحاولة تطبيق ممارسات جديدة، ويستدعي ذلك توفير الميزانية والموارد اللازمة باستمرار، حتى يكون التحسين مستداماً وليس مجرد حملة تستمر لأسابيع عدة وتموت قبل أن تتمخض عن أي نتائج تحسينية. ومن المهم أيضاً مكافأة من يقوم بالتطوير وليس تجاهله أو عقابه. أخيراً يتطلب التحسين المستمر التواضع والرغبة في التعلم، وتطبيق ما ينتج عن التعلم، ثم قياس نتائج التطبيق وتعميمها ونشرها حتى يستفيد منها الجميع، سواء كانت ناجحة أو فاشلة، فهناك فرصة للتعلم في كل مشروع وفي كل موقف، فهي رحلة لا تنتهي.

@Alaa_Garad

Garad@alaagarad.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .