Emarat Alyoum

السلم العالمي والخوف من الإسلام

التاريخ:: 15 ديسمبر 2017
المصدر:
السلم العالمي والخوف من الإسلام

عقد منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة دورته الرابعة في العاصمة أبوظبي، تحت عنوان «السِّلم العالمي والخوف من الإسلام قطع الطريق أمام التطرف»، وقد كان منتدى ناجحاً وباهراً بأطروحاته الواضحة ونقاشاته المستفيضة، بسبب النوعية المختارة لهذا الموضوع الشائك من علماء أجلاء ومفكرين نبهاء.

وهذا الموضوع هو حديث الساعة عالمياً، فإن الخوف من الإسلام وكراهيته، المسمى حديثاً بالإسلموفوبيا، هو ما يشتد أوَرُه في الدول غير الإسلامية، حتى إنه أصبح يجوس خلال ديارنا الإسلامية من أبناء جلدتنا، من بعض المفكرين الحَداثيين، المتنكرين لكل قديم، الذين وجدوا في أفعال الإرهابيين المجرمين تبريراً لرؤاهم الضيقة، التي كانوا يخشون إظهارها، فوجدوا في الأفعال الإجرامية لبعض المنسوبين للإسلام تبريراً لطرحها باسم التغيير والحداثة.

فأراد هذا المنتدى الرائع أن يعالج هذه الظاهرة المؤرقة للمسلمين أجمعين، وقد صُدِّر المنتدى بكلمات تأصيلية من سمو الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، الذي ذكر في كلمته أنه أشار إلى وجوب التسامح والتعايش المشترك ونزع فتيل الكراهية بين الناس من نحو 15 سنة، وكلمة ضافية تأصيلية تأطيرية من معالي الشيخ المجدد عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم، الذي أشار إلى وجوب إطفاء الحرائق ومحاربة الإرهاب ليعم السلام، وكلمات أخرى لا تقل أهمية من الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، ومن وزير الأوقاف المغربي، ووكيل الأزهر الشريف ووزير الأوقاف المصري، ووزير الشؤون الدينية الإندونيسي، وكلها كانت مفاتيح للنقاش الذي طرح في المنتدى الرائع.

إن ظاهرة الخوف من الإسلام هي ظاهرة غير طبيعية، لأنها مبيتة بسوء نية، فإن الكثير من المفكرين المنصفين من غير المسلمين يعرفون أن الإسلام دين سلام ووئام ومحبة واحترام، فقد حضر لفيف من أولئك المنصفين من كل الديانات والطوائف، وأشادوا بسماحة الإسلام ومنهجه المفعم بالمحبة والرحمة، وهم يعملون معنا في محاربة تلك الظاهرة المقيتة التي وصم بها الإسلام.

ولكن الذين ينشرون هذه الثقافة يتعامون عن حقيقة سماحة الإسلام وتعايشه مع الغير على مبدأ القسط والفضل، وذلك من باب ما يعرف في علم المعاني بتجاهل العارف، ولا يُضير الإسلام هذا الزيف المقيت، فما مَثَلهم إلا كما قال الأخطل قديماً:

ما يضير البحر أمسى زاخرا أن رمى فيه غلام بحجر

فإن الله تعالى حافظ دينه ما بقي الليل والنهار، لاسيما مع وجود أولي بقية من عقلاء ومنصفي البشر، ينهون عن الفساد، ويظهرون الحق، ويدفعون الباطل، فإن سنة العدالة الإلهية تقتضي أن يُقذف الحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق.

غير أن الواجب على علماء الأمة أن يبذلوا قصارى جهدهم في البيان وتوضيح الحقائق بالبرهان، وهو ما يفعله هذا المنتدى ومجلس حكماء المسلمين، اللذان أوصلا رسالة الإسلام السمحة إلى المحافل الدولية الكبرى، وأسمعا صوت الإسلام السمح من به صممُ.

وإذا كان العالم قد رمى الإرهاب المسَبِب للإسلام ذلكم الوصف غير الحميد، رماه بقوس واحدة، حتى بات يلفظ أنفاسه الأخيرة، فإن على العالم أيضاً أن لا يعيد إنتاج ذلكم الإرهاب بأفعال يبتز بها مشاعر المسلمين، كما جرى مؤخراً في شأن القدس، الإسلامية العربية الفلسطينية إلى أبد الدهر، فإن ذلك من واجبهم، أولاً لسد ذرائع العودة إلى ذلكم الإجرام، وثانياً لأن ذلك هو مقتضى التعايش المشترك الذي ينشده العالم اليوم.

لاسيما أنه لم تعد لدينا أو لديهم حواجز تقسيم الدار، فإن ثلث المسلمين يعيشون اليوم في غير ديار الإسلام، كما أن نحواً من ثلث المسيحيين وغيرهم يقاسمون المسلمين عيشهم وأرضهم.

أما مفكرونا الحداثيون فما أجملهم لو بقوا مع جماعة المسلمين، ومع تراثهم العظيم، فإنه ليس من العقل أن ينسفوا تراث الأمة الزاهي، الذي أنار العالم في كل فنون المعرفة وألوانها، ولولا ذلكم التراث العظيم لما وصل إلينا الإسلام الصافي الذي ننشره للعالم اليوم، فعليهم أن يلزموا جماعة المسلمين، ويحترموا أصولهم، ولا يحاولوا هدم التراث، فإن ذلك غير مقبول ولا معقول.

«كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دبي»

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .