Emarat Alyoum

تقييمات الأداء.. عامل محبط!

التاريخ:: 02 أكتوبر 2017
المصدر:
تقييمات الأداء.. عامل محبط!

تعديل القوانين ليس عيباً، ولا هي مشكلة مُعقّدة يصعب حلها، بل هي ظاهرة صحية تؤكد السعي نحو الأفضل، ومن الطبيعي جداً أن تبرز بالممارسة العملية سلبيات لم تكن متوقعة من تطبيق أي قانون، لذا فلا حرج من مراجعة القوانين، وتعديلها إذا لزم الأمر، لا مشكلة في ذلك، بل المشكلة في استمرارية العمل بقانون ما سنوات طويلة، رغم ظهور سلبياته ومشكلاته!

هذا ما ينطبق الآن على قانون الموارد البشرية لحكومة دبي، فبعد 11 عاماً من التطبيق، ظهر الكثير من السلبيات التي تستدعي التدخل لتعديلها، خصوصاً أن القانون أثبت بالممارسة العملية أنه يسير عكس توجهات الحكومة، التي تتبنى التطوير والجودة والتحفيز والاهتمام بالعنصر البشري المواطن، وتهتم بالكفاءات، وتسعى للاستثمار فيها من أجل تطوير الخدمات بشكل عام، حتى تصل إلى أفضل مستوى تنافسي عالمي، في حين أن القانون يسير في اتجاه التفريق والتمييز بين الموظفين، والأخطر من ذلك أنه يعمل بشكل مباشر لبث الإحباط فيهم بدلاً من تحفيزهم!

لا أريد تكرار الحديث عن سلبيات ذكرتها في مقالات سابقة، ولكن أكثر ما يثبّط الموظفين ويحبطهم في القانون الحالي للموارد البشرية هو نظام تقييم أداء الموظفين، الذي يجبر كل إدارة وقسم على إعطاء تقييم امتياز لـ5% فقط من الموظفين، وهذا يعني تلقائياً إحباط 95% من الموظفين، ويعني أيضاً أن هناك عدداً كبيراً من هؤلاء وقع عليهم الظلم، بسبب القانون، وليس لأي سبب آخر!

عموماً نظام تقييمات أداء الموظفين بهذه الطريقة هو أمر «كان» معمولاً به في كثير من الشركات العالمية، لكنها قبل بضع سنوات بدأت تتخلى عنه، واحدة تلو الأخرى، وخلال السنوات الماضية توقفت شركات كبيرة عن تصنيف الموظفين على مقياس «واحد إلى خمسة»، أو تقييم الموظفين وفقاً لما يسمى «منحنى الأداء»، ومع ذلك استمرت هذه الشركات في المفاضلة بين أداء الموظفين باستعمال طرق أخرى متنوعة، دون استخدام هذا النظام الذي اعتبرته مجحفاً، وبحلول عام 2015 كانت أكثر من 30 شركة كبيرة تضم أكثر من مليون ونصف المليون موظف تسير على نفس درب التخلي عن ذلك النظام في تقييم الأداء!

إن مجرد فكرة إلغاء التصنيفات تثير حفيظة الكثير من المديرين التنفيذيين في مجال الموارد البشرية، لأن النظام الحالي يوجب تحويل كل شيء تقريباً إلى مقدار كمي قابل للقياس وتحليله، في حين أن كثيراً من الأعمال لا تقبل هذا النوع من القياس، ولعل هناك كثيراً من الأسباب التي تدعم هذا التوجه، فالعمل اليوم، وفي معظم الدوائر، أصبح يُنجَز بفضل وجود فريق عمل يكمل بعضه بعضاً، ولا يستقيم الإنجاز إذا اختل هذا الفريق، وقلة من المديرين هم من يعرفون دور وإنجاز كل عضو في هذا الفريق، كما أن الأهداف تتغير بسرعة شديدة، ولم يعد هناك من يضع أهدافاً على مدار 12 شهراً، بل هناك أهداف شهرية، وأخرى أسبوعية!

نظام التصنيفات التقليدية الحالي يقلل التعاون بين فريق العمل، لأن المدير الذي معه 10 موظفين متميزين ونشطاء عليه أن يفاضل بينهم، ويمنح التصنيف الأعلى لاثنين منهم فقط، وهذا أمر يقتل التعاون بين الموظفين، ولا يسمح أبداً باستقطاب الأشخاص الموهوبين أو الاحتفاظ بهم!

لا شك أن هناك قلقاً من استبدال أنظمة التصنيفات، وخوفاً من تراجع الأداء، لكن جميع الشركات العالمية التي استبدلت هذا النظام أصبح موظفوها أسعد، وهذه النتيجة ليست مفاجئة، فمعاملة الموظف على أنه إنسان، وليس رقماً، هي مقاربة أفضل على أية حال!

reyami@emaratalyoum.com

twitter@samialreyami

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .