5 دقائق

الجنرال ماتيس.. تصحيح مسار؟

عبدالله القمزي

لاتزال الفترة الانتقالية التي تمرّ بها الولايات المتحدة الأميركية اليوم هي الأغرب والأكثر غموضاً في هذا القرن. لا نريد أن نصدر أحكاماً متسرعة على الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، خصوصاً أن الرجل لم يأخذ فرصته بعد، وليس الشأن الأميركي الداخلي اهتمامنا الأول. المهم هو كيف ستكون سياسة هذا الرجل الخارجية تجاه المنطقة بشكل عام ودولتنا بشكل خاص.

المعروف أن الرئيس، باراك أوباما، نأى بنفسه كثيراً، وابتعد عن حلفاء الولايات المتحدة التقليديين، ومال أكثر لإيران من دون أن تقدم الأخيرة أي تنازلات، ووجدناها تغوص أكثر في مخططها العبثي والتخريبي في المنطقة. لا نريد أن نأخذ ترامب من منظور الإعلام الأميركي الفاشل حسب وصف الأخير (مرة أخرى الرجل ليس بالضرورة مخطئاً في هذا الوصف)، بل ما نريده هو محاولة فهم سياسة الرجل من خلال قراءة اختياراته لرجال حكومته اليوم.

ترامب ليس له أي خبرة في السياسة، بل هو رجل أعمال عالمي معروف، لكن حسب معظم المراقبين فإن خطوته المنطقية الأولى هي الاستعانة بخبراء ومستشارين لمساعدته في رسم سياسته الخارجية وهي الأهم بالنسبة لنا. ترامب، الأسبوع الماضي، اختار الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس، الشهير بلقب «الكلب المسعور» وزيراً للدفاع. هذا المشهد يذكرنا بما يحدث في الأفلام الأميركية عندما يتقاعد رجل متمرس ومعروف فيأتيه طلب تنفيذ خدمة أخيرة.

المعروف أن ماتيس عدو لإيران، وله مواقف متشددة جداً ضد الإرهاب، هذا يعني أننا قد نكون بصدد مشاهدة مواقف تصحيحية من إدارة ترامب لسياسة أوباما الخارجية التي لم تكن في مصلحة المنطقة. الجنرال ماتيس مفكر عسكري، ويعبر عن أفكاره بطريقة غير تقليدية وعفوية وغير دبلوماسية، وهذه المواقف سبب إطلاق ذلك اللقب عليه.

الجنرال ماتيس من أنصار الواقعية السياسية (التعامل مع الدول وفق قوتها وتأثيرها الواقعي)، ويقدر العلاقات التاريخية والعسكرية للحلفاء التقليديين للولايات المتحدة (على النقيض من سياسات أوباما المثالية، المعتمدة على التنظير في كيف يجب أن تكون العلاقات الدولية).

الجنرال ماتيس انتقد بشدة سياسة أوباما الانكفائية التي أعطت حلفاء واشنطن انطباعاً بالابتعاد عنهم، وامتدح علاقات الصداقة مع الحلفاء التقليديين مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، إلى جانب الشقيقات السعودية والأردن ومصر، قائلاً إن «الإمارات حليفة تقليدية، ومن النادر أن تجد حليفاً من هذا النوع الذي لا ينبغي أبداً التفريط فيه، وهي دولة تسعى دائماً إلى المشاركة في تثبيت الاستقرار السياسي وإحلال السلم المجتمعي في كل الدول الشقيقة والصديقة». كما قال في وصف قواتنا المسلحة «إنها ليست مستعدة فقط للقتال للدفاع عن وطنها ومكتسباته، بل لديها محاربون عظام»، وقال «إنه يكنّ كل احترام لدولتنا، خصوصاً أنها أثبتت قوتها إقليمياً رغم صغر المساحة الجغرافية».

مسك الختام: لانزال في مرحلة ما قبل البداية، ولا يمكن التنبؤ بشيء، لكن يبقى اختيار الجنرال ماتيس لحقيبة الدفاع، في ضوء المذكور أعلاه، علامة قد تكون جيدة. ترامب ليس بوش ولا يمكن مقارنته به أبداً، لكن في ظل تخبطات إدارة أوباما في الساحة الدولية، يبقى هناك بصيص من الأمل في أن تصحح إدارة ترامب المسار ولو على الأقل في هذه المنطقة.

Abdulla.AlQamzi@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه . 

تويتر