5 دقائق

مظاهر!

د.عبدالله الكمالي

مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي ظهرت بعض السلوكيات التي ما كان يعرفها الناس سابقاً، فمن تأمل الصور المنشورة في موقع «إنستغرام» فإنه سيرى العجب من بعضهم، فليست المسألة نشر صور جملية التقطها الإنسان وصورها، بل أصبحت المسألة عند بعضهم مظاهر يتفاخرون بها، فهذا يصور سيارة فخمة يزعم أنه يمتلكها، وأخرى تصور يدها وفي معصمها ساعة فخمة للغاية، بل بعضهم يضع صورة طفل جميل موهماً الناس بأنه ابنه، ثم يكتشف الناس أنها صورة مأخوذة من «النت»! وبعضهم يوهم الناس بأنه يملك كذا وكذا على غير الحقيقة، وبعضهم يضع صوراً لسلع مقلدة فينبهر الناس بها وكل هذا بدافع المظاهر.

التقنية الحديثة من نعم الله العظمى علينا في هذه الأزمان، فمن استغلها في الخير فهو الموفق.

ولست أمنع من وسّع الله عليه أن يلبس الثياب الطيبة أو يقتني السيارات الفخمة، ولكن عندما تصبح المسألة مجاهرة بالمفاخرة على مسائل الدنيا، فهنا لابد أن نتوقف، وأن نتقي الله فهذه المباهاة قد تفتح باباً عظيماً للشيطان فينتشر التحاسد، وقد يقع بعض الخلافات الأسرية بسبب هذه الصور، فقد تخاصم امرأة زوجها وتقول له: فلانة وزوجها يسافران مرات عدة سنوياً، وزوج فلانة يهديها هدية جميلة كل فترة، وتبدأ بمعاتبة زوجها لأنها اطلعت على صور لهذه الأمور وضعتها فلانة في «إنستغرام».

وبعض الأخوات قد تنشر صوراً خاصة لها في مواقع التواصل من دون قصد، فيطلع عليها الزوج الذي لا يعلم عن هذه الصور شيئاً فيقع بعد ذلك ما لا يحمد عقباه، وبخصوص نشر صور الأطفال الصغار في هذه المواقع فأخشى والله أن يصاب بعض الأطفال بالعين، ومن قرأ تعليقات بعضهم على الصور المنشورة في «إنستغرام» تعجب منها: فلا تجد من بعضهم دعاء بالبركة، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: «إذا رأى أحدكم ما يعجبه في نفسه أو ماله فليبرك عليه فإن العين حق»، بل بعضهم يعلق بكلمات غير جيدة، كقوله: «عثرة» أو «خيبة»، أو غيرها من الكلمات التي توحي بتعلق قلب الإنسان بما في يد الآخرين.

والعاقل مَن إذا رأى نعمة أنعمها الله على غيره فرح بذلك وسأل الله زيادة الخير لنفسه وللجميع، والعاقل أيضاً من إذا أعطاه الله نعمة علم بأن المفاخرة بها على الخلق سبب لمحق البركة وزوال النعمة، بل كلما أعطاه الله نعمة ازداد تواضعه لله، فعلينا أن نستغل هذه المواقع بشكل سليم وصحيح فالتقنية من نعم الله العظمى علينا في هذه الأزمان فمن استغلها في الخير فهو الموفق.

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

alkamali11@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه.

 

تويتر