5 دقائق

لبيك اللهم لبيك

د.عبدالله الكمالي

يقبل الناس في هذه الأيام على مكة المكرمة قائلين: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك»، رافعين أصواتهم بها، جاءوا من كل فج عميق، ففي مكة المكرمة يتساوى الجميع: العربي والعجمي والأبيض والأسود، كلهم جاءوا ليطلبوا الفضل من رب البيت العتيق ورب البلد الحرام، مشاعر مختلفة جياشة في قلوب هؤلاء الحجاج، فلو سألنا من حج مرات عدة ما مشاعرك قبيل ذهابك للحج؟ ربما يكون الجواب بدموعه بدل كلماته، ففي مكة المكرمة تفيض في القلب مشاعر التوبة والندم والعودة لله جل جلاله، فذنوبنا، والله، كثيرة، ولكن الطمع في فضل الله وعفوه ورحمته كبير أيضاً، وفي مناسك الحج يمتلأ القلب، بإذن الله، محبة لله، ومحبة لرسوله عليه الصلاة والسلام، القائل: «خذوا عني مناسككم» فمن وقف بعرفات تذكر نبينا صلى الله عليه وسلم، ومن بات بمزدلفة تذكر نبينا عليه الصلاة والسلام، وهكذا في جميع المناسك، وأما طواف الوداع فلا تسل عن بكاء المودعين لمكة وصعوبة فراقهم لها، فقد جعل الله لهذه البلدة محبة كبيرة في قلب كل مسلم، فهي البلد الأمين الذي أقسم الله به في القرآن الكريم.

إن مظاهر الإخوة الإسلامية تتجلى بشكل واضح أثناء حج بيت الله الحرام، فكم من زملاء وأصدقاء تعرفت إليهم أثناء الحج ومازلت أتواصل معهم إلى يومنا هذا!

وفي الحج يبتعد المسلم عن التعلق بالدنيا ويتذكر الآخرة، فلن نغادر الدنيا إلا بشيء يسير من الثياب، فهل تستحق الدنيا كل هذا الاقتتال والتحاسد والتشاجر عليها؟! ولماذا يتكبر بعضهم على الخلق ويمشي في صلف وتيه وتجبر، فهل نسي أنه سيخرج من الدنيا ولن يحمل معه شيئاً من متاعها؟!

وفي الحج: ذلة وخضوع وتوجه لله جل جلاله، فكم في أذكار وأدعية الحج من ثناء عظيم على الله وسؤال وإلحاح عليه، فهنيئاً، والله، لمن كانت هذه حاله، بل يحلق الحجاج رؤوسهم قربة وخضوعاً لله، وكأن لسان حالهم يقول: يا رب خضع لك رأسي وناصيتي فاغفر لي، وأجساد تعبت لنيل فضل الله، وعظام كلّت طمعاً في رحمة الله لها وفضله الكبير، فالحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة، كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم.

وفي الحج تذكير للإنسان بأهمية التوبة والإنابة والإقبال على الله، فكثرة الطاعات والحسنات تذهب السيئات بفضل الله، وكم من إنسان أقبل على الحج فرجع بعد حجه وقد تغير حاله، فاللهم ربنا تقبل منا واغفر لنا.

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

@alkamali11

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر