‬‬5 دقائق

تناقضات !

د.عبدالله الكمالي

يعيش بعضهم تناقضات عظيمة، خصوصاً إذا لم يكن من الذين ينطلقون من مبادئ ثابتة تضبطها أدلة الكتاب والسنة بفهم أئمة الشرع والدين، فتجد من بعضهم تصريحاً بأنهم يبايعون ولي الأمر، لكن حالهم يناقض قولهم، فتجد بعضهم يبايع مرشد الجماعة أو شيخ الطريقة، وتجد من آخرين الغمز واللمز بين الحين والآخر في ولاة الأمر، وتجد من بعضهم التنظيمات والاجتماعات السرية، وتجد منهم سلبية كبيرة تجاه كل مجاهر بعداوة ولاة الأمر، ولو كان من عتاة الخوارج، وللأسف الشديد، فأين قوله بأنه يبايع ولي الأمر على السمع والطاعة! وتجد بعضهم يصرّح بأنه لا ينتمي إلى الجماعة الفلانية، لكنه يدافع عنها دفاعاً مستميتاً، ويرد على كل من ينتقدها، ويصاحب من ينتمي إليها، فانظر إلى التناقض الكبير بين قوله وحاله! وتجد بعضهم ينتقد المنكر الفلاني في الدولة الفلانية، ويذكر الأدلة الكثيرة الدالة على تحريم الشرع لهذا الأمر، لكن إذا وقع المنكر نفسه أو ما هو أشد منه في بلد آخر، وكان رئيس هذا البلد موافقاً لحزبه وجماعته بدأ بالتبرير والاعتذار لهذا الرئيس، وتذكير الناس بنصوص السمع والطاعة لولاة الأمر، ووجوب النصيحة السرية له، مع أنه لا يذكّر الناس بحقوق ولي الأمر في بلده، الذي بايعه هو وغيره على السمع والطاعة، بينما تجده يذكر حقوق رئيس لم يبايعه على السمع والطاعة، وهذا أيضاً تناقض غريب.

ومن عجائب التناقضات أن يدعو بعضهم إلى الثورات، والخروج على الحكام، وذكر ظلمهم، ووجوب إعطاء الشعب مساحة للتعبير عن رأيه بالتظاهرات وغيرها، بينما تجده يحرّم هذه الأمور تحريماً شديداً إذا كانت هذه الثورات تتعلق ببلد تحكمه جماعة معينة يؤيد فكرها، ومن أغرب تناقضات بعضهم ثناؤه على حاكم دولة شقيقة، لأنه زار قطاع غزة، وبعدها مباشرة يبرر لمن يثور على حاكم دولة شقيقة، ويذكر أن حاكمها لم تجتمع فيه صفات الحاكم الشرعي! كأن الحاكم الذي أثنى عليه اجتمعت فيه جميع صفات الخليفة الأعظم! ثم بعد هذه التناقضات يتراجع ويكتب «عفا الله عما سلف»، ويتناقض بعضهم أيضاً فيدافع عن تنظيم القاعدة بأنه لا جرأة عند قادته على التكفير وسفك الدماء، ثم يذكر بعد أيام يسيرة أنه يتراجع عن كلامه السابق، وأن التنظيم مجازف في التكفير، جريء على الدماء، مع أن المتكلم عضو في لجنة مناصحة من يتبنى أفكار التطرف والغلو!

إن من أعظم أسباب هذه التناقضات عدم الالتزام بضوابط الكتاب والسنة، فمن ترك هذه الضوابط فإنه لا محالة واقع في التناقض، فهو يفرق بين الأحكام الشرعية من غير ضوابط أو قواعد، فالحلال هنا حرام والحرام هناك حلال! ولو أن المتكلم راعى شرع الله، ولم ينظر إلى حزبه وجماعته وجمهوره لما وقع في هذه التناقضات، بإذن الله عز وجل، ولا يسعنا بعد ذكر هذه التناقضات إلا أن نتوجه إلى الله جل جلاله بأن يمنّ علينا بالهداية والسداد والثبات.

اللهم آمين!

مدير مشروع مكتوم لتحفيظ القرآن الكريم بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

alkamali11@

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر