يا جماعة الخير

البث الرباني المباشر!

مصطفى عبدالعال

في خلافة سيدنا عمر بن الخطاب أراد أحد الحاقدين أن يبث سموم حقده في مدينة العلم سيدنا علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، فسأل الطفيلي سيدنا علياً: لماذا يسلم دائماً لأمير المؤمنين عمر حتى لو اختلف معه في الرأي، فقال علي رضي الله عنه: كان صلى الله عليه وسلم يهتم بالرؤيا التي أراها وأقصها عليه ويبشرني بأنها البشرى لأولياء الله - يراها المؤمن أو تُرى له - { أَلا إِن أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ الذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتقُون لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدنْيَا وَفِي الآخِرَةِ}. (يونس62 - 64).

وذات ليلة بعد خلافة عمر رأيت رؤيا لا تُنسى ولا يُنسى ما بعدها، رأيت أني أتوجه لصلاة الصبح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمسجده، فاستوقفتني على باب المسجد امرأة بيدها طبق فيه تمر، أعطتني إياه قائلة: أعطه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتصبح منه هو ومن معه، فأخذت الطبق ودخلت المسجد فأعطيته له صلى الله عليه وسلم، فلما تناوله بدأ بي وأخذ تمرة أعطانيها فأكلتها، فما وجدت عمري في حلاوة طعمها وطيب مذاقها، وتاقت نفسي إلى أن يعطيني أخرى، لكنه راح يوزع على الصحابة، وانتبهت من نومي فإذا أنا على وقت الفجر، فتأهبت للصلاة وتوجهت لأصلي بالمسجد النبوي خلف أمير المؤمنين عمر، ولما اقتربت من المسجد هالني أن أرى نفس المرأة التي رأيتها في منامي وتحمل نفس طبق التمر الذي رأيته، وإذا بها تقبل نحوي بالطبق فقلت لها: ليتصبح منه أمير المؤمنين ومن معه؟ قالت نعم، جزاك الله خيراً، فدخلت في دهشتي على عمر وقدمت له الطبق ولم أخبره شيئاً، فبدأ أمير المؤمنين بي وتناول تمرة أعطانيها، فوالذي رفع السماء بلا عمد لهي نفس الطعم والمذاق الذي لايزال في فمي، فلم أتلكأ في طلب أخرى وبادرته قائلاً: زدني يا أمير المؤمنين، فإذا به يقول لي: لو زادك رسول الله لزدناك يا علي!

آه وألف آه، { الذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتقُونَ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدنْيَا وَفِي الآخِرَةِ }. إرسال واستقبال من مشكاة واحدة، دائرة مغلقة بين الله والمتقين من عباده يستقبلون بثاً واحداً لا تتداخل عليه الموجات العارضة، يقينٌ يغني النفس عن اتباع الهوى والسير في دياجير الظلام، سكينةٌ تتنزل ورحمةٌ تغشى المتقين فتحصنهم من زلات الشهوات وترفع هممهم إلى ملكوت السماوات، هذه التقوى هي كبرى ثمرات الصوم، وصدق الله { يَا أَيهَا الذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلكُمْ تَتقُونَ }. واليوم 20 من شهر الصيام والليلة أول ليالي العشر الأواخر منه، وفيها ليلة القدر، من اغتنم العشر حصلها بلا شك، فكأنما صلى وصام وقام 83.3 سنة كاملة بكل ساعاتها بل أكثر { ليلة القدر خير من ألف شهر}.

والمشكاة التي أخذ منها سيدنا عمر وسيدنا علي وكل الأولياء والصالحين على مر التاريخ لاتزال وستظل يسح خيرها على الراغبين، فهل ترغب في الاشتراك في هذا البث الرباني؟

المستشار التربوي لبرنامج « وطني »

mustafa@watani.ae

 

تويتر