كل يوم

في انتظار الخطوة الأخيرة!

سامي الريامي

«أن تأتي متأخراً، خير من ألا تأتي أبداً»، وأن يبدأ المصرف المركزي في «دراسة» كيفية السيطرة على ارتفاع رسوم خدمات المصارف ووضع سعر لكل خدمة، خير وأفضل من ترك المصارف تستبد وتبالغ في فرض رسوم خدمات على المستهلكين والمودعين عشوائياً بشكل منفر، من دون الأخذ بأية اعتبارات قانونية أو اجتماعية أو اقتصادية.

تشكيل لجنة من مسؤولين في المصرف المركزي وممثلين عن المصارف للتشاور من أجل وضع صيغة ترضي جميع الأطراف، وتحد في الوقت نفسه من الغلو في أسعار الخدمات، خبر يثلج الصدر ويريح آلافاً، بل عشرات الآلاف من المتعاملين مع المصارف، من الناس البسطاء والموظفين والمستثمرين، فجميع الشرائح عانت هذه المسألة، وجميع الشرائح الاجتماعية تضررت جراء غياب الرقابة على المصارف في مسألة الرسوم وفرضها وزيادتها.

ولا أدري لماذا طلب المصدر في المصرف المركزي عدم نشر اسمه مع هذا الخبر الإيجابي المفرح، فلو كنت مكانه لنشرت اسمي ورقم هاتفي وعنواني الإلكتروني وغير الإلكتروني، لأني من دون شك سأكسب دعاء عشرات الآلاف من العجائز والأرامل والموظفين وحتى التجار والمستثمرين.

لم يطالب أحد بتوحيد رسوم جميع الخدمات على مستوى المصارف، فهي عملية صعبة التطبيق في ظل اقتصاد السوق المفتوحة، نتفهم ذلك، لكن وضع سقف أعلى للرسوم مسألة ضرورية مقبولة ومطبقة في كثير من الدول، ولنترك المجال للمصارف لتتنافس تحت سقف الرسم الذي يحدده المصرف، ولتصبح العملية مرهونة بإطار منظم تتحرك البنوك من خلاله عند تسعير الخدمات.

جميل جداً أن يعترف المصرف المركزي بأن الرسوم المصرفية ارتفعت بشدة في الآونة الأخيرة، خصوصاً على العملاء الأفراد، والفضل في ذلك إلى العملاء أنفسهم، الذين صدحوا بالشكوى طوال الأشهر الماضية وتحدثوا عن مبالغات البنوك والمصارف، وفتحت «الإمارات اليوم» لهم صفحاتها لتظهر على السطح قصص ومواقف هي أقرب للطرف والخيال، وبدأنا نسمع ونقرأ عن ممارسات غريبة ورسوم مضحكة ومواقف تثير الاستياء، إلى أن تحرك المصرف المركزي ووعد بالتدخل.

الأجمل من نشر الشكاوى، نشر التجاوب الرسمي بعدها، وموقف المصرف المركزي الذي أكد أنه سيراجع معايير تحصيل الرسوم، فيه كثير من التجاوب مع مطالبات كثير من العملاء طوال أشهر عدة ماضية، وهذا موقف مسؤول ومشرف ويستحق الإشادة والتقدير، لأنه على أقل تقدير عزم على مواجهة المشكلة ولم يتجاهلها.

قضية عشوائية رسوم البنوك والمبالغة فيها، منذ بداية إثارتها في الصحيفة وحتى إعلان المجلس الوطني مناقشتها في جلسة اليوم، وتأكيدات المصرف المركزي بالعمل على إيجاد حل مقبول لها، هي بحق نموذج لأهمية الاستماع إلى شكاوى الناس، ونموذج لدور الصحافة وأهمية تبنيها قضايا الناس المصيرية والملحة، وهي نموذج أيضاً لتجاوب الجهات أالمختصة والإقتناع بجدية الشكاوى، والابتعاد عن أساليب النفي والإنكار ودفن الرؤوس، التي سئم الجميع منها، بقي أن يصرح المصرف بقراراته الملزمة للمصارف في هذا الشأن حتى تنتهي القضية نهاية سعيدة، وتختتم حلقات المسلسل بنجاح.

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر