كل يوم

حساسية لابدّ من مواجهتها

سامي الريامي

واقعة الاعتداء على الطفلة الهندية في حافلة مدرسية من قبل ثلاثة رجال من الجنسية ذاتها، كانت بحق قصة مؤلمة، مؤلمة في تفاصيلها، وفي أبعادها، وخطورتها، وهي ليست حادثة عابرة لا تستدعي التوقف عندها، بل هي قصة رعب يجب أن تملأ القلوب خوفاً وقلقاً، لتدفع الجميع إلى أن يبذلوا ما في وسعهم لمنع تكرارها، وبكل الوسائل الممكنة.

هناك من لام الصحف المحلية على جرأتها في نشر تفاصيل القصة، ونحن بدورنا نتفهّم كثيراً قلق البعض من عرض مثل هذه التفاصيل على أطفالهم، خوفاً من فتح باب النقاش في قضايا يعتبرها كثير من أولياء الأمور فائقة الحساسية، ولكن في الوقت ذاته لا يمكن أبداً أن نعالج مثل هذه الأمور بالتكتم عليها وعدم الإعلان عنها، ومن أجل ذلك فضلت شرطة دبي تزويد وسائل الإعلام بمعلومات عن القضية لعرضها على الرأي العام، وأعتقد أن لذلك فوائد أكبر بكثير من خوف بعض أولياء الأمور من عرض مثل تلك المعلومات على أطفالهم.

بالتأكيد لست خبيراً في مجال التربية، خصوصاً لدى الأطفال، ولا شك في أن هناك كثيراً من الخبراء الذين يمكن أخذ رأيهم في مسألة ما يُعرض وما لا يُعرض على الأطفال، ولكنني أستطيع القول إنه من الضروري جداً وضع الأبناء في الصورة العامة، لا التفصيلية بكل تأكيد، عن كل المخاطر التي يمكن أن يواجهوها في الحياة، ولابد من إعطائهم فكرة عن كيفية التصرف لمواجهة تلك المخاطر، كما يجب أن تكون لديهم صورة واضحة وعامة عن المحاذير السلوكية التي يجب ألا يقترفوها أبداً، خصوصاً عند التعامل مع الغرباء.

لابد من شرح الموضوع بشكل عام، ومبسط، يتناسب مع سن كل طفل أو صبي وصبية، فالغريب لا يجوز له أبداً، وبأي شكل من الأشكال، لمس الطفلة في أي جزء من جسمها حتى اليدين، لأنه غريب وكفى، هذا ما يجب أن تتعلمه كل طفلة من دون الدخول في أي تفاصيل إضافية حساسة ومعقدة ويصعب على عقلية طفل أو طفلة تخيّلها، يجب أن نضع التعليمات في قالب يتناسب مع حجم تفكير الأطفال، المهم أن تصل المعلومة بالشكل الذي يراه أولياء الأمور مناسباً.

أما النشر في الصحف فهو مسألة ضرورية، وهو موجّه في المقام الأول إلى أولياء الأمور حتى يزيدوا من حرصهم، ولا يتركوا أطفالهم ولو للحظة واحدة للظروف، فالمصيبة قد تحدث في هذه اللحظة، كما أنه موجّه إلى الفئة الأكبر والأفهم من الأبناء حتى يدركوا أن المجتمع ليس مملوءاً بالملائكة، فهناك المجرمون والمغتصبون في أشكال وألوان ربما يصعب تمييزها أحياناً.

لا ننكر أن القصة كانت مؤلمة، لكنها أشد إيلاماً في تفاصيلها وفي وقوعها من ألم نشرها في الصحف، فالصحافة تنقل الحوادث والجرائم بهدف التوعية والتنبيه، ولا يمكن أبداً التوقف عن ذلك، هناك جرأة في النقل، نعم هذا صحيح، لأن هناك أيضاً جرأة في الفعل، جرأة في تنفيذ جريمة دنيئة لا يستوعبها العقل والمنطق، فهل من العقل والمنطق مواجهتها بالتستر والتكتم؟!

reyami@emaratalyoum.com

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر