يا جماعة الخير

تأدّب مع سيد المرسلين ..لو سمحت

مصطفى عبدالعال

من مكة المكرمة، أحوج البقاع إلى سلوكيات المسلم الواعي عاش الحجاج قوله صلى الله عليه وسلم: «خذوا عني مناسككم». وقوله على جبل الرحمة في عرفات: «وقفت ههنا، وعرفة كلها موقف». والذين وعَوا قوله صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين»، أنقذوا أنفسهم من الاقتراب من الموت، فمنهم من قدم الذبح على الحلق والطواف، ومنهم من قدم الطواف والسعي والحلق على الرمي، لأنه صلى الله عليه وسلم ما سئل يوم النحر عن شيء قُدم ولا أُخر إلا قال: «افعل ولا حرج»، بينما آخرون تمسكوا فقط بأفعاله، فضاعت عليهم فضائل كثيرة لما تمسكوا بمعلومة واحدة يعرفونها - وهي صحيحة - وغابت عنهم، ومن المصدر نفسه، صلى الله عليه وسلم، معلومات أكثر، لأن سنته قولية وفعلية وإقرارية. يا جماعة الخير، قرابة خمسة ملايين في المناسك هل بوسعهم جميعاً تطبيق السنة الفعلية فقط؟ إذاً لماذا كانت السنة القولية والإقرارية في حديث: ما سئل عن شيء إلا قال «افعل ولا حرج»؟

لكن لست أنا ولا أنت من يفتي بالجواز أو المنع ولا الحرمة ولا الحل. وهذه الطامة الكبرى في الحج وفتاواه من كل من هب ودب، من منطلق «هذا ما وجدنا عليه آباءنا».

لما نزلت الأمطار سيولاً بمنى أيام التشريق كان اختلاف الفقهاء ودراسة أحكامهم من المتخصصين في الدين رحمة وحكمة، فقد قال أبوحنيفة: إن المبيت بمنى كل ليالي التشريق سنة وليس واجباً، وإن قال غيره العكس، فلماذا لا ننقذ نساءنا وشيوخنا ومرضانا باتباع هذا الحكم؟ لماذا وضعت إماراتنا الحبيبة في كل حملة حج واعظاً معتمداً مزوداً بكل الفتاوى في هذه القضايا المتكررة؟ فإن قال كلمته انبرى له بعض غير المتخصصين المعتمدين على معلومات عامة برفض فتواه، ما يثير البلبلة بين جموع الحجاج، أليس الواعظ المفوض معتمداً من ولي الأمر؟ إن قيل بلى، فلا إثم أبداً في اتباعه ولو أخطأ، فالخطأ المظنون في الواعظ أصح من كلام الجاهل بعلم الواعظ، فضلاً عن أرقام هواتف لجنة الوعظ الإماراتية الموزعة في كل مكان. نعود إلى «خذوا عني مناسككم»، فالأساس اتباعه صلى الله عليه وسلم، وهذا يأتي بمحبته:

لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع

ولو وصلنا كلامنا بالمقال السابق «زر حبيبك لو سمحت» فهل يليق بحبيب أن يتجاهل زيارته صلى الله عليه وسلم حتى يسأل مسلم عن دليل لوجوب زيارته؟ بالله عليك، أيقول عاقل: لا تزر أباك في قبره لأنها عبادة قبور؟ صدق الشاعر: وليس يصح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل

ومع ذلك لو نظرنا إلى كتيب «الحج خطوة خطوة» الذي وزعته دائرة الشؤون الإسلامية على الحجاج لوجدنا فصلاً عن زيارته صلى الله عليه وسلم وزيارة مسجده، وفيه الحديث «من صلى علي عند قبري سمعته، ومن صلى علي غائباً أبلغته». (رواه أحمد).

أليس من الوفاء والسنة زيارة المحبوب في قبره؟

المستشار التربوي لبرنامج وطني

mustafa@watani.ae

لقراءة مقالات سابقة للكاتب يرجى النقر على اسمه .

تويتر