على الهواء مباشرة

حمدان الشاعر

استُدرجت شاشاتنا في الأسبوعين الماضيين نحو خطوط حمر ومناطق محظورة.. تورطت بها في شباك كرة القدم التي كان من المفترض لها أن تبقى مجرد لعبة قائمة على الإمتاع والتسلية.. تسودها روح رياضية صرفة، ولكنها، وللأسف، خرجت عما هو مقبول وأصبحت لعبة من نوع آخر، لعبة لأشخاص استهوتهم إثارة الفتنة وتأجيج القيل والقال، غافلين عن دقة الموقف وحساسيته حين تعلن صفارات الإنذار عن تسلل الاتهامات بين طرف وآخر.. وانعكاساتها سلباً على العلاقات بين شعوب الخليج، والتي هي أكبر من مجرد سلوكيات غوغائية تصدر من فئات غير واعية ولا تمثل إلا نفسها.

المحطات الفضائية لم تنتبه منذ سنوات خلت إلى أن دورها في إزاحة الفواصل بيننا وبين الآخرين أمر أساسي وأن التقارب بين شعوبنا هو قدر مصيري ذو أهمية بالغة، وكونها تحتل جزءاً كبيراً في خارطة تفاصيل حياتنا اليومية يجعل منها لاعباً رئيساً في غرس فكر وحدوي، أساسه تقدير الآخرين واحترام منجزاتهم، وأن الخلاف أو الاختلاف هما مجرد أمور هامشية لن تؤثر أبداً في عمق العلاقات وجذورها .

أطراف عديدة ساهمت في احتدام نار الخلاف وإذكاء روح التعصب على الهواء مباشرة.. أشقاؤنا أخطأوا كما أخطأنا، وفي أحيان كثيرة كانت تنقصنا الحكمة الكفيلة بإدارة الأزمة المفتعلة على النحو الذي يليق بنا كشعب أصيل متآخٍ مع الآخرين، لا تستثيره محاولات رخيصة لاستدراجه لردود أفعال لا تحمد عقباها.

لا يخفى على كثير من مسؤولي محطات التلفزيون خطورة الوظيفة التي يشغلونها ودورها المحوري في تقديم رسالة إعلامية ناضجة تليق بالمشاهد وتليق بالوطن، وأن أساس الأمر هو اختيار كفاءات واعية مدربة ومؤهلة تعي دورها بكل مسؤولية واقتدار، فما حدث كانت تنقصه الحرفية وثقافة التحاور الهادف والحوار العميق الذي يضيف، بالضرورة، للمشاهد معلومة جديدة جديرة بالاهتمام.

انفض العرس الخليجي.. لكننا لم نكسب سوى خصومات غير مبررة، وإثارة رخيصة نسفت كل ما علق في ذاكرتنا من شعارات قديمة، مثل «خليجنا واحد.. وشعبنا واحد»، وفي وضع مأزوم كالذي تمر به الأمة اليوم، فإن التلاحم ونبذ الفرقة مطلبان ملحان لنبقى دوماً شعباً واحداً وأمة واحدة من الخليج إلى المحيط.

hkshaer@dm.gov.ae

تويتر