Emarat Alyoum

قرّان المنصوري: 10 دقائق في حضرة زايد كانت كفيلة بتغيير وجهــة نظرنا للأفضل

التاريخ:: 17 أغسطس 2018
المصدر: عُلا الشيخ - أبوظبي
قرّان المنصوري: 10 دقائق في حضرة زايد كانت كفيلة بتغيير وجهــة نظرنا للأفضل

قال قرّان بن مبارك المنصوري، ابن رفيق درب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، الراحل مبارك بن قرّان المنصوري، إن الجلوس لمدة 10 دقائق فقط، مع المغفور له الشيخ زايد كانت كفيلة بتغيير وجهة نظر الجميع إلى الأفضل، كما كان، طيّب الله ثراه، في مجلسه مستمعاً جيداً لكل من حوله، وعندما يتحدث تكون الحكمة أساس قراراته.

ومبارك بن قرّان المنصوري، الذي رحل عن عالمنا أخيراً، كان في جعبته حكايات كثيرة عن الشيخ زايد، اختصرها بعبارته شهيرة: «لو أقضي سنوات في وصف المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، فلن أوفيه حقه على الإطلاق».

وللابن قرّان حكاياته أيضاً، إذ داوم على حضور مجلس المغفور له الشيخ زايد لأكثر من 20 عاماً، وكان أول لقاء وهو في عمره 12 عاماً، عندما رافق والده في زيارة للمغفور له الشيخ زايد، وعن هذا اللقاء قال: «ذهبت لأرى الشخص الذي يحبه كل الناس، لم أكن حينها أعي معنى وصف رئيس دولة، هو بالنسبة لي الوالد الذي نحبه ونقتدي به، يومها ناداني بإشارة أب لابنه بأن اقترب إليه، وسألني عن عمري، وماذا أريد أن أصبح في المستقبل؟».

ومع أول لقاء ذكر أيضاً آخر لقاء له مع الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، قبل رحيله بقليل فقال: «ناداني بالطريقة نفسها التي ناداني بها عندما كنت صغيراً، وسألني هذه المرة كم عدد أبنائك فأجبته، وكم هو راتبك، فأجبته أيضاً، وسألني هل يكفيك راتبك ويزيد، قلت له نعم، فطلب مني أن تكون الزيادة لفعل الخير».

وأضاف المنصوري: «كان الشيخ زايد بالنسبة لي، ولكل من يعيش على أرض الدولة، المعلم الذي يحتضن أبناءه ويقدم لهم كل الخير».

وقد حرص ابن مبارك المنصوري، أن يكون ابنه منصور، الذي يدرس الهندسة في اليابان، حاضراً في حواره مع «الإمارات اليوم»، وكأنه يريد لابنه الذي سمع حكايات كثيرة عن الشيخ زايد من جده الراحل، أن يسمعها مرة أخرى بلسان أبيه.

وتابع المنصوري «علينا أن نحكي دائماً عن نهج زايد أمام أبنائنا، النهج الذي أتمنى أن يتم جمعه في كتاب واحد، واعتماده كمادة رئيسة في المناهج، لأن كل القصص التي يتم تداولها على لسان من عايشه جديرة بأن تصبح كتاباً يدرس لمراحل مختلفة، وأنا ومعي ابني أقول إن الجيل الذي لم يعايش المغفور له الشيخ زايد يحبه بقدر حبنا، من كثرة القصص التي يتم تداولها، وهي التي لا تنته فعلاً».

ولفت إلى أنه «داوم على زيارة مجلس المغفور له الشيخ زايد لأكثر من 20 عاماً، وكان المغفور له مستمعاً جيداً لكل ما يتم طرحه في المجلس، وعندما يأخذ دفة الحديث تكون الحكمة هي أساس قراراته»، مضيفاً «كنا نتعلم منه كل يوم الجديد، ففي إحدى المرات تأخر أحدهم عن المجلس، فسأله المغفور له الشيخ زايد عن السبب، فأجاب بأنه تأخر في النوم، وكان جواب الشيخ زايد درساً لن أنساه ما حييت، إذ قال، طيّب الله ثراه: (لا أذكر آخر مرة أخذت نومي كفاية)، قالها وكأنها حديث عابر، لكن جميع من كان بالمجلس وصلته الرسالة، بأن التعب في حضرة البناء والتخطيط لسعادة الشعب غير مسموح به في الوقت الحالي، ومن يومها لم يتأخر أحد عن المجلس».

وقال المنصوري، إن «المغفور له الشيخ زايد، كان دائم الحديث عن الإنسان والعمل والعلم، وكان حريصاً على بناء جيل من الإماراتيين المتعلمين، لأنه يعي قيمة العلم، وكان يقول دائماً: (نريد أن نكون جزءاً من العالم بإنسانيتنا وعلمنا وعملنا وأخلاقنا، هكذا نجابه ونتنافس منافسة شريفة مع كبريات الدول، فلا شيء ينقصنا، الخير موجود، والمحبة موجودة)».

وأضاف: «لم يتعب أحد بقدر المغفور له الشيخ زايد، فذات يوم قال لنا قصة استهجان الكثير من الناس، سواء من داخل الدولة أو خارجها بأننا نزرع الصحراء، وكان يؤكد أنه سعيد أن الله أعطاه هذه الهبة ليسخّرها في خدمة البشر ونجح في ذلك»، متابعاً: «لدى العرب عادة أصيلة، لكل جماعة كبيرها، وكبيرنا كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وكنا حتى لو جلسنا معه 10 دقائق تكون كفيلة بتغيير وجهة نظرنا إلى الأفضل، وقد كان، طيّب الله ثراه، لا يحب الثناء، ودائماً يقول لنا (لا ضرر أن نسعد لأي إنجاز، لكن لا نعتبر هذا الإنجاز هو الأخير أو الأفضل)، وكانت وصيته دائماً أن نتحلى بالصبر».

وذكر المنصوري، أن «المغفور له الشيخ زايد كان عندما يأتيه طلب من أحد المقيمين العرب، يلبيه فوراً وبسعادة، وسأله أحدهم عن سبب هذه السعادة، فأجاب (الإماراتيون لديهم حكام يعدلون، ونقدم لهم كل ما يحتاجون إذا طلبوا أو لم يطلبوا، أما أخوتنا العرب جاؤوا إلينا بظروف مختلفة، وغالبيتها صعبة، فتلبية حاجاتهم تمنحني السعادة، لأنهم لجأوا إليّ لشعورهم بالأمان هنا، وبأنهم ليس غرباء».

وقال إن «الجميع يتحدث عن حب زايد للنباتات، وهذه حقيقة، ومع هذا الحب ثمة رسالة أيضاً، فكان طيّب الله ثراه يربط النبات بالحياة، وكان يقول إن (الإنسان الذي يستطيع أن يزرع، يُقدّر كل شيء بالحياة، خاصة إذا الزرع نما وأثمر)».

وأشار المنصوري، إلى أن «المغفور له الشيخ زايد، كان يتعامل مع جيل الشباب بحنان الأب، وحتى بطريقة توجيهه، فمثلاً كان إذا ما سمع كلمة دخيلة على اللهجة الإماراتية يطلب من قائلها تصحيحها فوراً، إذ كان طيّب الله ثراه، بقدر انفتاحه على كل الثقافات إلّا أن اعتزازه بالهوية الإماراتية كان كبيراً، وكان يحرص على أن يعزز هذه الهوية بـ(الرمسة) الصحيحة، وأيضاً بطريقة اللباس، فمثلاً رابطة الكندورة الإماراتية المعروفة بـ(الطربوشة)، وهي يجب أن تكون للزر الرابع أو الخامس، وذات وقت ظهرت (موضة) بأن تكون طويلة، فكان المغفور له الشيخ زايد إذا رأى شخصاً يرتدي الكندورة بهذه الطربوشة الطويلة يطلب مقصاً ويقصها بنفسه، ليؤكد أن التطور بالعقل والعمل، وليس بإضافة ما لا يلزم على الشكل الأصيل الذي كان يعتز به». وقال: «في قصة ثانية توضح أن المغفور له الشيخ زايد كان ينتبه لكل التفصيلات على الوجوه التي تمر على مجلسه، أن عدداً من الإماراتيين يذهبون إلى الحلاق ليهذبوا اللحية بطريقة دقيقة، وذات يوم سأل، طيّب الله ثراه، أحدهم هل ذهبت إلى الحلاق لحلق لحيتك؟ فأجابه بنعم، فسأله كم دفعت؟ فأجاب 100 درهم، فكان جواب المغفور له الشيخ زايد (100 درهم كانت أولى لأبنائك، وليس لعمل شيء تستطيع فعله بنفسك)».


زايد كان لكل من يعيش على أرض الدولة معلماً يحتضن أبناءه ويقدم لهم الخير.

القائد المؤسس كان دائم الحديث عن الإنسان والعمل والعلم.

القنص والشعر

أكد قرّان بن مبارك المنصوري، أن أطول فترة قضاها بشكل متواصل مع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، كانت في رحلة قنص استمرت لمدة 32 يوماً. وقال «لا أنسى تلك الأيام، التي قربتنا إلى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بشكل مختلف، فهناك عرفته الشاعر والمحب للأدب، والقناص المحترف، وكنا بعد انتهاء الصيد نجلس لنحضر الطعام، وكان كعادته، سواء في مجلسه في العاصمة، أو في رحلات خارج الدولة، يتصرف مع الطعام بشكل واحد، فكنت دائماً أرى أن الطعام أمامه ينتقل إلينا، وعندما سألته، طيّب الله ثراه، كانت الإجابة بأنه رئيس الدولة، ويخشى أن تكون كمية الطعام أمامه أكثر من كمية الطعام لمن حوله».

وأضاف: «كان المغفور له دائماً يحب أن يستمع للشعر، ومرة سألني إذا ما أستطيع صف الشعر، قلت له لست بشاعر، فسألني إذا كنت أستطيع إلقاءه، فقلت له نعم، فألقيت عليه إحدى قصائده».