يتمكن من رسم ما يراه بدقة الكاميرا.. ولوحاته تثير إعجاب مدرسيه

«حمد».. متوحد بذاكرة فوتوغرافية

موهبة «حمد» تعززت بدعم من أسرته. الإمارات اليوم

يتمتع الطالب المتوحد حمد محمد سالم العمري (18 عاماً)، بقدرة استثنائية على رصد المشاهد المحيطة به، وإعادة رسمها بتفاصيلها الدقيقة، معوضاً بذلك عجزه عن التواصل الشفهي مع المحيطين به.

ويوصف (حمد) بين زملائه وأصدقائه بـ«الفنان»، و«عين الكاميرا»، على الرغم من أنه يعيش في عالم له وحده، ويصعب عليه التواصل مع الآخرين، إذ لم ينطق كلماته الأولى بلسانه، بل بريشته التي يعبّر بها عن نفسه، الأمر الذي اعتاد أن يفعله منذ كان في الثانية من عمره.

ويستطيع (حمد) الذي يدرس في الصف الثامن في مدرسة السلامات بالعين، أن يسجل بالرسم كل ما تراه عيناه، وبإمكانه أن يحفظ مثل الكاميرا ما قد يغفل عنه الأصحاء، وما قد يظنه الآخرون غير مهم، ويسترجع ما يحتاج إليه ويفرغه على أوراق الرسم الخاصة به، وتساعده في ذلك أسرته، التي أدخلته مدارس الدمج ليطور موهبته وينميها.

ويقول سهيل، وهو شقيق (حمد) الذي يكبره مباشرة ويدرس الهندسة في كلية الإمارات، إن «الأسرة اكتشفت موهبة (حمد) حين وقعت عيناه على صورة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في التلفزيون، وكان حينها في الخامسة من عمره، فرسمها بطريقة أدهشت الأسرة، وافتتن بها كل من رآها لاحقاً، وأدرك الجميع أن هذا الطفل الذي حرمته الإعاقة الحياة بشكل طبيعي، عُوّض عن ذلك بموهبة نادراً ما تجدها عند الأسوياء».

يمتلك (حمد) ذاكرة كاميرا فوتوغرافية لكل ما يراه، إذ بمجرد رؤيته المشهد مرة واحدة فقط يستطيع رسمه بأدق التفاصيل، الأمر الذي يفعله أثناء رحلته من المنزل إلى المدرسة وبالعكس.

ولد (حمد) في عام ،1994 وعندما بلغ السادسة أدخل مدرسة لذوي الإعاقات، فترة من الزمن، لكنها لم تقدم له ما تطمح إليه الأسرة، فأشركته في برنامج الدمج في المدارس الحكومية، التي كان لها أثر كبير في تفجير موهبته وتنميتها.

وأوضح سهيل أن «(حمد) هو الخامس في ترتيب الأسرة المكونة من 10 إخوة، لكنه منذ الصغر كان طفلاً مدهشاً، سابقاً لعمره بكثير، ومختلفاً منذ يومه الأول، وعلى الرغم من انطوائه الواضح، إلا أنه متيقظ دائماً، وابتسامته تسبق حركاته، وأنامله تترجم ما يراه ويشعر به». وأضاف: «يمتلك (حمد) حساً فنياً مرهفاً، يعوض به إصابته بالتوحد، فلا تشعر بأنه يعاني نقصاً».

وتابع أن «موهبة (حمد) تعززت في العزبة التي تمتلكها الأسرة، إذ كان يشاهد فيها الحيوانات والطيور والشجر، ويعود إلى المنزل فيرسمها على الجدران، لذلك أتينا له بلوح وألوان، وكان في كل مرة يدهش الأسرة بنقل تفاصيل الحياة في العزبة».

وأكد سهيل «إصرار الأسرة على دعم (حمد)، حتى تصل به إلى الجامعة، وتلحقه بإحدى الكليات الخاصة بالفنون».

وبدا (حمد) سعيداً بالمعرض الخاص به، الذي أقامه خلال فعاليات يوم الوفاء لذوي الاحتياجات الخاصة، تحت شعار «حقي أن أتعلم معكم»، ونظمته مدرسة التميز النموذجية في العين، وقال لـ«الإمارات اليوم» إنه «رسم كل اللوحات المعروضة خلال العام الجاري فقط».

وتابع: «أنا صاحب هذه الرسومات، ولم أتلق مساعدة من أحد، أريد أن أصبح رساماً كبيراً، وأرسم كل شيء في مدينة العين وكل أهلها».

إلى ذلك، قال مدرس التربية الخاصة في مدرسة السلامات بالعين، المشرف على (حمد)، عادل شندي، إن «الحاسة الفنية المرهفة لـ(حمد) جعلته مبدعاً يتواصل مع مجتمعه، من خلال إنتاجه أعمالاً فنية باهرة قد يعجز عن تنفيذها الأصحاء».

وأوضح، أن «برنامج الدمج الذي يخضع له (حمد) ساعد كثيراً على تخطي صعوبات التواصل اللفظي، التي عاناها، وهو حالياً ينتظم في اليوم الدراسي كاملاً، ويمارس حياته الطبيعية في المدرسة، وأصبح له أصدقاء كثر من الطلاب».

وأشار إلى أن «المعرض الذي أقامه (حمد) لاقى إعجاب جميع المدرسين والحضور والمسؤولين، وتم منحه درع مدرسة السلامات، وشهادة تقدير».

تويتر