Emarat Alyoum

«داعش» يستقطب أطفالاً بـ «الإقنـاع القسري».. و«أناشيد رفع الإدريناليـــن» لتجنـيــد المراهقين (2-2)

التاريخ:: 23 ديسمبر 2017
المصدر: تحقيق - أحمد عابد
«داعش» يستقطب أطفالاً بـ «الإقنـاع القسري».. و«أناشيد رفع الإدريناليـــن» لتجنـيــد المراهقين (2-2)

أكد خبراء في علم النفس والاجتماع والتقنية، أن تنظيم «داعش» الإرهابي يستهدف تجنيد واصطياد الأطفال والشباب، من أعمار تراوح بين 15 و25 سنة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية، التي تُستخدم خلالها فنون السيطرة على العقول، أو ما يعرف بـ«الإقناع القسري»، فضلاً عن استخدام الأناشيد الحماسية، التي تزيد من نسبة «الإدرينالين» في الجسم، لحثّ المراهقين المجندين على الدفاع عن معتقدات التنظيم المتطرفة.

وأضافوا أن «برامج الرقابة الأبوية لحماية الأطفال على الإنترنت، لا تضمن سلامتهم بنسبة 100%، وتظل التوعية والتثقيف أبرز سبل الدعم للأطفال»، داعين إلى تبني مشروع قومي تعمل عليه جميع أجهزة الدولة، لتحصين الأبناء من خطر التجنيد الإلكتروني، مع ضرورة تطوير طرق غير تقليدية، في مواجهة أساليب التنظيمات الإرهابية، ومنها استغلال الفنون المختلفة، كسلاح مضاد ضدّ قوى التطرف، لاسيما أنها تتضمن عناصر إبهار ترسّخ المعلومات الصحيحة بشكل سلس وقوي، ويتم إنتاج الألعاب الإلكترونية المختلفة، بالتعاون مع شركات الألعاب العالمية.

وكانت «الإمارات اليوم»، نشرت، أمس، الحلقة الأولى من هذا التحقيق الذي يكشف أبعاد ظاهرة «التجنيد الإلكتروني»، والحيل التي تستخدمها الجماعات الإرهابية، خصوصاً تنظيم «داعش»، للتغرير إلكترونياً بالشباب والأطفال، وملء عقولهم بمعلومات مغلوطة، تمهيداً لاستقطابهم في أفعال إجرامية ضد الإنسانية. كما يتطرق التحقيق إلى كيفية تحصين أبنائنا من المحتوى المتطرف الذي تبثه هذه الجماعات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتسليط الضوء على مبادرات دولة الإمارات في مواجهة هذه الظاهرة.


قال الاستشاري رئيس قسم الطب النفسي للأطفال في مدينة الشيخ خليفة الطبية بأبوظبي، الدكتور أحمد الألمعي، إن «عمليات التجنيد الإلكتروني، التي تنفذها جماعات متطرفة، وفي مقدمتها تنظيم (داعش)، تستهدف اصطياد الأطفال والشباب من أعمار تراوح بين 15 و25 سنة، عبر مواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية، إذ تستخدم خلالها فنون الإقناع القسري (السيطرة على العقل) لتنفيذ ما يطلب منهم».

الإمارات تقود الجهود الدولية في مكافحة «الإرهاب الإلكتروني»

دعا «إعلان أبوظبي» إلى اعتماد اتفاقية دولية ملزمة، تحظر الإرهاب الإلكتروني بأشكاله كافة، بما في ذلك محاولات التجنيد، والتحريض على الإرهاب، والدعوة إليه، والإشادة به، وتمويله، وعدم الإبلاغ عنه، والتصدي للدعوة إلى العنف، والكراهية، والتمييز العرقي والديني، والإساءة إلى الآخرين وإلى الأديان.

ودعا الإعلان، الذي أطلق في ختام أعمال المؤتمر الدولي لتجريم الإرهاب الإلكتروني، الذي استضافته أبوظبي في مايو الماضي، إلى التحرك المنسق والسريع من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، إزاء المخاطر والتهديدات الإرهابية الإلكترونية في العالم. وطالب بوضع قانون خاص يتعلق بالجرائم الإلكترونية، داعياً إلى إنشاء هيئات وطنية للمعلوماتية والحريات والأمن الإلكتروني، تتولى وضع سياسات واستراتيجيات في إطار سيادة القانون، لرصد ومجابهة المحتوى الرقمي، الذي ينطوي على مخاطر إرهابية.

23 % من الآباء تعرّض أطفالهم لتهديدات

أظهر بحث حديث أجرته شركة «كاسبرسكي لاب» العالمية، المختصة بأمن الإنترنت، زوّدت به «الإمارات اليوم»، أن «نحو 23% من الآباء في الإمارات أبلغوا عن تعرّض أطفالهم لتهديدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما أن 10% من الأطفال استخدموا الإنترنت للقاء أشخاص خطرين وجهاً لوجه، وأصبح 8% من الأطفال ضحايا لسلوكيات تنمّر عبر الإنترنت».

«تنظيم الاتصالات»: حجب صفحات محتوى الإرهاب الإلكترونية

كشفت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات، لـ«الإمارات اليوم»، أنها بصدد إطلاق حملة، تعنى بالتوعية حول سبل الخداع عبر الإنترنت التي يتعرض لها المجتمع، بما فيها التحذير مما يقوم به الإرهابيون، من بثّ للكراهية ومحاولة لتشويه الحقائق وخداع الشباب.

وأكدت الهيئة، رداً على استفسار لـ«الإمارات اليوم»، بشأن الإجراءات المتبعة لمنع المحتوى الذي يدعو إلى الإرهاب عبر الإنترنت، أنها تتبع سياسة «النفاذ إلى الإنترنت»، في ما يتعلق بالوصول إلى الإنترنت، التي تتضمن قائمة معتمدة من فئات المحتوى المحظور، التي تتضمن فئات عدة، من بينها فئة «الإرهاب»، حيث يتم تطبيق هذه السياسة من قبل «اتصالات» و«دو»، ليتم منع الوصول إلى المواقع والصفحات التي تحتوي على المواد التي تقع ضمن هذه الفئات المحظورة، باستخدام أنظمة الفلترة، لتصنيف مثل هذه المواقع أوتوماتيكياً، واتخاذ إجراءات الحجب كما يلزم.

وأوضحت أنها تتخذ إجراءات الحجب بناءً على بلاغات الجهات الحكومية ذات الاختصاص، بالإضافة إلى بلاغات الجمهور، والجهود الشخصية للمرخص لهم، كما يتم التنسيق مباشرة مع الجهات ذات الاختصاص في ما يتعلق بالتنظيمات الإرهابية بشكل مستمر، حيث تقوم هذه الجهات بتوجيه الهيئة إلى تنسيق حجب مواقع هذه التنظيمات مع المرخص لهم في الدولة.

«صواب» يكشف أكاذيب «داعش»

حدّد مركز «صواب»، المعني بالتصدي لأفكار تنظيم «داعش» الإرهابي، ثماني طرق يتبعها التنظيم الإرهابي لاستقطاب الشباب، خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، هي محاكاة الأفلام الأجنبية الشائقة للجيل الصغير، وإرسال الأفلام على الهواتف الذكية، لجذب مزيد من المتابعين، والتكبيرات عند كل عملية قتل أو تفجير، وعمل تأثيرات صوتية أثناء اللعب الإلكتروني، لإثارة حماسة الصغار، وتوفير خيارات للقتل أثناء اللعب كعبوة ناسفة أو تفجير مفخّخة أو قناصات، وإدراج بعض الأناشيد الحماسية كصليل الصوارم، واستحداث غرف محادثات صوتية وكتابية، لتسهيل مهمة التجنيد، واستخدام تقنيات للتحكم باللقطة من خلال تبطيئها أو تسريعها.

 

وبيّن أن «الإقناع القسري، يجعل الشاب ليناً مطواعاً لأمير الجماعة، فيسايره بالتفكير والممارسة».

وعرّف الألمعي، عملية التجنيد بأنها اختيار أفراد لشغل أدوار معينة تخدم تنظيماً أو جهة معينة، أو عملية إسناد الأدوار لأفراد جدد، واختيار عناصر تتوافر فيها سمات ومؤهلات معينة، لأداء أدوار محددة، ثم تدريبها وصقلها لتطوير قدراتها على النهوض بهذه الأدوار، وإسناد هذه الأدوار لها بشكل فعلي.

وأوضح أن «التجنيد الإلكتروني، يتم وفق عملية ممنهجة، تستخدم فيها الجماعات الإرهابية طرقاً فاعلة لإقناع المستهدف، وهي تمر عبر مراحل، ووفق شروط ومطالب، ليجد المراهق أو الشاب نفسه مندفعاً للأعمال الإرهابية بكامل الحرية في الاختيار بمهارة وإتقان وتفانٍ».

ولفت إلى «خطورة تجنيد الشباب من خلال الألعاب الإلكترونية، التي يستخدمها أكثر من مليار شاب وطفل، وتعدّ من أخطر الأساليب المستخدمة في استقطاب الأطفال والمراهقين».

وأشار الألمعي، إلى أن «(داعش) أصدر نسخة خاصة به من اللعبة الشهيرة (GRAND THEFT AUTO)، ويتم تطبيقها على أرض الواقع، لحثّ الأطفال على الانضمام إلى التنظيم من باب المغامرة، وبلغ رواد هذه اللعبة نحو 34 مليون شخص حول العالم، كما استخدم التنظيم الأناشيد الحماسية التي تزيد من نسبة (الإدرينالين) في الجسم، لحثّ المراهقين المجندين على الدفاع عن معتقدات التنظيم المتطرفة».

وتابع «في 2014، أصدر (داعش) مقطعاً مصوراً بعنوان (لهيب الحرب)، استخدم فيه أعلى التقنيات، كما طوّر لعبة (ARMA 3)، التي تمكّن الأطفال من اختيار الزيّ العسكري الذي يلعبون به، والمكان والأرض الجغرافية، وكأنه ضمن التنظيم، ويتم التواصل مع الأطفال والشباب من خلال اللعبة، لإقناعهم بتنفيذ هذه الألعاب على أرض الواقع، والانضمام إلى التنظيم».

ورصد الألمعي، ما يقوم به «داعش» من إطلاق ورسوم (هاشتاغات) على موقع «تويتر» بمختلف لغات العالم، للوصول إلى أكثر عدد من المغرّدين، كما يجري «قرصنة» على «وسوم» متداولة واختطافها مثل «هاشتاغ» كأس العالم لكرة القدم، ورسم صورة ناعمة لمقاتليه، عبر عرض مقاطع لهم يلهون مع أطفال في مدينة الرقة السورية، أو يتناولون البيتزا في أحد مطاعمها.

وقال إن «بعض الدراسات أثبتت وجود علاقة وثيقة بين السلوك العنيف، ومشاهدة ألعاب العنف على الأجهزة الذكية التي قد تصنع طفلاً مجرماً في المستقبل».

وأشار إلى أن «ما يعرف بـ(قوة المجند)، هو الشخص الذي يجند الأطفال والمراهقين، ويكون مدرباً تقنياً وفكرياً، ولديه الأسلوب والحوار والذكاء والقدرة على الإقناع، ما يمكنه من التأثير في المستهدف».

وحول آلية علاج من يتم تجنيده إلكترونياً، بيّن الألمعي أن «ذلك يكون من خلال التقييم النفسي للضحية، وعبر أساليب المناقشة والمحاورة، لبيان خطورة ما يتعرّض له، وفي حال لم يتقبل يسلّم إلى مركز المناصحة، أو مركز يوجد فيه فريق شرعي ونفسي واجتماعي وأمني ذو علم ودراية».

إلى ذلك، دعت عضو جمعية رعاية الأحداث، مريم محمد الأحمدي، إلى تبني مشروع قومي تعمل عليه جميع أجهزة الدولة، لتحصين الأبناء من خطر التجنيد الإلكتروني، لتنفيذ مخططات تخريبية.

واستشهدت الأحمدي، بما كشف عنه مؤتمر الإعلام والإرهاب، الذي نظمته جامعة الملك خالد في المملكة العربية السعودية، العام الماضي، من أن نحو 80% من المتطرفين تم تجنيدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، معتبرة أن ذلك مؤشر خطر، إذ يكشف عن اختراق حاد للمجتمعات، من خلال مواقع التواصل، والإنترنت بشكل عام، وهو التحدي الذي دفع المجتمعات عبر أجهزتها المعنية والمجتمع المدني إلى إطلاق حملات إلكترونية توعوية، يتم من خلالها الكشف عن طبيعة المعلومات التي يروّج لها المتطرفون، بهدف تجنيد الشباب والأطفال.

وطالبت بتطوير طرق غير تقليدية، في مواجهة أساليب التنظيمات الإرهابية، ومنها استغلال الفنون المختلفة كسلاح مضاد، بما تتضمنه من عناصر إبهار فنية، وترسيخ المعلومات الصحيحة بشكل سلس وقوي في الوقت نفسه، مع إنتاج العديد من الألعاب الإلكترونية المختلفة، بالتعاون مع شركات الألعاب العالمية، بحيث يكون من السهل استخدامها كوسيط فكري لتصحيح المعلومات المغلوطة، والمحافظة على أبنائنا من الانحراف الفكري، مع إطلاق فعاليات إلكترونية ومسابقات عبر الإنترنت، حول أي من القضايا الدينية أو المجتمعية، وتقديم حوافز للمشاركة فيها، والترويج لها إعلامياً بشكل مكثّف، ومن الممكن أن تكون المسابقة في ذاتها على شكل لعبة إلكترونية.

من جانبها، قالت خبيرة سلامة الأطفال على الإنترنت في «كاسبرسكي لاب»، ماريا نامستنيكوڤا، إن «تعليم الأطفال بشأن السلامة على الإنترنت والمخاطر التي يمكن أن ينطوي عليها العالم الافتراضي، ازداد أهمية حالياً أكثر من أي وقت مضى، لضمان أن يتسلحوا بالمعرفة الكافية، التي تتيح لهم الاستمتاع في أمان بالتجارب التي تتيحها الإنترنت».

وأضافت «على الرغم من أن برامج الرقابة الأبوية تبقى معياراً جيداً لحماية الأطفال على الإنترنت، لكن لا تضمن سلامتهم بنسبة 100%، ولاشكّ في أن التوعية والتثقيف يظلّان أبرز سبل الدعم للأطفال، في سياق مكافحة التهديدات التي تواجههم على الإنترنت».

وأظهرت «بيانات الشركة أن 80% من الأطفال في الشرق الأوسط مهتمون بوسائل التواصل عبر الإنترنت، وتنطبق النسبة ذاتها تقريباً على الأطفال في دولة الإمارات، الأمر الذي يُظهر حضوراً كبيراً لوسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة».

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.