51% النمو المتوقع لأرباح الشركات المحلية في النصف الأول

عوامل إيجابية عدة تكفل معاودة الأسواق للصعود.(تصوير:أشرف العمرة)

  
تأثرت أسواق الأسهم المحلية الأسبوع المنقضي بشائعات ترددت عن تحذيرات صدرت للأجانب من احتمال تعرض الدولة لعمل إرهابي، وأفلحت هذه الشائعات في دفع السوق نحو التراجع الحاد.


ووفقاً لمحللين فإنه على الرغم من تراجع أداء الأسواق في الأسبوع المنقضي بسبب خروج الأجانب، إلا أن هناك عدداً من العوامل الإيجابية التي تكفل معاودة الصعود، منها أن توقعات تحسن قيمة الدولار في المدى المتوسط أصبحت عالية جداً، ما سيقلل من معدلات التضخم في الإمارات ويزيد من جاذبية الأسهم مقارنة بالقطاعات الاستثمارية الأخرى، خصوصاً القطاع العقاري.

 

وإلى ذلك، فإن زيادة الأرباح المتوقعة للشركات المحلية عن النصف الأول من العام الجاري إلى حدود 36.5 مليار درهم مقارنة بـ 24.08 مليار درهم في الفترة المقابلة من العام الماضي ـ أي نموها بمعدل 51.6% ـ بسبب الأرباح غير المتكررة لبعض الشركات المدرجة والناتجة عن بيع جزء أو كامل حصصها في شركات أخرى، سيكون دافعاً قوياً لارتفاع القيمة السوقية للأسهم من المستويات المتدنية التي هي عليه حالياً.

 

خروج الأجانب
وقال المستشار الاقتصادي وخبير الأوراق المالية، الدكتور همّام الشمّاع: «إن مؤشر سوق الإمارات تراجع للأسبوع الثاني على التوالي نتيجة لتضافر عوامل عدة، بعضها قديم والآخر استجد خلال الأسبوع، وأهمها خروج الأجانب، فبعد أن كان الأجانب قد دخلوا السوق بصافي مشتريات بلغ 420 مليون درهم في الأسبوع المنتهي في الخامس من شهر يونيو الجاري وبـ 167 مليوناً في الأسبوع قبل الماضي، عادوا وخرجوا من السوق بصافي مبيعات بلغ 410 ملايين درهم خلال الأسبوع، حيث تركزت معظم مبيعاتهم في الأسهم المدرجة في سوق دبي والتي شكلت نسبة 88% من صافي مبيعات الأجانب».


وتابع «خلال الساعة الثانية من جلسة يوم الثلاثاء، وبسب حالة القلق التي اعترت المتداولين في سوق دبي نتيجة تواصل تراجع السوق خلال أيام متتالية عدة، أفلحت شائعة حول تحذيرات صدرت للأجانب من احتمال تعرض الدولة لعمل إرهابي في دفع السوق نحو التراجع الحاد، مستغلة طاهرة التراجع التي اعتادت عليها الأسواق في كل يوم ثلاثاء بسبب إغلاق المراكز المكشوفة، والذي بدأ منذ بدء تطبيق قرار الهيئة بإلزام شركات الوساطة بتقديم تقرير فصل الحسابات أسبوعيا».

 

وأضاف «كان واضحاً بالنسبة للكثيرين أن تلك الشائعة المغرضة إنما كانت تستهدف السوق بالدرجة الأساس ودفعه نحو الانهيار، بهدف إعادة تجميع الأسهم وتحقيق مكاسب غير مشروعة، غير أن وعي المستثمرين والثقة العالية بالركائز المتينة التي تقوم عليها الدولة والاقتصاد، فوت الفرصة على المغرضين، حيث لم ينخفض مؤشر سوق الإمارات سوى بنسبة 1.08%، وهي نسبة اعتيادية جداً، خصوصاً عندما تتعرض أسواق الأسهم في دولة ما لمثل هذه الشائعة».

 

واستطرد الشماع «وكان واضحاً أيضا لدى كثير من المتابعين أن ذلك الانخفاض لن يطول أمده وسرعان ما سيتحول إلى ارتداد صعودي، إلا أنه ومع تراجع سوق دبي يوم الثلاثاء تراجع سوق أبوظبي أيضاً، رغم الأداء الجيد الذي تحقق يوم الاثنين بفضل الدعم القوي من الأسهم العقارية مثل «الدار» و«صروح»، وجاء الإعلان عن تحويل ما يزيد على 34 مليون سند إلى أسهم في شركة «الدار العقارية» ليعيد التأثير النفسي على الزخم الصعودي للسهم، خصوصاً أن ذلك قد تزامن مع التراجع الحاد في سوق دبي يوم الثلاثاء، الأمر الذي أتاح فرصة التقاط أنفاس وهيأ لعملية جني أرباح في سوق أبوظبي يوم الأربعاء، انخفض خلالها مؤشر السوق نحو خمسين نقطة، فيما أفلح سوق دبي في الارتداد، مقفلاً على مكاسب 36 نقطة، أما في يوم الخميس فقد استكملت الأسواق منذ بداية الجلسة عملية إغلاق الحسابات المكشوفة التي تأخرت بسبب الاضطراب غير المتوقع وعمليات البيع العشوائية  في يوم الثلاثاء».


تحسن الدولار
وذكر الشماع أن «التضخم الذي بلغ معدله خلال العام الجارى، وفقاً للأرقام الرسمية، أكثر من 11%، أسهم إلى حد كبير في الإضرار بالأسواق المالية، نتيجة العائد السلبي أو بأحسن الأحوال العائد الصفري المتأتي من الاستثمار في الأسهم، غير أن هذه الحال يمكن أن تتغير مستقبلاً، فقد أصبحت توقعات تحسن قيمة الدولار في المدى المتوسط عالية جداً.


فالنظرة التضخمية للبنك الفيدرالي الأميركي الآن أصبحت أكثر فاعلية من البنك الأوروبي، وهو ما قد يدفع البنك الفيدرالي إلى رفع أسعار الفائدة بشكل أسرع من البنك الأوروبي، وهذا بالطبع يعطي قوة للدولار أمام اليورو على المدى المتوسط، وكذلك أمام العديد من العملات الدولية الأخرى، ولن يتوقف أثر تحسن الدولار على قيمة الدرهم الإماراتي التي سترتفع بالنسبة نفسها، وإنما ستمتد أيضا لتشمل التأثير الإيجابي على أسعار العديد من السلع التي ارتفعت أسعارها بفعل انخفاض الدولار، ومنها النفط والسلع الغذائية».

 

وأشار الشماع إلى أن «انحسار موجة التضخم العالمية وارتفاع قيمة الدرهم سيسهمان في تراجع معدلات التضخم في الدولة، إلى مستويات طبيعية، ما سيهدئ من الاندفاع المطرد لمستوى الإيجارات العقارية التي بلغت زيادتها نحو 60% خلال الأشهر الستة الماضية من العام الجاري، وبالتالي سيقلل من سرعة ارتفاع أسعار العقارات ويخفف من وتيرة استقطاب السيولة، كما سيؤدي إلى تحول عائد الاستثمار في الأسهم من عائد سلبي إلى عائد إيجابي بفضل تحسن القوة الشرائية للنقود».

 

واختتم بالقول: «مهما كان الأداء الحالي لأسواق الأسهم غير متناسب لا مع عوائد الاستثمار في القطاعات الأخرى، خصوصاً القطاع العقاري، ولا مع مستوى الأرباح المتحققة في الربع الأول من هذا العام، فإن الدخول في هذا الوقت هو الأنسب لكل المستثمرين الذين قد يجدون أنفسهم  تأخروا كثيراً في الدخول، حيث يصعب عليهم حينها ركوب الموجة، وفي هذا السياق لابد لنا من تذكير المستثمرين بمضاعفات الأسواق كمؤشرات مقارنه لاتجاهات الدخول، فمضاعف سوق الإمارات هو 13.2 بينما مضاعف سوق أبوظبي 12.6 ومضاعف سوق دبي 14.1، ويشكل سوق أبوظبي 54.35% من وزن سوق الإمارات أو من قيمته السوقية، بينما يشكل سوق دبي نسبة الـ 45.65% الباقية».

 
مضاربات محمومة
وقالت المحللة المالية في شركة «الفجر للأوراق المالية»، مها كنز «إن الشركات المدرجة في أسواق الأسهم المحلية ستبدأ في الإفصاح عن النتائج الأولية للربع الثاني من العام مع نهاية هذا الشهر، ولا يستبعد حدوث مضاربات محمومة على أسهم منتقاة ترفع أسعارها إلى مستويات قياسية وترتفع معها أحجام التداولات، وذلك بعدما وصلت الأسعار إلى مستويات متدنية مقابل توقع أداء جيد للشركات خلال النصف الأول من العام». 

 

وأضافت «من أهم الظواهر التي حدثت أخيراً بدء العديد من بيوت الخبرة في نشر دراسات حول تقدير القيمة العادلة للشركات القيادية هذا الشهر، فقد نشر أخيراً تقدير «غولدمان ساكس» ومجموعة «سيتي غروب» لسهم «إعمار العقارية» عند مستوى 20 درهماً، وتقدير «هيرميس»  للقيمة العادلة لسهم «الدار العقارية» بـ 45 درهماً و«صروح» بقيمة 22 درهماً.

 

إلى ذلك، فقد قدرت «شعاع كابيتال» القيمة العادلة لأكبر أربعة بنوك وطنية وهي«بنك أبوظبي التجاري» بـ5.98 دراهم، وبنك «أبوظبي الوطني» بقيمة 24.86 درهما، و«بنك الخليج الأول» بـ32.25 درهما، و«بنك الاتحاد الوطني» بسعر 9.48 دراهم. 

 

كما أوصى «بي أم جي» بسهم مصرف «أبوظبي  الإسلامي» مقدراً القيمة العادلة بـ 6.90 دراهم، و«بنك دبي الإسلامي» مقدراً القيمة العادلة بـ 10.60 دراهم.


وأشارت كنز إلى أن «تقديرات شركة «الفجر للأوراق المالية» تشير إلى أن الأرباح المتوقعة للنصف الأول من العام الجاري للشركات المحلية ستكون في حدود 36.5 مليار درهم، مقارنة بـ 24.08 مليار درهم بالفترة المقابلة من العام الماضي، أي  نموها بمعدل  51.6%». 

 

وأرجعت السبب وراء توقع هذا النمو إلى «ما ورد من أخبار عن أرباح غير متكررة لبعض الشركات المدرجة ناتجة عن بيع جزء من أو كامل حصصها في شركات أخرى». 

 

وحددت أبرز هذه الصفقات لشركة «اتصالات»، فمن المتوقع دخول نحو  ملياري درهم من أرباح بيع جزء من حصتها في شركة «موبايلي» بالربع الثاني من العام، وكذلك «آبار» التي تتوقع دخول نحو 400 مليون درهم أرباحاً ناتجة عن صفقة بيع «بيرل انرجي» التي تمت في الربع الثاني من العام الجاري أيضاً، هذا فضلاً عن توقع إحراز قطاع العقارات والتمويل العقاري لمعدلات نمو كبيرة، واستقرار النمو بقطاع البنوك وتوقع انخفاض في أداء قطاعات أخرى، منها التأمين والاسمنت». 

 
عوامل إيجابية
قال المستشار الاقتصادي وخبير الأوراق المالية، الدكتور همّام الشمّاع «هناك عدد من العوامل الايجابية التي بدأت تلوح في الاقتصاد العالمي والتي قد تنعكس على اقتصاد الدولة ومنه إلى أسواق الأسهم، فليس خافيا على أحد أن التضخم في الدولة يعود في المقام الأول إلى عوامل خارجية من خلال تراجع الدولار أولا ومن خلال ارتفاع أسعار السلع المستوردة المنشأ ثانياً. 

 
ومعلوم أيضاً أن التضخم قد أضر بكل النشاطات الاقتصادية في الدولة، باستثناء القطاع العقاري ، الذي انتعش بسبب الزيادات السكانية وارتفاع الإيجارات وبالتالي ارتفعت قيم العقارات بوتيرة أعلى من وتيرة التضخم، وظل القطاع الأكثر استقطابا للأموال والاستثمارات من كل القطاعات الأخرى، فيما راحت أسواق الأسهم تطرد السيولة بسبب العائد السلبي للاستثمار فيها، والناجم بدوره عن عدم تناسب النمو في الربح الرأسمالي للسهم وكذلك التوزيعات النقدية مع التراجع في القوة الشرائية للنقود أو تدهور قيمتها».
 

الأكثر مشاركة