الأسهم تعــوّض خسائرها منذ منتصف يناير
|
|
|
|
بدأ المستثمرون والمتعاملون في أسواق الأسهم المحلية التكيف مع الواقع والتخلي تدريجياً عن سلوك الاعتماد على التسهيلات التي تقدمها شركات الوساطة للشراء على المكشوف، بحسب محللين وخبراء في مجال الأوراق المالية. وقالوا «إنه سيتوجب ابتداءً من الأسبوع المقبل تقديم تقرير فصل الحسابات لهيئة الأوراق المالية والسلع في نهاية كل أسبوع، ما أدى إلى تخلي المتعاملين وشركات الوساطة عن المكشوف في بداية الشهر الجديد وتراجع مكانته وأهميته بالنسبة للمتعاملين وذلك لقصر الفترة الواقعة ما بين تقرير وآخر».
وأشاروا إلى أن «شهر أبريل يعد نقطة تحول إيجابية في سوق الإمارات سواء من حيث حجم وقيم التداولات، التي فاقت الـ50 مليار درهم بمعدل نمو بلغ 56% مقارنة بشهر مارس، الذي كانت قيمة التداولات به لا تتجاوز 36 مليار درهم، أو من حيث معدل العائد المتحقق خلال الشهر والذي بلغ 8.7% معوضاً بذلك حجم الخسائر التي منيت بها الأسواق منذ منتصف شهر يناير الماضي، وتحول العائد في سوق الأسهم الإماراتية إلى الموجب منذ فترة طويلة اتسمت بالعائد السلبي للأسواق».
مخالفة التوقعات
وقال المستشار الاقتصادي وخبير الأوراق المالية، الدكتور همّام الشمّاع: «إن أسواق الأسهم المحلية خالفت التوقعات ولم تتأثر كثيراً بعمليات تسوية المراكز المكشوفة مع اقتراب موعد تقديم التقرير الشهري لـ«هيئة الأوراق المالية والسلع» الخاص بفصل الحسابات في نهاية الشهر».
وأضاف أن «في يوم الأربعاء حيث كان الموعد الأخير لغلق الحسابات المكشوفة، كانت معظم التوقعات تدور في فلك التهيؤ لانخفاض كبير في مؤشر السوق، إلا أن الجميع فوجئ بعدم وجود ضغوط تسييل كبيرة في بداية الجلسة، ما جعل الكثير يعتقدون أن التسييل سيكون في نهاية جلسة التداول بعد أن ترتفع الأسواق، وبما يمكن المراكز المكشوفة من التسييل عند مستويات سعرية مربحة، لذا فقد ساد الحذر طيلة الجلسة، كما في الأيام التي سبقتها، مع ظهور تذبذبات سعرية عالية في المؤشر نتيجة خشية المتعاملين من حدوث انخفاض شديد في كل مرة تُحدث طلبات الشراء موجة من الارتفاع، فيتوقف الشراء ويفسح المجال لتراجع المؤشر».
وبرر الشماع عدم ظهور ضغوط تسييل لتغطية المراكز المكشوفة بأن «معظم من لديهم مراكز مكشوفة احتاطوا منذ فترة مناسبة لمعرفتهم بأن التسييل في اليوم الأخير يكبد خسائر طائلة، وأن التسييل المبكر ولو بأرباح قليلة أو حتى بخسائر محدودة أفضل من خسائر كبيرة في آخر يوم يكون فيه الجميع مجبراً على التسييل لإغلاق المكشوف».
وتابع: «شهدت السوق خلال أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء تضافر عمليات جني أرباح مع إغلاق مراكز مكشوفة بشكل طفيف، ولعدد محدود من الأسهم، هذا التضافر كان مؤثراً في السوق خصوصاً في «سوق دبي» وحال دون أن تتفاعل الأسواق بشكل ايجابي مع الإفصاحات الممتازة لعموم الشركات، ومع الإفصاح القياسي لـ«بنك أبو ظبي الوطني»، الذي ظل يراوح مكانه طيلة هذه الأيام بل ويسجل خلال بعضها تراجعات ملموسة غير مبررة، ما أثر سلباً في التوقعات لرؤية طفرة قوية في مؤشر سوق أبوظبي، وبما جعله ينعكس بالتالي على المعنويات التي أدت بدورها إلى تراجع أحجام وقيم التداول التي ظلت منخفضة باستثناء التداول على سهم «أركان» في سوق أبوظبي الذي استحوذ على 45% من قيمة التداول محققاً ارتفاعاً من دون كل الأسهم في جلسة يوم الاثنين».
وأضاف: «نستطيع الآن أن نلاحظ أن المتعاملين في الأسواق بدأوا يستسلمون للأمر الواقع ويتخلون تدريجياً عن سلوك الاعتماد على التسهيلات التي تقدمها شركات الوساطة للشراء على المكشوف، والآن مع انتهاء الشهر الأخير، الذي يجوز في نهايته تقديم تقرير فصل الحسابات إلى الهيئة (حيث سيتوجب ابتداءً من الأسبوع المقبل تقديم التقرير في نهاية الأسبوع)، تخلى المتعاملون وشركات الوساطة عن المكشوف في بداية الشهر الجديد أو على الأقل تراجعت مكانته وأهميته بالنسبة للمتعاملين، وذلك لقصر الفترة الواقعة ما بين تقرير وآخر ما انعكس على تداولات يوم الخميس دون أن يعني ذلك أنها تراجعت إلى المستوى المتدني الذي كانت عليه قبل أسبوعين لأن الأسواق بدأت تعتاد تدريجياً هذه الحالة».
ولفت الشمّاع إلى أن «عدم اكتمال الإفصاحات للربع الأول، التي باستكمالها تتمكن المحافظ الكبيرة والمؤسساتية من إعادة هيكلة نفسها وفق المؤشرات المفصح عنها، حال دون قيام كبار المستثمرين بالتحرك، واتسمت تعاملاتهم بالترقب والانتظار؛ وهذا ما أدى إلى الضعف الكبير نسبياً في التداول من حيث الحجم والقيمة وأدى إلى ارتفاع مؤشر السوق بدفع من سيولة قليلة، إذ ارتفع مؤشر «سوق دبي» نقطة مئوية واحدة بتداولات لم تزد قيمتها على 314 مليون درهم خلال الساعة الأولى من تداولات يوم الخميس، الأمر الذي يعني عدم وجود عروض بيع مقابل وجود طلبات شراء محدودة»، واستطرد «وخلال الساعة الثانية جرت تداولات بقيمة 340 مليون درهم إضافية، لكنها لم تؤدي سوى إلى تغير طفيف في المؤشر بلغ 0.01% فقط، الأمر الذي يعني أن تداولات الساعة الثانية من جلسة يوم الخميس اقتصرت على تدوير الأسهم التي تم شراؤها في الساعة الأولى ما يدلل على أن الكبار من المستثمرين والمحافظ لا تزال خارج الأسواق بانتظار اكتمال الإفصاحات».
وأشار إلى أن «الحال نفسها انطبقت على «سوق أبوظبي» المعروفة عادةً بميلها القليل للمضاربات وتدوير الأسهم، إذ حققت هي الأخرى ارتفاعاً في حدود نصف نقطة مئوية خلال الساعة الأولى بتداولات محدود جداً تضاعفت قيمتها في الساعة الثانية دون إضافة ارتفاع إلى المؤشر، الذي ظل مستقراً طوال الساعة الثالثة، ليرتفع قليلاً في الساعة الأخيرة من الجلسة حتى نهايتها، عندما ارتفع «مؤشر دبي» إلى مستوى الإغلاق عند 1.36% تقريبا في الوقت الذي ظلت قيمت التداولات تتضاعف لتبلغ في نهاية الجلسة 1.486 مليار درهم، مؤكداً الاتجاه الصعودي الذي ستكون عليه الأسواق في الأسبوع المقبل ومبدداً المخاوف من التأثير السلبي المحتمل والمترتب على احتمال تراجع إمكانية الشراء على المكشوف وأثر ذلك في أداء الأسواق».
ترقب وحذر
وقال مدير قسم الأبحاث والدراسات المالية في شركة «الفجر للأوراق المالية»، الدكتور محمد عفيفي: «إن حركة النشاط في السوق خلال الأسبوع المنقضي تأثرت بحالة الترقب والحذر وتفضيل الانتظار وعدم المشاركة الفعالة بالتداولات، إذ استحوذ القلق على أذهان جميع المستثمرين خوفاً من مفاجآت عمليات تغطية المراكز المكشوفة، خصوصا أن الأسبوع يصادف آخر أسبوع في شهر أبريل، الأمر الذي أدى إلى انكماش حجم وقيم التداولات خلال الأسبوع وانخفض المتوسط اليومي لقيمة التداولات من 3.4 مليارات درهم في الأسبوع قبل الماضي إلى 2.2 مليار درهم خلال الأسبوع المنقضي».
واستطرد: «أدى ذلك الانكماش في حركة التداول إلى استمرار اتخاذ المؤشر العام للسوق للأسبوع الثاني على التوالي لاتجاه شبه أفقي، وهي ظاهرة جيدة لأنها من ناحية تعكس عدم تأثر الحالة النفسية للمستثمرين بالتحرك الأفقي للسوق واستمرار ثقتهم في أن تعاود الأسواق الارتفاع مرة أخرى بما يمكنهم من تحقيق عوائد مجزية، ومن ناحية أخرى تمثل تدعيمًا وبناء لقاعدة سعرية جديدة يمكن أن تشكل نقطة انطلاق أخرى للأسواق، إذ ينظر العديد من المستثمرين إلى الفترة الزمنية الممتدة على مدى أسبوعين للاتجاه الأفقي للمؤشر على أنها فترة استراحة أو تهدئة لاستعادة القوة اللازمة للأسواق لكي تعاود مواصلة مسيرة الارتفاع بقوة مرة أخرى، خصوصاً مع التحرر النسبي للأسواق من ضغوط المراكز المكشوفة».
وأضاف أن «تلك النظرة الايجابية للأداء المتوقع للأسواق أسهمت خلال شهر أبريل كثيراً في استمرار تماسك الأسواق أمام عمليات جني الأرباح أو تغطية المراكز المكشوفة ولم ينتج عنها فقدان الأسواق لاتزانها وتنازلها عن مسارها الصاعد، حيث بدا واضحاً أن عمليات تغطية المراكز المكشوفة لم تكن بنفس الحجم والقوة التي يمكن أن تؤدى إلى انهيار الأسواق، كما حدث أكثر من مرة خلال شهري فبراير ومارس الماضيين، أو إلى عدم استطاعة الأسواق مواصلة مسيرة الصعود التي بدأتها مع شهر أبريل والذي يعد نقطة تحول ايجابية لسوق الإمارات سواء من حيث حجم وقيم التداولات والتي فاقت الـ50 مليار درهم بمعدل نمو بلغ 56% مقارنة بشهر مارس الذي كانت قيمة التداولات به لا تتجاوز 36 مليار درهم، أو من حيث معدل العائد المتحقق خلال الشهر والذي بلغ 8.7%، معوضا بذلك حجم الخسائر التي منيت بها الأسواق منذ منتصف شهر يناير الماضي وتحول العائد في سوق الأسهم الإماراتية إلى الموجب منذ فترة طويلة اتسمت بالعائد السلبي للأسواق».
واختتم عفيفي: «يمكن القول إن من بين أسباب ضعف تأثير عمليات تغطية المراكز المكشوفة تلك الارتفاعات المتتالية للعديد من أسعار الأسهم خلال العديد من جلسات شهر أبريل، التي أعطت أكثر من فرصة لهذه المراكز المكشوفة لأن يتم تغطية أجزاء كبيرة منها».
|