Emarat Alyoum

نقص عالمي في الأرز يهدّد الأسواق المحلـيـة

التاريخ:: 30 مارس 2008
المصدر: أحمد الشربيني و محمد عثمان - دبي / عبير عبد الحليم - أبوظبي

        
كشف عاملون في قطاع توريد وتسويق منتجات الأرز لـ«الإمارات اليوم» عن «احتمالية وقوع السوق المحلية في أزمة نقص في المعروض من الأرز في غضون أسابيع قليلة مقبلة»، مرجعين ذلك إلى «اتجاه بعض دول الإنتاج مثل الهند وباكستان وفيتنام وسريلانكا والفلبين وتايلاند، إلى اتخاذ إجراءات داخلية من شأنها أن تمنع عمليات تصدير الأرز للخارج، إلى جانب سعي هذه الدول إلى فتح أسواق جديدة للتصدير بأسعار أعلى مما تحصل عليه من دول الخليج، نظراً لهبوط الدرهم المرتبط مع الدولار المنخفض، وكذلك تهافت شركات إيرانية على استيراد الأرز الآسيوي (الباكستاني تحديداً) بكميات كبيرة وهو ما جعل مورّدين باكستانيين يماطلون في التوريد للشركات الأخرى في ظل الإقبال المتزايد من قبل التجار الإيرانيين».

 

وأقر مورّدون للأرز الباكستاني «الوطن» بامتناعهم عن التوريد، مرجعين ذلك إلى «رفض مطالبهم بزيادة الأسعار على المنتجات التي كانت تطرحها في الأسواق رغم وجود المستندات التي توضح ارتفاع تكاليف الاستيراد والإنتاج للأرز الباكستاني». وطالب مسؤولون رسميون بـ«تدخل عاجل وسريع من قبل الحكومة، يتمثل في دعم عمليات شراء مخزون استراتيجي من الأرز، على اعتبار أنه سلعة غذائية لا يمكن الاستغناء عنها، وذلك لتحقيق توازن بالسوق ومن ثم الخروج من الأزمة».


وكشف نائب المدير العام لجمعية الاتحاد التعاونية إبراهيم البحر عن أن «الجمعية تخطط حالياً للتعاقد على كميات كبيرة من شحنات الأرز الباكستاني لمواجهة الأزمة التي تتعرض لها الأسواق أخيراً، جراء امتناع شركات مورّدة كبرى عن طرح كميات الأرز المطلوبة في منافذ للبيع».

 
وأوضح البحر أن «الجمعية لديها حالياً مخزون جيد من صفقات الأرز الذي استوردته خلال الفترة الماضية يكفي لتلبية احتياجات المستهلكين لشهور مقبلة»، لافتاً إلى أن «الجمعية ملتزمة بتوفير منتجات الأرز دون أية زيادات في الأسعار وفقاً لطلبات الشركات المورّدة بفرض زيادات متباينة على منتجاتها في الأسواق».

 

وحذر من «اتجاه مورّدين كبار في الهند وباكستان إلى المماطلة في توريد شحنات الأرز بدعوى عدم وجود مخزون  يكفي تلبية طلبات التوريد للأسواق»، ملمّحاً إلى أن «الصعوبات الحالية لتوريد كميات الأرز اللازمة هي ما تدفع إدارة الجمعية لبحث السبل المناسبة لاستيراد صفقات جديدة لمنتجات الأرز بكميات كبيرة تكفي الأسواق لفترة طويلة».


وأضاف أن «الجمعية على استعداد لتلبية احتياجات منافذ البيع للجمعيات التعاونية في مختلف إمارات الدولة من الأرز، كما تم مع جمعية رأس الخيمة حيث تم التعاقد معها لتلبية احتياجاتها أخيراً من البيض المستورد بأسعار منخفضة». وأشار البحر إلى «استمرار عدد من مورّدي الأرز الباكستاني في الامتناع عن التوريد لمنتجاتهم في الأسواق، وهو ما شكل ضغطاً على الكميات التي يتم تداولها في الأسواق وساهم في ظهور الأزمة في المراكز التجارية ومنافذ البيع الأخرى»، مضيفاً أن «الأنواع التي كان تورّدها الشركات الموردة للأرز الباكستاني اختفت تماماً من أسواق الدولة». وأفاد بأن «الأرز الباكستاني والهندي يستحوذ على الحصص الكبرى في نسبة الإقبال من جانب المستهلكين العرب والآسيويين بعكس الأرز الأميركي والاسترالي اللذين يوجدان بنسب محدودة لقلة الإقبال عليهما»، لافتاً إلى أن الأرز المصري تم منع استيراده منذ فترة بسب قرارات الحكومة المصرية بالتشديد على التصدير للأرز للاتجاه إلى الاكتفاء الذاتي وتخفيض الأسعار في الأسواق المصرية». 


تدخل عاجل
وأقر رئيس لجنة التجارة، في غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، حمد العوضي، «بوجود أزمة في واردات الأرز لدول الخليج بشكل عام، لاسيما من دول الهند وباكستان وفيتنام وسريلانكا والفلبين وتايلاند، التي بدأت في التصدير لأسواق أخرى غير منطقة الخليج، بحكم ضعف الدرهم المربوط بالدولار المنخفض».


ولاحظ أن «عوائد التصدير من قبل الدول المنتجة للأرز، لم تعد جذابة بالنسبة للمورّدين»، لافتاً إلى أن «الأزمة لم تعد قاصرة على الأرز فقط، بل امتدت لسلع ومواد غذائية أساسية أخرى».


وطالب رئيس لجنة التجارة، بتدخل حكومي عاجل، يتمثل في دعم عمليات شراء مخزون استراتيجي من السلع والمواد الغذائية الأساسية، لاسيما الأرز، حتى إن كان هذا التدخل موسمياً عند الحاجة، على اعتبار أنها مواد غذائية لا يمكن الاستغناء عنها، وذلك لتحقيق توازن بالسوق ومن ثم الخروج من الأزمة».


شركات إيرانية
وأوضح نائب مدير عام جمعية الاتحاد التعاونية أن «أزمة توريد الأرز تحولت الى أزمة عالمية»، مرجعاً جزءاً منها «إلى تهافت شركات إيرانية على استيراد الأرز الباكستاني بكميات كبيرة وهو ما جعل المورّدين الباكستانيين يماطلون في التوريد للشركات الأخرى في ظل الإقبال المتزايد للمورّدين الإيرانيين». وأضاف أن «الأزمة العالمية دفعت الهند إلى استيراد نحو 20% من إنتاج الأرز الباكستاني بعدما كانت الهند تصدر لدول المنطقة كافة، بينما استحوذت إيران على نحو 40% من الإنتاج الباكستاني حالياً». وبين أن «التوريد من الهند الآن قليل للغاية وهناك توقعات باستمرار عمليات شح توريد الأرز الهندي خلال الفترة المقبلة».


منع التوريد
إلى ذلك، أقر مسؤول الشركة المورّدة للأرز الباكستاني، أصحاب العلامة التجارية لأرز «الوطن»، طلب عدم ذكر اسمه، «بامتناع الشركة عن التوريد بسبب رفض مطالبها بزيادة الأسعار على المنتجات التي كانت تقوم بطرحها في الأسواق رغم وجود المستندات التي توضح ارتفاع تكاليف الاستيراد والإنتاج للأرز الباكستاني»، مضيفاً أن الشركة تفضل عدم الاستيراد والتوريد على طرحها للمنتجات بالأسعار نفسها التي ستتسبب في تحمّلها خسائر مالية كبيرة»، لافتاً إلى أن «الشركة تجري مباحثات مع جهات حكومية ومنها وزارة الاقتصاد لتفهّم مطالبها بفرض نسب زيادة في أسعار منتجاتنا».


وأشار المصدر نفسه، إلى أن «أزمة الأرز وصعوبة وارتفاع تكاليف التوريد موجودة في كل دول المنطقة والتي تم فيها زيادة الأسعار لمنتجات الأرز بنسب متفاوتة».


نقص شديد
وقال نائب المدير العام لـ«اللولو هايبر ماركت» سريجات كيه أف «نعاني من وجود نقص شديد في كميات الأرز  الموجودة في أسواق أبوظبي ولا توجد أي إمدادات جديدة من جانب الموردين الذين أوقفوا تماماً توريد الأرز».   


وتابع أن «مورّدي الأرز من باكستان والهند والفلبين طلبوا زيادة في أسعار توريد الأرز تصل إلى 25% في الأقل، وعللوا ذلك بارتفاع الأعباء عليهم خصوصاً في ما يتعلق بأسعار العمالة والمواد الأولية وعمليات النقل والتصدير، لافتاً إلى أنه «تم زيادة أسعار العديد من أنواع الأرز مرة أو مرتين خلال أشهر قلائل، ما يضيف أعباء كبيرة على المستهلكين». 

ولفت إلى أن «المشكلة في جميع المورّدين أنهم يطلبون الزيادة معاً ولا يوجد أرز مصري يمثل بديلاً لهذه الأنواع نظراً لعدم وصول إمدادات من الأرز المصري منذ أشهر نظراً لقرار الحكومة المصرية منع التصدير للخارج». واختلف مسؤول في كارفور في أبوظبي، رفض أن يذكر اسمه، مع الرأي القائل إن هناك نقصاً في الأرز في الإمارة، قائلاً «إنه لا يوجد أي نقص في الأرز بل توجد كميات كبيرة متوافرة منه، لكن المشكلة أن أسعار الأرز مرتفعة للغاية،  وأصبح من الصعب على الكثير من الأسر حالياً الشراء بهذه الأسعار».


وتابع أن «الأسعار تزيد بشكل أسبوعي وأصبح من الصعب السيطرة عليها»، لافتاً إلى أن «الأرز التايلاندي  وصل سعره إلى 25 درهماً لكل خمسة كيلوغرامات، بالرغم من أنه من الأنواع الرخيصة التي لا تجد إقبالاً كبيراً على شرائه في الإمارات بشكل عام».  


وعلمت «الإمارات اليوم» من مصادر اقتصادية مسؤولة، رفضت ذكر اسمها، «أن  مفاوضات تجري حالياً بين وزارة الاقتصاد والشركات المورّدة للأرز للوصول إلى اتفاق بين الجانبين باعتبار أن وزارة الاقتصاد هي الجهة التي قامت بفرض حد أقصى لسعر الأرز ولا يمكن زيادته إلا بموافقة رسمية من الوزارة».


وأوضحت المصادر أن حكومة أبوظبي هي الوحيدة من حكومات الإمارات التي تتولى استيراد الأرز وأن من بين البدائل المطروحة أن يتم زيادة الأسعار بنسب تصل إلى 10% فقط، أو أن تتدخل الوزارة باستيراد كميات كبيرة من الأرز وطرحها في الأسواق، ما يخفض من الأسعار أو في الأقل يؤجل مطالب زيادة الأسعار من جانب المورّدين».