Emarat Alyoum

أول مواطنة على منصة القضاء

التاريخ:: 26 مارس 2008
المصدر: أحمد عابد أبوظبي

فوجئت المحامية خلود أحمد جوعان الظاهري «30عاما»، بقرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، بتعيينها في وظيفة قاضٍ ابتدائي على الفئة الثالثة في دائرة القضاء في أبوظبي، وبهذا القرار تعتبر خلود أول قاضية في تاريخ الإمارات، وأصغر قاضية في الوطن العربي.


ويشار إلى أن خلود الظاهري فتاة مواطنة، غير متزوجة، مواليد مدينة العين 1977، سليلة عائلة قانونية معروفة، حاصلة على شهادة الشريعة والقانون من جامعة الإمارات عام 2000، عملت في المحاماة فور تخرجها لدى المحامي الدكتور سليمان يوسف، ثم افتتحت مكتباً خاصاً بها، وتترافع حالياً أمام المحاكم كافة بدرجاتها المختلفة، المدنية والتجارية والشرعية والجنائية والعليا، وتركز على التخصص في قضايا الأحوال الشخصية والجنايات، وتسعى حالياً لاستكمال دراستها العليا، وبدأت في الإعداد للحصول على ماجستير في القانون العام أو الخاص في جامعة الإمارات، وشاركت في العديد من المؤتمرات المحلية، والعالمية التي تعقد في الدولة.


مسؤولية كبيرة
وقالت الظاهري لـ«الإمارات اليوم» «أشعر بالرهبة من المسؤولية الكبيرة التي ألقيت على عاتقي أمام الله وعلى الثقة الكبيرة التي منحها لي صاحب السمو رئيس الدولة، ودخلت في تحدٍ مع نفسي (أكون أو لا أكون)»، مشيرة إلى أن «ثماني سنوات في مهنة المحاماة أكسبتني خبرة تمكني من تحقيق أهدافي في العمل القضائي، وسأكون محل الثقة التي منحتها لي الدولة، وستكون تجربة عمل المرأة في القضاء ناجحة بكل المقاييس، ومثالاً يحتذى به في عمل المرأة في كل المجالات». وأكدت أن المرأة الإماراتية اعتلت أعلى المناصب وأصبحت وزيرة والآن قاضية، مؤكدة «سنكون عند حسن الظن بنا ونثبت قدرتنا على حمل المسؤولية».


حلم الثانوية
وقالت الظاهري إن «ارتداء ثوب المحاماة والترافع في أروقة المحاكم حلم ظل يراودني منذ المرحلة الثانوية، وبدأت التخطط لتحقيق الحلم، والتحقت بكلية الشريعة القانون في جامعة الإمارات»، كاشفة عن «وجود شخصيات عدة اسهمت في نجاحي وإثراء شخصيتي وتنمية خبرتي وحبي للقانون بداية من أسرتي القانونية التي حفزتني على العلم والنجاح والتميز وصولاً إلى أستاذي الذي تدربت على يديه واكتسبت منه خبرة المحاماة».


وتتطلع الظاهري إلى انضمام مواطنات أخريات بالسلك القضائي أسوة بما حققته المرأة في دول عربية أخرى، مؤكدة «أن المرأة الإماراتية أثبتت كفاءة كبيرة في الميادين كافة، وتقلدت العديد من المناصب العليا، والعمل القضائي مجال جديد للمرأة في الدولة وستكون التجربة الأولى مقياساً لأداء المرأة للعمل في هذا المجال فيما بعد». ولفتت إلى أن «مسؤولية كبيرة تقع على عاتقي لإثبات جدارة المرأة في العمل القضائي»، موضحة أن «وجود المرأة بجوار الرجل في العمل القضائي سيحدث نوع من التكامل في هذا القطاع المهم، وكل يؤدي وظيفته على النحو المطلوب منه وكلاهما يكمل بعضه بعضا، وغير صحيح أن المرأة القاضية لا تقدر على ممارسة بعض المهام التي تسند إليها، وتجربتي خلال عملي في المحاماة ثماني سنوات أكسبتني خبرات كثيرة ومهارات عدة».


رأس الهرم
وحول ما إذا كان هناك تعارض بين مهنتها الجديدة وحياتها الأسرية مستقبلا، أكدت خلود أن «أولوية المرأة لما خلقت له، ويأتي على رأس هرم أولوياتي البيت والأولاد بعد الزواج، والمرأة العربية بوجه عام والإماراتية بوجه خاص نجحت في تحقق هذه المعادلة دون معوقات». وأفادت الظاهري بأن «عملي في القضاء لا يؤثر في اهتماماتي العائلية، وأن عمل المرأة في مجال القضاء شأن أي عمل آخر مع اختلاف طبيعة العمل لأن مجال القضاء شاق إلى حد ما ويحتاج إلى درجة عالية من صفاء الذهن والتركيز»، مؤكدة أن العمل بصفة عامة لا يؤثر في دور المرأة في محيطها العائلي. وعن طبيعة العمل الجــديد، والتحول من الدفاع عن المــتهمين إلى الفصل بين المتنازعين، أكدت الظاهري أنه لا يوجد فارق كبير بين المحاماة والقضاء، موضحة «خلال عملي محامية أعتدت النظر إلى القضايا بنظـرة حياديــة تمــاما، وأعتبر نفسي قاضية وأستشف الحكم الذي ينطق به القاضي، لأتحرك من خلال هذا المنطلق وأتعرف على موقف موكلي، ويعتقد كثير من الناس أن المحامي يهتم بالحصول على الأتعاب، ولكن العــكس صحيح، لأن المحامي يحرص على تولي القــضايا التي يرى فيها أن الموكل مظلوم بالفعل، ويبحث في كيفية استرداد حقه الضائع».


عاطفة القاضي
وأشارت إلى مفهوم خاطئ لدى البعض ظلم المرأة كثيراً وهو مسألة وجود تعارض بين عاطفة المرأة وعملها في مجال القضاء، مؤكدة ضرورة الحكم على كفاءة العمل وليس على الجنس، مضيفة أن «عاطفة القاضي لا تتدخل في حكمه على المتهم ولا يتأثر بحالته الإنسانية، لأن القاضي الرجل له مشاعر وعاطفة أيضا، لكن حكم القاضي يعتمد في الأساس على الأوراق والمستندات والأدلة».    

المرأة والتنمية
   قال وكيل دائرة القضاء في أبوظبي المستشار سلطان سعيد البادي إن تعيين أول قاضية في الدولة يؤكد مجددا حرص الحكومة على إشراك المرأة في عمليات التنمية الشاملة، ودورها الرئيس في المجتمع، مشيراً إلى أن «تعيين أول قاضية في دائرة القضاء في أبوظبي، بخلاف أنه الحدث الأول من نوعه في الدولة، يؤكد الحكمة والحنكة التي تدار بها الدولة، وحرص صاحب السمو رئيس الدولة  على إشراك المرأة في العمل القضائي».


وأضاف: «إلحاق العنصر النسائي بالعمل القضائي أمر مهم في الوقت الراهن، موضحاً أن المرأة اقتحمت مجال العمل في ميادين مهمة عدة، وأصبحت وزيرة وعضو في المجلس الوطني والآن قاضية، ومن المؤكد أن تلك التجربة ستكون محل اهتمام كبير من العاملين كافة في سلك القضاء، لقياس مدى النجاح الذي حققته المرأة في هذا القطاع الحيوي والمهم وستوفر الدائرة أوجه الدعم كافة للقاضية خلود الظاهري، باعتبارها التجربة الأولى من نوعها في الإمارات، وهو ما أكد عليه سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان رئيس الدائرة، حيث طالب سموه بضرورة توفير الدعم اللازم والمساندة لأول قاضية إماراتية في مهامها الجديدة.