Emarat Alyoum

الإضاءة في ميلودراما «فانوس» ممثل آخر.. و«صرخة» لحماية الثقافة الوطنية

التاريخ:: 23 مارس 2008
المصدر: محمد السمهوري الشارقة
 
قدم الممثل عبدالله مسعود دوراً لافتاً، مستعيناً بالفانوس عنوان المسرحية  حاول من خلاله انارة الفكرة التي ألفها محمد سعيد الظنحاني واخرجها عبدالله راشد، لـ«فرقة دبا الفجيرة»، من خلال خطاب وأسلوب مسرحي مختلف، حيث الهم الانساني وعناصره هذه المرة على المسرح بدقة، فيما شكلت الاضاءة التي صممها الفنان الاردني محمد المراشدة، بطلاً آخر للعرض، والتي اسهمت بتعزيز دور الممثل وادواته وحركته على المسرح.

خاطبت مسرحية «فانوس» بأفكارها مستويات وجدانية وجدلية عدة، بدفق انساني لم يتوقف طلية العرض، وشكلت في أيام عروض الشارقة المسرحية، فاصلة مهمة، أبرزها إبعادها عن اللون الشعبي والكوميدي، لتتحدث عن الانسان وعزلته ووجدانه، باسلوب تصاعدي أسهم في نجاحه المخرج والممثل ومصم الاضاءة. وفي الندوة التطبيقية، اجمع الجمهور على متانة العرض واسلوبيته، وقال الفنان المسرحي الكويتي فؤاد الشطي «إن الاخراج تعامل مع النص بتواضع جم، أما الاضاءة فقد اضفت حرفية ولعبت دورا ساهم مع الممثل في توظيف عناصر المسرح».
 
واتفق معه المخرج الموريتاني عبدالعزيز الشنقيطي بالاشارة إلى الاضاءة التي لعبت دوراً ايجابياً في العرض، فيما لفت المخرج المسرحي العراقي الدكتور فاضل الجاف إلى ان الممثل كشف عن انفعالات مبكرة في بداية العرض، اما المسرحي الاماراتي عمر غباش فقد اشار الى ان العرض كان متماسكاً والسينوغرافيا والاضاءة كانتا فاعلتين وخدمتا العرض. الممثل عبدالله المسعود اشار الى اصراره والمخرج على تقديم العمل رغم الظروف التي يمر بها، دون ذكرها، وقال «شكل هذا العمل معاناة كبيرة، ادت الى تكاتفنا وتماسكنا حتى يكون في شكله النهائي وعلى خشبة المسرح، في الكواليس كنت اقول لزميلي المخرج عبدالله راشد، هذا اول وآخر عمل اقدمه، وكان هو الآخر يقول الجملة نفسها، إلا اننا عاودنا وغيرنا رأينا». 

«صرخة»
أما العرض الثاني «صرخة»، فقد قرع جرس انذار التركيبة السكانية، والمخاطر التي تتهدد الثقافة الوطنية  وكانت ساحة الرولة وشجرتها وشجرة أخرى ميداناً لاحداث المسرحية التي شكل الديكور حلقة حول تلك الساحة عنونت اسماء محالها باسماء هندية ترمز الى الوجود المكثف والغالب، والذي كان عنواناً مهماً وبارزاً في العمل. فمسرحية «صرخة» المأخوذة عن قصة قصيرة للكاتب والروائي الإماراتي ناصر جبران، وتأليف المسرحي اسماعيل عبدالله، واخراج ابراهيم سالم، وقدمها مسرح عجمان الوطني، الهبت تعاطف جمهور العرض، وجاءت مباشرة في طرحها للفكرة.
 
الا ان الادوار التي مثلها كل من علي سبت بدور «منصور»، الذي اضاع «عقاله وعرضه» بدلالة رمزية على المشكلة، ساندته الممثلة رشا العبيدي بدور «مها»، والممثل فيصل علي، بدور «إبراهيم بيضة» المختل عقلياً والذي يحمل آلة تسجيل تردد اغاني إماراتية، يواجه من خلالها الاغاني الهندية والممثلين الذين يحملون صوراً كرتونية تمثل الطرف الاخر، اما ذيب داوود «اختر» والذي مثل الطرف الآخر في الموضوع، فقد أدى مونولوجاً حين وقعت المواجهة تحدّث فيه عن معاناته والطريقة التي تم التعامل فيها مع والده وحقه في الزواج من أخت «مها» كنوع من التعويض عما لحق به، رافضاً تطليقها او التخلي عنها كجزء من استحقاق له. الادوات التي عبرت فيها المسرحية «العقال» الذي ضيعه البطل ذات مرة، حين طالب «اختر» بارجاعه، امتلأ المسرح «عقل» .

دون ان يلبسها احد، حيث حاول المخرج من خلالها ايصال رسالته الاهم وهي «صرخة» مدوية. المسرحي الكويتي فؤاد الشطي عقب على المسرحية بالقول «إن مشكلة التركيبة السكانية خطر في الخليج العربي»، اما المسرحي الإماراتي عمر غباش فقد اشاد بدور الممثلين، مشيرا الى ان فكرة العرض هي موضوع الساعة، ولكنها كانت مباشرة في الطرح، «فهذا الموضوع حساس جداً، وينبغي التفكير مراراً قبل ان يقدم المخرج على مثل هذا العرض، كما احسست ان هذا العرض دغدغ عواطفنا، وكان محاولة لطرح قضية بشكل مثير على الجمهور». وقال الاكاديمي العراقي الدكتور صالح هويدي «لعل السر في حوارية هذا العمل، هي النص القصصي لـ«ناصر جبران» .

الذي ترك لنا نصاً ذا ثيمة يعيشها المجتمع كل يوم، واذا تجاوزنا النجاح في اختيار هذه الثيمة ذات الحساسية، فإنه لا يكفي وجود مشكلة حتى نتحدث عنها بطريقة انفعالية، وهي مشكلة حضارية وانسانية، والمعالجة يجب ان تكون حذرة، وان لا تجعل الضحية مدانة». واضاف هويدي «من حق الكاتب الإماراتي أن يعبر عما يحس به، وأن يرفع صوته، ولكن كمثقف عليه أن يرتقي بالمعالجة بمستواها الانساني الذي لا ينال من الانسان، من هنا أقول الترميز الى «العقال والعرض» كان أمراً مبالغاً فيه، المخرج اجتهد اجتهاداً مهماً في حركة الممثلين الشباب، لكن هذا لا يمنع ان الاضاءة على خشبة المسرح كانت معطلة، كما ان اللغة جنحت الى لغة عالية وشعارية، والخاتمة كانت تراجيدية مبالغاً فيها».