تعرفت إليه اسماً ذا إيقاع سحري ممتع وراقص، لا أتذكر كيف؟ لكنني أتذكر جيداً كيف كنت وحدي أقول اسمه في الشارع في مشياتي وعوداتي الطويلة والحزينة باتجاه نفسي الـمتأرجحة بين نضارة النمو وصدمته، في البيت، أيضاً، ضبطني أهلي أغني اسمه الغريب، حينها لـم أكن أعرف عنه شيئاً، كامل الـمغني، كامل الـ م غ ن ي، قد أكون التقطت اسمه من مجلّة أو إذاعة أو صديق، لـم أهتم بمن يكون، لـم أسأل عنه، كنت غارقاً في إيقاع اسمه حتى الغيبوبة، كأن اسمه كان هو الأغنية اللوحة الحلـم، حين نضجت، عرفت أن اسمه الفاتن يصلح بقوة لأن يكون بوابة عالـمه التشيكلي الجميل، قادتني أغنية اسمه إلى أغنيات لوحاته.
أكان يجب أن يموت حسين وكامل بالرصاص حتى يصبح لـموتهما ذلك الصخب وتلك القشعريرة الجماعية الـمقدسة والراضية عن نفسها؟ كان الرمل خامة كامل الأخيرة في مقاربة عالـمه الخاص وهاجس عصره وقضية بلاده، لـم يهدأ لحظةً وهو يبحث عن خامات جديدة، وهل يهدأ الفنان؟! فهدوؤه يعني الـموت، كذلك كان حسين مهجوساً حدّ الغياب بابتكار تقنيات وجماليات أخرى للتعبير عن صراعاته مع نفسه ومع التفكير القبائلي والحزبي والفاسد والسطحي، في بلاده التي ضاعت فيها الثقافة في غابة السياسة، حتى صرنا نجد كتّاباً وفنانين أعضاء فاعلين بقوة في أحزاب وحمائل ومؤسسات أهلية، صار النص وجهاً آخر للهتاف والتنظير والتعميم الحزبي. كانت غزة في عين كامل الـمغني اليسرى، كان العالـم في اليمنى، لـم يسمح لغزة أن تسيطر على العالـم، لـم يتح للعالـم إقصاء غزة، فنان ذكي غنى بلاده والعالـم بتوازن مدهش، ودقة صلبة. zkhadash@yahoo.com |