Emarat Alyoum

حمّى «مكافحة الإرهاب» تعقّد العلاقة الأميركية ــ الكندية

التاريخ:: 16 مارس 2008
المصدر: ترجمة: مـــكي معمري عن مجلة «إيكونوميست»

دأب الأميركيون والكنديون على التنقل بين بلديهما دون الحاجة إلى تقديم وثائق أو حتى التوقف عند نقاط الحدود. إلا أن أحداث 11 من سبتمبر 2001 قلبت الأوضاع رأساً على عقب، واتخذ الجانب الأميركي إجراءات مشددة يتعين بموجبها تفتيش كل المركبات والتدقيق في هوية الأشخاص، والمواد التي يتم شحنها إلى الولايات المتحدة. ويدخل قرابة 37 مليون سيارة وشاحنة إلى الأراضي الأميركية قادمة من المقاطعات الكندية. ويقول السائقون إن الأمور باتت مختلفة تماماً عما كانت عليه، حيث لم يكن عبور الحدود مسألة تستدعي أي استعداد أو وثائق. ومنذ نهاية يناير الماضي، أصبحت بطاقة الهوية الكندية ضرورية للعبور إلى الولايات المتحدة.

 

ويقول الدبلوماسي الأميركي السابق بول فرايزر، الذي يعمل حالياً في مجال الاستشارات القانونية إن المشكلة تكمن في اختلاف وجهتي النظر «ففي الوقت الذي ترى فيه الولايات المتحدة أن الحدود مسألة أمنية ترى كندا أنها اقتصادية». وأضاف فرايزر أنه بسبب ذلك، «لا نتفق مع الكنديين في رسم أهدافنا في هذا الخصوص». 


وفي غضون ذلك عبر مسؤولون اقتصاديون في البلدين عن قلقهم إزاء الإجراءات الجديدة التي من شأنها أن تعرقل الحركة التجارية بين الجارتين. وتشمل الإجراءات زيادة الرسوم وتشديد عمليات التفتيش، الذي يؤدي بدوره إلى الازدحام في نقاط الحدود. 


ومن شأن هذه العراقيل أن  تهدد حرية التبادل التجاري وتنقل الأفراد التي نصت عليها اتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة في أميركا الشمالية «نافتا»، حيث باتت الحدود، حسب المسؤول الكندي بيرين بيتي«سميكة ومعقدة وأكثر تكلفة» وبلغ مجموع المبادلات التجارية بين كندا والولايات المتحدة، 582 مليار دولار، العام الماضي. ويبدو أن الإجراءات الأميركية التي أعقبت أحداث سبتمبر، قد أثرت سلباً في الكثيرين، من بينهم الكنديون الذين لهم مصالح في الولايات المتحدة. ولم يقتصر الأمر على هذا الحد، فقد طال التشديد حتى فرق الدفاع المدني، حيث لم تتمكن سيارات تابعة لوحدة الطوارئ في ولاية الكبيك من الوصول إلى احدى المدن في ولاية نيويورك، للمساعدة في إخماد حريق شب في فندق، بسبب الإجراءات الطويلة على الحدود. 

 

وفي حادث آخر، تم توقيف سيارة إسعاف تنقل حالة مستعجلة، لفترة طويلة، قبل السماح لها بمواصلة طريقها إلى مدينة ديترويت، الأمر الذي استدعى تدخل وزير الأمن الداخلي الكندي ستوكويل داي، ليطلب من نظيره الأميركي مايكل شيرتوف، مراجعة الإجراءات على الحدود المشتركة. إلا أن شيرتوف قال إن التهديدات الإرهابية تجعل أمن الحدود مسألة حساسة للغاية، فقد تم القبض على مجموعة من المشتبه بهم وهم يحاولون عبور الحدود.


وفي المقابل يرى الكنديون أن هناك طرقاً عديدة لتأمين الحدود، دون اللجوء إلى كل هذه القيود والإجراءات الصارمة. ودعا المسؤولون في أوتاوا إلى التنسيق بين سلطات البلدين لإيجاد سبل أكثر مرونة من أجل إعادة الأمور إلى سابق عهدها، قبل الأحداث. 


وعبر رجال أعمال كنديون عن خيبة أملهم بسبب البطء الشديد، من الجانب الأميركي، في اتخاذ خطوات جادة للتخفيف من الضغط على الحدود. ومن المتوقع أن تتشدد الإجراءات الحدودية العام المقبل، بعد أن يبدأ تطبيق إظهار جواز السفر بالنسبة للأميركيين العائدين إلى بلادهم، ما قد يزيد معاناة المسافرين وسائقي الشاحنات.