Emarat Alyoum

«تكنوبارك» يحول دبي مركزاً عالمياً لعلوم المستقبل

التاريخ:: 11 مارس 2008
المصدر: جورج فهيم ومحمد عثمان - دبي
 
كشفت «عالم المناطق الاقتصادية» في دبي عن خطة لتحويل مجمع العلوم والتكنولوجيا التابع لها إلى مركز أبحاث عالمي لعلوم المستقبل والصناعات التطبيقية من خلال سلسلة من المشروعات المشتركة والتعاون الاستراتيجي مع كبرى الجامعات ومراكز الأبحاث العالمية.

وقال رئيس «دبي العالمية»، سلطان احمد بن سليم، «إن دبي التي أثبتت جدارتها كمركز عالمي للأعمال خلال السنوات القليلة الماضية تنتقل الآن لتنفيذ استراتيجيتها للتطوير التكنولوجي من خلال توفير البيئة المناسبة لجذب الاستثمارات المباشرة لمنشآت البحث والتطوير والتصنيع».

وأضاف أن «قائمة الجامعات ومراكز الأبحاث العالمية والشركات الدولية التي تساهم في تنفيذ الخطة تشمل مركز الاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن الأميركية والاتحاد العالمي لمنظمات الأبحاث التكنولوجية وهيئة الاستثمار التكنولوجي الكورية وشركة «انتل».  

ووصف مدير مركز الاستشعار عن بُعد بجامعة بوسطن الأميركية، الدكتور فاروق الباز، في تصريحات لـ «الإمارات اليوم»، خطة المركز بأنها «خطوة مهمة على طريق تقليص الفجوة بين الغرب والعالم العربي في مجالات البحث العلمي والتطوير، داعياً كل الدول العربية كي تحذو حذوها».

دور قيادي
وأوضح المدير التنفيذي لمجمع «تكنوبارك»، حماد الهاشمي، أن «دبي تملك كل المقومات لتصبح مركزاً عالمياً للبحث العلمي والتطوير، سواء من حيث الرؤية والقيادة أم من حيث الموارد البشرية أو العلمية».

وأضاف أن «تكلفة المشروع تبلغ 12 مليار درهم ويقام على مساحة 21 مليون متر مربع وسيتخصص في أبحاث تحلية مياه البحر والطاقة البديلة والبيئة والتكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات».

وأكد الهاشمي أن «الخطة التي تهدف إلى المساهمة في تسريع النمو الاقتصادي لدبي وتحويل اقتصاد الإمارة إلى اقتصاد قائم على التكنولوجيا والمعرفة يعتمد على استغلال موقع دبي الجغرافي المتميز وتقديم حوافز مغرية لجذب الشركات التكنولوجية».

ورأى أن نتائج الأبحاث ستسهم بصورة كبيرة في دعم أداء الشركات وزيادة إنتاجيتها.

الاستثمار في المستقبل
واعتبر الدكتور فاروق الباز أنه «يتوجب على الإمارات أن تقتصد في مبيعاتها من النفط قدر الإمكان، على أن تتجه إلى استخدام الطاقة البديلة، مثل الطاقة الشمسية»، مشيراً إلى أنه «ليس من مصلحة الدولة أن تبيع مخزونها من النفط  بالكامل، ما دام لديها بديل طبيـعي آخر سيدر عليـها الكثير من الأرباح مستقبـلاً، لاسيما للأجـيال القادمة». 

وأضاف أنه «من الضروري أن تفكر الدولة جيداً في عدم استخدام الوقود للحصول على الطاقة محلياً، والتوجه إلى الطاقة الشمسية لتحقيق الاكتفاء الذاتي منها، خصوصاً أن الدولة لديها طاقة شمسية تفوق بكثير دولاً أخرى حول العالم، فيما ينبغي تخزين النفط للمستقبل». 

وأشار، على هامش الإعلان عن الرؤية الجديدة لمجمع العلوم والتكنولوجيا، التابع لعالم المناطق الاقتصادية في دبي «تكنوبارك»، إلى أن «الوطن العربي لم يعد أمامه الوقت الكافي للبداية من الصفر في مجال الأبحاث العلمية، لاسيما أن العالم قد تقدم عنا كثيراً في هذا المجال، فيما علينا أن نبدأ الآن من حيث نحن، ووفقاً لمعطياتنا وظروفنا الحالية، إذ يجب علينا أن نوظف التكنولوجيا في خدمة الصناعة الموجودة لدينا حالياً، فمثلاً نحن في حاجة إلى تحلية مياه البحر، وتتميز كل من الولايات المتحدة الأميركية، وأوروبا وكوريا الجنوبية وسنغافورة في هذا المجال، وما علينا الآن إلا أن نبدأ من حيث انتهت هذه الدول، ونبحث عن كيفية الإضافة، مثل إعداد أبحاث تُعنى بخفض تكلفة صناعة تحلية المياه للشركات المحلية». 

وتابع أنه «عندما يكون لدينا دراسة توضح مدى احتياجنا لصناعة تحلية المياه للأبد، فلابد من البحث والعمل على تقليل تكلفتها، وإذا لم نفعل ذلك من خلال الأبحاث العلمية نكون مخطئين في حق أنفسنا». 

ولفت إلى أن «وسائل البحث العلمي تمتد إلى تطوير التكنولوجيا في مجال الزراعة على سبيل المثال، إلا أن تحقيق ذلك متوقف على نوعية المحاصيل الزراعية، التي لابد ألا تستهلك كميات كبيرة من المياه، مثلما يحدث في بعض المحاصيل التي تستنزف نحو 80% من إجمالي المياه العذبة المستخدمة، مثل الأرز والقمح، فما دامت الدولة غنية، فلا مانع من أن تشتري القمح والأرز بالمال، وأن تزرع محاصيل أخرى لا تستهلك المياه، فحالياً يذهب نحو 80% من المياه العذبة للزراعة، و15% للصناعة، و5% فقط للاستخدام البشري». 

وانتقد الباز وضع البحث العلمي الحالي في العالم العربي، لافتاً إلى أن «كل ما ينتجه العالم العربي علمياً (22 دولة) أقل مما تنتجه دولة مثل أيرلندا»، مضيفاً أن «عدد الأبحاث العلمية العربية، حتى في الجامعات، قليل للغاية، على الرغم من المحاولات الكثيرة، لكن مستوى هذه الأبحاث ضعيف، لاسيما في ظل غياب الدعم الحكومي والإمكانات المالية، وكذا الاعتبار الشخصي للباحثين والعلماء، ولابد من إنشاء مؤسسات في جهات عدة ودعمها مالياً ومعنوياً لتغيير هذا الوضع».

تقنية إماراتية
وأضاف «إذا أشرنا إلى «تكنوبارك» على سبيل المثال، وافترضنا أنها تمكنت عبر الأبحاث العلمية من ابتكار آلية لتخفيض تكلفة صناعة تحلية المياه بنسبة 20% مثلاً، فإن هذا الاختراع سيقلب أنظمة تحلية المياه العالمية رأساً على عقب، فضلاً عن أنه سيلقي الضوء على «تكنوبارك» عالمياً، بحكم أنها تقنية إماراتية خالصة توزع على العالم بأسره، لكن العلماء يحتاجون إلى أن يُنظر ويُسمع إليهم من قبل المعنيين». 

وذكر الباز أن «مراكز البحث العلمي من الممكن أن تُنشأ ضمن الأنظمة التعليمية، لاسيما أن لدينا كوادر وخامات بشرية جيدة، بينما النظام التعليمي هو المصاب بالعطب، وليس أمامنا سوى أن ننشئ هذه المراكز البحثية، حتى ولو تطلب الأمر عزلها عن الجامعات في صورة جزر خاصة، تُعنى بالبحث العلمي فقط، ومن ثم نرتقي بها، إلى أن ينتبه العاملون في الأنظمة التعليمية، إلى أن هناك أشخاصاً قادرون على مساعدة المجتمع بالعلم والمعرفة». 

ووصف الباز مبادرة المناطق الاقتصادية في دبي، بإطلاق مجمع العلوم والتكنولوجيا «تكنوبارك»، بأنها «ستضع الدولة على طريق التقدم التكنولوجي، إذ إنها بمثابة المثل العربي الذي لابد أن يحتذى به في التخطيط للمستقبل».