Emarat Alyoum

سماسرة يرفعون «بدل المشاهدة» 200%

التاريخ:: 10 مارس 2008
المصدر: علاء فرغلي -أبوظبي
 
قال مستأجرون وعقاريون إن سماسرة عقار رفعوا ما يسمى «بدل المشاهدة» بنسب كبيرة، وصلت إلى 200% أحياناً، تُدفع لقاء مشاهدة الزبون العقار الذي سيستأجره أو يشتريه.

وأضافوا أن انتشار ظاهرة سماسرة الباطن غير المرخصين «إحدى المشكلات الرئيسة التي تعاني منها السوق العقارية داخل الدولة منذ سنوات» محملين السماسرة المسؤولية عن ارتفاع الإيجارات «بعد تقسيمهم الوحدات السكنية وتأجيرها مشاركةً، الأمر الذي أسهم في تراجع الثقة بالوسيط العقاري».

ولكنهم لم ينفوا تعاونهم مع هؤلاء السماسرة إذا شعروا بالحاجة إلى ذلك، أي إذا كانوا محتاجين الى زبون أو شقة للإيجار، في مقابل نسبة متعارف عليها.

وعزت غرفة التجارة والصناعة في أبوظبي انتشار ظاهرة السماسرة المخالفين في الإمارة إلى غياب الشركات العقارية المنظمة، وغياب الشفافية، ووجود نوع من الفوضى في السوق العقارية، مرجّحة أن تنحسر هذه الموجة قريباً.

لكن مصادر في الغرفة كشفت لـ«الإمارات اليوم» عن مشروع قانون جديد تُجرى دراسته حالياً بشأن تنظيم مهنة الوسيط العقاري.

وتفصيلاً، قالت سمسارة عقارات في شركة النهر للتسويق العقاري، أم فاتن، إن السماسرة المخالفين «أكلوا السوق» من السماسرة المرخّصين، لأنهم ينشرون كميات أكبر من الإعلانات، ولخفة تنقلاتهم وسهولة إجراءاتهم وعدم اشتراطهم كتابة تعهدات على المستأجرين.

وأوضحت أن ابتكار رسم المشاهدة الذي ارتفع سعره بنسبة 200% أخيراً، كما لو كان احدى السلع الأساسية، هو دليل على ما تعانيه السوق العقارية من فوضى في ظل غياب الدور الرقابي.

وأضافت أن المكاتب المرخصة تضطر أحياناً للتعامل مع هؤلاء، على سبيل تبادل المنفعة، عندما يتوافر لأي منهما سكن دون ساكن، أو ساكن دون سكن، ويتقاسمان العمولة التي تقدر بـ5000  درهم، في حال كانت قيمة السكن أقل من 100 ألف درهم، و5% من قيمة العقار الأعلى من 100 ألف.

وطالب الخبير العقاري في شركة الصياد، حمادة جابر، الجهات المختصة، وعلى رأسها دائرة تسجيل الأراضي والعقارات في أبوظبي، بعدم التعامل مع أي سماسرة غير مرخصين، حفاظاً على حقوق المجتمع، وتطبيق النظام المتبع في إمارة دبي، حيث لا تسمح دائرة الأراضي بالتسجيل إلا عن طريق السماسرة المرخصين لديها؛ حفاظاً على حق البائع والمشتري، على حد سواء.

الأسعار والإيجارات
أما خبير التسويق العقاري، المهندس سليم بن حميد، فقال إن السماسرة استغلوا موجة ارتفاع الأسعار والإيجارات ليبتكروا أساليب جديدة لتحقيق أرباح غير مشروعة، مستغلين معاناة الجميع في البحث عن السكن المناسب.

وكان آخرها رفع ما يسمى بـ «بدل المشاهدة» من 50 درهماً إلى أكثر من 200 درهم في بعض الأحيان، علماً أن هذا البدل غير قابل للاسترداد في حال عدم استكمال الاتفاق، كما أنه ليس له أي سند قانوني.

ووصف مدير عام شركة زووم العقارية رمضان يوسف، هذا الإجراء بـ«الحيلة غير الأخلاقية» لافتاً الى أنها «تتلخص في نشر إعلانات لوحدات سكنية ذات مواصفات عالية بأسعار مناسبة لكل الشرائح الاجتماعية تقريباً، ويتبع ذلك فرض رسوم تصل إلى أكثر من 100 درهم في حال الوحدات السكنية الصغيرة، ويتضاعف الرقم في حال معاينة الأراضي والعقارات، ويتم تحصيلها قبل أن يتحرك السمسار من مكانه.

وبالطبع، سيكتشف العميل بعد المعاينة أن الوحدة السكنية التي جاء لمعاينتها لا تمت بأي صلة لما هو معلن عنه».

وتابع أن أهم الأسباب التي تدفع الناس للتعامل مع هذا النوع من السماسرة هو توفير جزء من العمولة التي تحصل عليها المكاتب العقارية المرخّصة، لكنهم في الوقت نفسه لا يستطيعون الظهور في الصورة عند التسجيل الرسمي للعقارات والأراضي لعدم وجود مظلة قانونية يعملون من خلالها، وطالب بسنّ تشريعات للسيطرة على هذه الظاهرة وإيجاد وسيلة لربطهم بالمكاتب العقارية المرخصة.

توطين السمسرة
ودعت فاطمة الكعبي، مسؤولة إدارة الممتلكات الخاصة في شركة الأوائل العقارية، إلى أن يتولى هذه المهنة شباب مواطنون، بعد تدريبهم وتأهيلهم لذلك، لحماية السوق العقارية.

مضيفة أن السماسرة الذين يعملون دون تراخيص رسمية من الجهات المختصة ليسوا أهلاً للثقة؛ لأن غالبيتهم مخالفون.  وأضافت أنهم يتفننون في ابتكار الوسائل التي يحققون بها مكاسبهم المالية، فيسيئون إلى المهنة، وإلى بقية الشركات.  وأشارت الكعبي إلى أن بعض هذه الممارسات الخاطئة يتمثل في نزاعهم حول العملاء.

وكشف مدير عام شركة راوند وورلد للتسويق العقاري، حاتم جميل، عن استغلال سماسرة أسماء شركات وهمية أو أسماء شركات كبرى، لإضفاء الصدقية على عملهم غير القانوني. 

وتساءل جميل عن دور الأجهزة المعنية في الدولة عن ضبط هؤلاء، داعياً إلى إصدار قرار يحظر على شركات ومكاتب التسويق العقاري تحصيل أموال من العملاء، بخلاف عمولة يتفقون عليها مسبقا وتخضع للقانون.

الصحف الإعلانية
وقال خبير التسويق العقاري، المهندس سليم بن حميد: «أصبح هذا العمل مهنة من لا مهنة له، فعن طريق تكوين شبكة علاقات من الأصدقاء والمعارف يبدأ في ممارستها». 

وأضاف بن حميد: «سبق أن حذرنا من خطورة انتشار هذه الظاهرة منذ سنوات، حتى أصبحت الآن مكوناً أصيلاً من مكونات السوق العقارية، ويمارسها أشخاص من جنسيات مختلفة».

وعزا بن حميد ارتفاع أسعار الإيجارات بهذا الشكل الجنوني في إمارة أبوظبي، الى هذه الظاهرة، حيث يتعمّد السماسرة المخالفون أن تظل الوحدات السكنية في حال تداول دائم من ساكن إلى آخر، وفي كل مرة يتم زيادة إيجارها بنسب أكبر.

وأكّد أنه لمس كثيراً من الشكاوى بين المواطنين والمقيمين، على حد سواء، بسبب هؤلاء، منها ما يتعلق برسوم المعاينة المبالغ فيها ومنها أساليب لإخراج السكان وغيرها، وقدّر نسبة سماسرة الباطن في أبوظبي وحدها بأكثر من ضعف العاملين المرخصين، مؤكداً أنه لا يوجد إحصاء لعددهم لدى أي جهة حكومية. وألقى بالمسؤولية على الصحف الإعلانية التي تفتح صفحاتها لهؤلاء دون أن تتحقق من صدقيتهم، وتسمح لهم بالتلاعب بالجميع، معتبراً اياها شريكاً لهم. 

فوضى السوق
  ومن جهته، قال عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي رئيس قطاع المقاولات والتشييد، خلفان سعيد الكعبي، إن ظاهرة السماسرة لا يمكن القضاء عليها كلياً، سواء كانوا من المرخصين أو غير المرخصين لأنها ظاهرة عالمية موجودة في شتى أنحاء العالم، ولكن يمكن الحد منها بعد تنظيم السوق العقارية وتقنينها بشكل كلي،

وأرجع الكعبي أسباب انتشار ظاهرة السماسرة المخالفين في أبوظبي إلى غياب الشركات العقارية المنظمة، وغياب الشفافية، ووجود نوع من الفوضى في السوق العقارية، ورجّح الكعبي أن تنحسر هذه الموجة بعد فترة وجيزة عندما تهدأ حركة السوق وتنخفض أزمة السوق، وتصدر قرارات أو أطر قانونية يعملون تحت مظلتها
.