Emarat Alyoum

الرصاص الإسرائيلي يلاحق الفلسطينيين داخل منازلهم

التاريخ:: 09 مارس 2008
المصدر: عوض خيري
 
يروي سكان غزة عن مقتل العديد من المدنيين داخل منازلهم، خلال الحملات الأخيرة التي شنتها القوات البرية الإسرائيلية، على الضواحي الشمالية، بحثاً عن مقاتلي «حماس». 

احتضرت في أحضان والدها 

فقد ظل رايد ابو سيف محتضناً ابنته ذات الاثنتي عشر ربيعا وهي تحتضر بعد ان اصيبت بطلق ناري في بطنها اثناء وقوفها على بعد امتار من نافذة منزلهم. يقول رايد والعبرة تخنقه«كنت أمسّد شعر ابنتي صفاء ثم رأيت عينيها ترتفعان للأعلى، وحاولت ان ادلك قلبها لدقيقة واحدة، او ثلاث دقائق، لا ادري، ثم لم اشعر الا والحياة قد فارقت الجسد».

ويشرح ابو سيف البالغ من العمر 40 عاماً كيف اختبأت العائلة داخل المنزل في ميدان زيمو بمنطقة الجبلاية عندما تسللت القوات الإسرائيلية للمنطقة مدعومة بالدبابات.
 
ابو سيف، الذي يعمل في ورشة لدهان السيارات، امر ابناءه السبعة وزوجته سما بالبقاء داخل المنزل وعدم التطلع من خلال النوافذ. وعند الظهيرة ظنت صفاء ان الوضع اصبح هادئاً، وقررت الصعود للطابق الأعلى، حيث كان عمها واسرته في انتظار توقف القتال.

يضيف ابو سيف «كانت فقط عند الباب الأمامي عندما سمعنا دوياً نتج عنه انفجار زجاج النافذة، وكانت على بعد اربعة امتار فقط منها، فربما كان هناك قناص اسرائيلي على سطح احد المنازل لأن الطلقة التي اصابتها كانت واحدة فقط واصابتها في البطن».
 
استدعت الأسرة سيارة اسعاف لكنها جاءت تحت وابل من النيران، ولم تستطع ان تصل إلى المنزل، وعندما حاول الأب حمل ابنته خارج المنزل تحت علم ابيض، قال ان القوات الإسرائيلية التي تعتلي سطح احدى الدبابات اطلقت عليه طلقات تحذيرية فوق رأسه، ولما تعذر الوصول للمستشفى ماتت صفاء في احضان والدها.

استشهاد في غرفة الجلوس 

ويؤكد كثير من الأسر الفلسطينية في ضواحي غزة ان القناصة الإسرائيليين كانوا يقتلون الأهالي داخل منازلهم.  المواطن الفلسطيني حاتم ابو شبك يصف كيف اطلق القناصة الإسرائيليون النار على ابن اخته اياد، 16 عاماً، وابنة اخته، جاكلين، 17 عاماً، خلال تواجدهما في غرفة الجلوس.
 
ويقول انه كان يفصلهما عن النوافذ امتار عدة، ويزعم ان القناصة الإسرائيليين يستهدفونهم. شاب فلسطيني يقول انه اصيب ثلاث مرات عندما اقترب من ميدان زيمو ليستطلع الأمر.

قناصة ومستوطنون

  أحمد ابو رضوان (18 عاماً) كان يتحدث من على سريره في مستشفى كمال رضوان، قال ان جارهم، جهاد ابو هلايل، يافع ايضاً، قتله القناصة الإسرائيليون. وخلال ايام القصف كانت شوارع مدينة غزة خالية عندما اغلقت المدارس ابوابها، ونصحت السلطات السكان بالبقاء داخل منازلهم. وتجمع الكثير من الأهالي خارج المستشفيات في انتظار استلام جثامين ذويهم من المشرحة لكي يتمكنوا من دفنها.

والكثير منهم يحملون راديوهات صغيرة للاستماع للأخبار، من بينهم توفيق شعبان المعلم بإحدى المدارس، والذي كان يهمس «العار للعرب والمسلمين والإنسانية جمعاء.. متى سيتحركون لإيقاف اسرائيل عند حدها؟».

صورة من رام الله
 
نهاية الأسبوع الماضي اقترب حماد صالح الطالب البالغ من العمر 18 عاماً وبعض زملائه من مستوطنة اسرائيلية في رام الله، وبدأوا برجم المنازل بالحجارة، اطلق احد المستوطنين النار على حماد في رأسه وارداه قتيلاً، وحمله زملاؤه للمستشفى لكنه توفي في الطريق.
 
مظاهر الحزن والغضب التي رافقت مقتل هذا الشاب تؤكد ان دائرة العنف والقتل التي سادت غزة الأيام القليلة الماضية قد بدأت تنتشر ايضاً في الضفة الغربية. وعلى الرغم من الهجوم المتقطع على المستوطنين والقوات الإسرائيلية يقول الفلسطينيون ان صبرهم قد وصل إلى نقطة الانفجار، ويقول احد المشيّعين  «ان ذلك يشبه برميل البارود الذي سرعان ما ينفجر في الشوارع الفلسطينية».

وحدة يعمّدها الدم 

رام الله، قصبة حكم السلطة الفلسطينية، من اكثر المدن الفلسطينية التي تتمتع بأمن نسبي نظراً للدوريات الأمنية التي تطوف بشوارعها، الا ان موكب تشييع حماد كان فرصة للمواطنين للتنفيس عن غضبهم حيال اسرائيل، وعبروا عن استعدادهم للانتقام منها لهجماتها المتكررة على قطاع غزة، وعبر العديد عن تضامنه مع «حماس».
 
وعندما بدأ موكب الجنازة يسير عبر شوارع رام الله ابتلعته جماعة من المتظاهرين من كل المناحي السياسية، ومن بين بحر الأعلام ذات الألوان الأحمر والأصفر والبرتقالي التي ترمز لفتح -المناوئ الأساسي لحماس- هناك اعلام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والعديد من الأعلام الخضراء التي ترمز لحماس. ويعتبر منظراً غير معهود بالنسبة إلى الكثير من المشاهدين، حيث ان «فتح» دخلت في صراع مرير مع «حماس» منذ ان انتزعت منها الأخيرة السيطرة على قطاع غزة، وكثيراً ما يتهم كل منهما الآخر في قتل مؤيديه.
 
ويقول الصحافي المحلي محمد اسعد «انها المرة الأولى التي ارى فيها اعلام فتح وحماس ترفرفان بجوار بعضهما بعضاً»، ويضيف «اننا هنا للحيلولة دون اراقة مزيد من الدماء الفلسطينية، اننا هنا لمساندة الشهيد الذي سقط اليوم والدعوة للوحدة الوطنية».