Emarat Alyoum

«الحب في زمن الكوليرا».. فيلم يقلّب صفحات الرواية

التاريخ:: 02 مارس 2008
المصدر: زياد عبد الله - دبي

على الأوراق شيء، على الشاشة شيء آخر، عليّ أن أبدأ بتلك الحقيقة التي يضعها أمامنا على نحو ساطع فيلم «الحب في زمن الكوليرا» المأخوذ عن رواية غابريل غارسيا ماركيز الشهيرة، والذي يعرض حالياً في دور العرض المحلية. 

يمكن الإضافة على ذلك والقول: الآن نعرف وبعد مشاهدة الفيلم لم كان ماركيز مصرًا على رفض منح حقوق هكذا رواية للسينما، مثلما هو الحال مع روايته الأشهر «100 عام من العزلة»، والإجابة تتمثل بأن تلك الأعمال خلقت لتقرأ لا أن تشاهد، وليست مثل «قصة موت معلن» أو «ليس لدى الكولونيل من يكاتبه» على اعتبارها تحوّلت إلى أفلام مميزة.

شيء آخر يحضر لدى قراءة فيلم «الحب في زمن الكوليرا» له أن يكون في وضع الرواية جانباً ومشاهدة الفيلم بعيداً عنها، ولعل هكذا إجراء يحمل من الحكمة الكثير على صعيد سينمائي، لا بل إن مقارنة الرواية بالفيلم أمر فيه الكثير من السذاجة طالما أننا نتحدث عن أدوات تعبير متباينة، ومساحة جلية بين الكلمة والصورة.

لكن مع رواية مثل «الحب في زمن الكوليرا» سيكون من الصعب فعل ذلك، لأسباب عدة، يأتي في مقدمتها شهرة هذا العمل ككتاب وصعوبة تحويله إلى فيلم، ولتكون أيضاً هذه العملية، أي نقل الرواية إلى السينما، رهان الفيلم الرئيس.

ومن جهة أخرى تحضر الطريقة التي صاغ فيها مخرج الفيلم مايك نويل وكاتب السيناريو رونالد هارولد الرواية ، حيث لم يقم هارولد إلا بتقديم ملخص لها، بمعنى المرور على أحداثها دون أية معالجة درامية، بحيث تحولت الرواية في الفيلم، إلى قصة حب فلورنتينو لفرمينا، ورفض والدها زواجها منه، ومن ثم بقاء فلورنتينو وفياً لحبها طيلة حياته، بروحه وليس جسده، وانتظاره موت زوج فرمينا ليتمكن من زواجها وإن كان ذلك في أواخر العمر. قصة لنا أن نشاهدها في أي مسلسل مكسيكي، لولا أن فرمينا لا تحب الباذنجان، أو أن رقم عاشقات فلورنتينو تجاوز ال600 ولم يستطعن جميعاً من جعله ينسى فرمينا، وغير ذلك مما أخذ من الرواية على عجل.

وهكذا فإن الفيلم لم يحمل أي مفاجآت أو خروقات، ما من واقعية سحرية ولا أخرى غير سحرية، ما من راوٍ، ولا من روح ماركيزية لنا أن نشاهدها على صعيد الصورة، فالأمر لا يتخطى موقع التصوير والديكور، لا بل إن الحوار كان بالإنجليزية، رغم أننا نسمع «الكومبارس» أو الشخصيات الثانوية ترطن بالاسبانية.

كل ما نشاهده يلعب دور تذكير قارىء الرواية بالأحداث على هيئة تلخيص مشهدي، مع خلفية من الطبيعة اللاتينية، وعلى شيء من السياحية، المفتقدة للحرارة، والمستسلمة تماماً لخط سرد أفقي،  إضافة لعامل محلي آخر كان الضربة القاضية للفيلم، وربما لهذه القراءة للفيلم، يتمثل بالحذف الرقابي لعدد كبير من المشاهد، ما يدفعنا للتساؤل، أليس منع عرض الفيلم في الإمارات أفضل من تقطيعه على هذا النحو؟ يبقى أن ننوه بأغاني الفيلم التي حملها صوت شاكيرا الجميل، فالأغاني قد تكون أجمل ما في الفيلم.

ليس غريباً بعد ما تقدم معرفة أن منتج «الحب في زمن الكوليرا» سكوت شتايندروف أمضى ثلاث سنوات في إقناع ماركيز بتحويل الرواية إلى فيلم ، عناد شبيه بعناد فلورنتينو، حسب تعبير شتايندروف نفسه، المعروف بهوسه بتحويل الروايات إلى أفلام، وليس غريباً أن نقول بعد مشاهدة الفيلم، ما كان عليك يا ماركيز أن توافق.