Emarat Alyoum

وليد حميد: كل بدين قادر أن يكون «رابح أكبر»

التاريخ:: 01 مارس 2008
المصدر: محمد عبدالمقصود -دبي

عانى من نظرات السخرية اللاذعة من أقرانه والمحيطين به، ومنذ طفولته لم تمكنه سمنته المفرطة من الاستمتاع مع غيره من الصبية والأطفال بخدمات مناطق الألعاب في مدرسته أو في الحدائق العامة التي لم يأخذ صانعوها في الحسبان أن ثمة أطفالا بدينين،

وكانت رصاصة الرحمة كما يحلو له التعبير في ذلك الوقت أن يقال له دون أقرانه «غير مسموح صعودك إلى هذه اللعبة»، وحينما وصل إلى مرحلة الدراسة الثانوية اختار أن يخالف القاعدة ويلتحق بمدرسة فنية تجارية،

ليتمكن بعدها من الحصول على المركز الأول على مستوى الدولة في فئة خريجي المدارس التجارية عام .1999 التحق وليد بعدها بسلك القوات المسلحة، لتكون دراسته في جامعة الإمارات ـ قسم محاسبة بوظيفة ضابط في قسم المالية،

وكاد أن يحقق ما يصبو إليه من هذه المرحلة وهو حصوله على درجة امتياز في التقدير العام، قبل أن تعيقه مادة وحيدة من تحقيق هذا المنجز؛ إلا أن الحادثة الأهم في حياة وليد كانت تعرضه لإصابة قبيل تخرجه أثناء محاولته رفعه إحدى ساقيه على حوض مياه من أجل الوضوء،

ليتعرض بعدها بسبب وزنه الزائد إلى فقدان توازن أدى إلى انزلاقه وإصابته في شرخ في العجز الحامل للعمود الفقري، لم يلتئم سريعاً بسبب السمنة المفرطة، ما أدى إلى إحالته على التقاعد المبكر وهو برتبة ملازم في القوات المسلحة.

صفعات مجتمعية كثيرة تعرض لها المواطن الشاب وليد حميد بسبب وزنه المفرط في الزيادة، إلى الدرجة التي جعلته أيضاً بعد فقدان وظيفته، يفقد فرصة الارتباط بمن اختارها شريكة لحياته، وكانت صيغة التحدي المصاحبة لوليد الذي كان وزنه 130.500 كيلو غراماً لحظة تسجيله في برنامج «الرابح الاكبر»،

تمكن من فقدان أكثر من نصف وزنه في زمن قياسي لم يتجاوز ستة أشهر، هي فترة تسجيل البرنامج قبل إذاعته ليصل إلى 65.200 كيلو غراماً دون أن يستعين بأي أدوات تنحيف ـ حسب تأكيده ـ مع التزامه بغذاء صحي في الوقت ذاته، منفرداً برقم قياسي عالمي على مدار تاريخ البرنامج سواء في نسخته الأصلية الأميركية «الخاسر الأكبر»

، أو في نسخته العربية التي فاز بها في العام الماضي شاب أردني تمكن من فقدان 48% من وزنه الإجمالي في مقابل 50.04% لوليد، بينما اقتصر الرقم الأميركي المحقق في هذا الإطار على فقدان 47% فقط من وزن الخـــاسر الأكبر مات لوفر .

وفي لقائه مع «الإمارات اليوم» كان وليد متحفظاً عن ذكر وظيفته الرسمية السابقة ضابطاً متقاعداً بسبب ظروف السمنة المفرطة التي أدت إلى إصابته بتفلطح في القدمين، فضلاً عن تسببها في عدم تمكنه من الشفاء من إصابة بسيطة لحقت به،

رغم فخره الشديد بمنجز إرادته واصطحابه الدائم لثيابه القديمة شاهدا حاضرا معه دائماً على ثمار قوة عزيمته. وقال وليد الذي توجه مباشرة بعد هذا اللقاء إلى سوق الذهب لابتياع مصوغات خطيبته مستفيداً من جائزة «الرابح الأكبر» المالية وقدرها 250 ألف ريال سعودي: «أفقدتني السمنة وظيفتي،

ومنعتني من الاقتران بالفتاة التي اخترتها، والقبول الاجتماعي، وهو الشيء ذاته الذي ربحته بتخلصي من الوزن الزائد، فقد تعلمت الآن أن أعمل ما أحب، لذلك قررت أن أخطط لمشروع إنشاء مركز صيانة الطائرات الخاصة، وهو القرار الذي لم أكن أجرؤ على اتخاذه قبل ذلك.

فيما زالت عراقيل اقتراني بمن اخترت أيضا، بعد أن أصبحت «الرابح الأكبر»، لأجد نفسي بعد ذلك شخصاً شديد القبول ممّن حوله إلى الدرجة التي أصبحت معها عَلَماً تُلتقط إلى جواره الصور التذكارية».

وحول تفاصيل حصوله على لقب «الرابح الأكبر» قال وليد:«انقسمت آلية المسابقة إلى مرحلتين أولاهما خضع لها المتسابقون الـ14 كافة الذين تم اختيارهم من بين 750 شخصاً شديدي البدانة، إلى حمية وتدريبات لياقة بدنية في مركز الصحة والرياضة التابع للبرنامج في بيروت على مدار ثلاثة أشهر،

خسرت أثناءها 37.800 كيلو غراماً، ليصبح وزني 92.700، تم بعدها انهاء المعسكر الذي كان يغادره أقل المتسابقين نجاحاً في فقدان وزنه الزائد أسبوعياً، ليصعد إلى الحلقة الختامية ثلاثة متسابقين فقط حُدِّد لهم موعد بعد ثلاثة أشهر من أجل إخضاعهم للوزن النهائي وتحديد هوية الفائز ».

ويواصل وليد :«عدت إلى الإمارات والتحقت بنادي اللياقة البدنية بالقوات المسلحة في أبوظبي، وتمسكت بنظام رياضي وغذائي صارم، حيث كنت أقوم بالعدو السريع لمسافة 12 كم مرتين يومياً، وبعد أن فقدت كامل نسبة الدهون بجسدي لجأ مدربي إلى حرق السعرات من المخزون العضلي، فضلاً عن التزامي بنظام غذائي صحي صارم بعيداً عن تناول أي مواد كيميائية».

واعترف وليد بأنه ضعف مرة وحيدة أمام رغبته في تناول قطعة من الشوكولاته، لكنه قام فوراً بالتخلص من تأثيرها عبر «نوبة عدو طويلة» حسب تعبيره.

وفيما يتعلق بردة فعل من حوله بعد ظهوره بمظهره الجديد الذي فاجأ به أسرته وأصدقاءه قال وليد: « كنت قد سافرت إلى زيوريخ لمرافقة أخواتي وصغارهن لمدة ثلاثة أسابيع أثناء فترة خضوعي لبرنامج فقدان الوزن الشخصي، وحينما عدت إلى منزلي صرخت أمي قائلة «جوعتوا ولدي»،

بينما بكى والدي وكاد يغشى عليه من شفقته بحالي، لولا أنني تلقفته بيدي قبل سقوطه أرضاً. أما المتنافسون معي في البرنامج قد روجوا لأنني قمت بإجراء جراحة نادرة على الماء في فيينا لاستئصال الوزن الزائد».

وقال وليد أن التمر والتفاح لعبا دوراً مهماً في نظامه الغذائي أثناء فترة الحمية الصحية، مشيراً إلى أنه يأكل الآن «كل شيء ولكن بحساب»، في انتظار إجراء جراحة ضرورية لاستئصال الزوائد الجلدية الناتجة عن الانخفاض الشديد في وزنه الكلي

جمعية «أصدقاء البدينين»

قال وليد حميد إنه يعتزم انشاء جمعية خاصة تعنى بعلاج الأشخاص المصابين بالسمنة المفرطة تحت مسمى «جمعية أصدقاء البدينين»،مشيراً إلى أن الشخص البدين يبقى عرضة ليس لأمراض عضوية وصحية فقط، بل لأمراض نفسية أيضاً، نتيجة المعاملة الخاصة السلبية التي يلقاها من بعض أفراد المجتمع الذين يعدّونه أحياناً مادة للسخرية، مضيفاً أن السمنة ليست المرض الذي لا يرجى شفاؤه».

عودة إلى «السمنة»

بعد أن نجح وليد في التخلص من أكثر من نصف وزنه، أصبح مطالباً باستعادة بعض من الكــيلوات 65 التي فــقدها، حسب أوامر الأطباء الذين أكدوا خطورة الاســـتقرار على هذا الوزن بعد ســـتة أشـــهر فقط من محاولات إنقاص الوزن، لذلك بدأ وليد مرحلة جــديدة من اكتســاب الكـــيلوات المفقودة حيث تمكن حتى الآن من اســـتعادة 13 كيلو غراماً ليصــبح وزنه 78 كيلو غراماً .

حلم الطيران

إمعاناً في تحدي الذات اختار الرابح الأكبر الطيران مجالاً مستقبلياً لعمله، حيث قال :«خطتي المستقبلية تتلخص في انشاء ورشة خاصة لصيانة الطائرات الخاصة، وهو مشروع أعتقد أن له جدواه الاقتصادية في الإمارات، نظرا لوجود عدد كبير من الأشخاص الذين يمتلكون طائرات خاصة».

وهو عمل سوف يكون عماده مجموعة من مهندسي صيانة الطائرات المهرة الذين تربطني ببعضهم حالياً صلات وثيقة، ويمتلكون حماساً كبيراً للانضمام إلى المركز في حال توفيقي في افتتاحه.

خسارة الجواد رقم 2

بعبارات من وحي كلمات صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي قال الرابح الأكبر، إن قناعته بأن قيمة الإنجاز ترتبط باحتلال مركز الصدارة دون المراكز التالية، هو ما دفعه إلى بذل كامل طاقته من أجل انقاص وزنه في رحلته للحصول على لقب « الرابح الأكبر ».

وقال وليد : « نصحني بعض الأصدقاء المخلصين بالتوقف عن ذلك ظناً منهم أنني في طريقي إلى إيذاء نفــسي من أجل وهم الحصول على لقب «الرابح الأكبر»، دون أن يفطنوا إلى أن ما قمت به خير وقاية لي من امراض الســمنة الشائعة مثل السكري والضغط وآلام الديـسك والنقرس وغيرها التــي كادت أن تلاحقني.