Emarat Alyoum

تصنيفات

التاريخ:: 25 فبراير 2008
المصدر:

 

يزخر العالم بكثير من المنظمات والهيئات التي تُعنى بتصنيف الدول في مجالات شتى كالنموّ الاقتصادي وحرية الأعمال والشفافية والبيئة وحقوق الإنسان والملكية الفكرية.. وغيرها.
وتأتي نتائج التقويم أو التصنيف السنوية لتشكل حدثاً في ذاته تنتظره كثير من الدول بترقب بالغ، خوفاً من تأخر في الترتيب وأملاً في تقدم حتى وإن كان صورياً.. ولكن المهم أن لا تكون أقل مرتبة من نظيراتها وبالأخص جيرانها .
 
 نحتفي بدون طائل بالتصنيف الذي يضعنا في مرتبة عليا حتى وإن كان كاذباً أو غير ذي جدوى، ونستنكر ونهلع من تلك التصنيفات التي تضعنا في ذيل القائمة أو التي تجعل دولاً نراها أقل شأناً في وضعية أفضل منا.. ولكن هل سأل أي من هؤلاء المذعورين من تصنيفات كهذه، عن مدى صدقية هذه الأرقام والتصنيفات؟ وهل كل ما يقال أو يعلن أو يوضع ضمن قوائم يعني بالضرورة حقائق تستدعي كل هذا الضجيج؟ والسؤال هنا: لماذا كل هذا الهوس بالتفوق الكاذب ؟ ولم كل هذا الهلع من التأخر الكاذب أيضاً ؟ ولماذا نظل أسرى تصنيفات قادمة من مؤسسات وهيئات ليس لها ثقل دولي ، أو اعتراف أممي؟ ألم يحن الوقت للوصول إلى نضج حقيقي قادر على إصدار الأحكام بروية ووفق ركائز متينة قائمة على معايير دقيقة وصادقة .
 
 كثير من هذه الهيئات تم إنشاؤها من قبل جماعات ضغط ذات مصالح خاصة أو تنفيذاً لأجندات غربية صرفة ولأهداف محددة.. ويتم الترويج لصدقيتها عبر الشبكة العنكبوتية وبالزج بثُلّة من الأكاديميين فيها لإضفاء نوع من الشرعية والحيادية لديها وفق معايير وهمية لذر الرماد في العيون ، وهناك نوع آخر من الهيئات يستجدي الهبات والرشى ليضع الدول في مراتب لا تستحقها .. مثل هذه التصنيفات لها كثير من الانعكاسات السلبية أولها الوقوع في فخ نظرة الآخر لنا وهي النظرة التي يجب ألا تكون هدفاً بحد ذاته، لأنها ببساطة تعني أننا ما زلنا واقعين في شرك الآخر الذي يعنينا التجمل أمامه وكأنه صاحب الفضل والأفضلية.
 
وعلى سبيل المثال فإن الصين وإسرائيل وكثيرا من الدول الغربية لا تحفل البتة بهذه التصنيفات ولا تهتم كثيراً ببطولات مزعومة، وغير معنية بانتقادات أي كان، لأن هناك ثقة عالية بأعمالهم وخططهم، ولديهم إمكانية تغيير واقعهم وبالتالي القدرة على الاعتراف بالنواقص والبحث عن سد العيوب مستقبلاً، فهي دول حددت أهدافها واسترعى اهتمامها حجم المنجز وماذا بالإمكان الإضافة إليه. آن الأوان لإلقاء هذا الذعر جانباً والتحلي بروح مقدامة قادرة على المواجهة والثقة العالية بالنفس والابتعاد عن الاحتفاء بتميز زائف يضعنا في مرتبة لا نستحقها.. والأهم هو الوعي بهذه التصنيفات الواهية التي تصطاد دائماً في ماء آسن.. الخوض فيه إساءة وتجاهله رأس الحكمة.

 

hkshaer@dm.gov.ae