Emarat Alyoum

«فيتامين» طبيب المشاهدين

التاريخ:: 24 فبراير 2008
المصدر: محمد عبدالمقصود - دبي

 
بعيداً عن صيحات النصر المزعجة التي تصم الآذان، وكعكة المناسبات السعيدة التي قد تضر بالحمية الغذائية، احتفلت أسرة برنامج «فيتامين» الأسبوعي الذي يبث على شاشة قناة دبي الفضائية، بالوصول إلى الحلقة رقم «100»، بشكل صحي وعملي، حيث كانت الصيغة المثلى التي ارتآها العاملون في «فيتامين» هي تقديم حلقة شديدة التميز؛ جمعت عدداً من أصحاب الحالات التي عالجتها بعض حلقات البرنامج، مع أبرز الضيوف الذين تعاونوا أيضاً في تحليل تلك الحالات، حيث تؤشر هذه الحلقة التي ستذاع مساء الأحد المقبل، لموقع «فيتامين» الذي احتفظ بمكانه على جدول برامج «دبي الفضائية» لأكثر من عامين، رغم التعديلات الكثيرة التي غيرت الخريطة البرامجية للقناة، في مناسبات عديدة.


مقدم البرنامج د. علي سنجل طبيب برتبة رائد، يعمل مديراً لإدارة الخدمات الطبية بشرطة دبي، لا يتردد في تفصيل المناسبة التي قربته من عالم أضواء التقديم التلفزيوني، والتي تعود لمكتشفته نائبة مدير تلفزيون دبي، مها قرقاش، التي اقتنعت بموهبته الإعلامية وهو في هذا المنصب ليخضع بعدها إلى دورات تدريبية عدة في مؤسسة دبي للإعلام أهلته لبدء مشوار «فيتامين».


ازدحام ممتع
ازدحام العمل اليومي لسنجل ما بين مهام وظيفته الرسمية، إلى متطلبات التقديم التلفزيوني، فضلاً عن لقائه مرضاه في عيادته الخاصة على مدار ثلاثة أيام في الأسبوع، كل هذا-حسب سنجل- كان ممكناً وممتعاً في آن واحد، بسبب رغبته في تقديم عمل يفيد به المجتمع، سواء على النطاق المحدود في معالجة حالات مرضية بعينها، أو على نطاق أوسع من خلال البث التلفزيوني لبرنامج يتعرض لمشكلات صحية واجتماعية تفتك بالمجتمع.


وفي هذا الإطار قال سنجل لـ «الإمارات اليوم»: «علاقتي بالإعلام بدأت بالأساس من الأسرة، فكثيرا ما كنت أتقمص دور المذيع في جلسات عائلية شديدة الحميمية، وحينما وصلت الى سن المدرسة كنت عضواً اساسياً في فريق الإذاعة المدرسية، لكن التخصص الطبي طغى كثيراً على هذا الجانب، قبل أن تتاح لي فرصة التصالح مع ميولي من خلال «فيتامين».


انفرادات «فيتامين»
وعن أبرز انجازات «فيتامين» يضيف مقدم البرنامج: «أعتقد أن أكبر انجاز على المستوى الداخلي، أننا رسخنا ثقافة العمل الإعلامي الجماعي، من خلال روح الفريق التي نعمل بها داخل أسرة عمل «فيتامين»، لكننا نفخر في الوقت ذاته بتمكن البرنامج من تصحيح الكثير من المفاهيم المتعلقة بعدد كبير من الأمراض، وكان «فيتامين» وراء سن قوانين جديدة أنصفت فئات بعينها في المجتمع، وكذلك إنشاء جمعيات جديدة أيضاً مثل جمعية الأطفال المنغوليين، وساندنا حملات توعوية كثيرة مثل التوعية ضد الإيدز والتلاسيميا، وأيضا التوعية بضرورة فحص المقبلين على الزواج وغير ذلك، فضلاً عن أننا امتلكنا مبادرة التطرق إلى موضوعات حوارية جديدة مثل «أمراض السفر»، و«مشكلات صعوبة التعلم عند الأطفال».

 
وقال سنجل إنه كان شديد التأثر بمعظم الحالات الإنسانية والمرضية التي استقبلها البرنامج، لكنه كان حريصاً في ذات الوقت على تدارك أي دمعة تحاول الفرار من عينيه، مضيفاً: «أكثر الحلقات التي لم أستطع تمالك شعوري الانفعالي فيها كانت حلقة الفتاة ذات التسعة عشر ربيعاً المصابة بحالة نفسية تجعلها تتعرى دون أن تدري، في حين أن حالة أسرتها المادية لا تسمح لها بتلقي العلاج المناسب، فضلا عن الحالات التي يكافح أصحابها  ضد السرطان».

 

ونفى سنجل أن تكون هناك حلقات تم إلغاء إذاعتها بعد تسجيلها، لأسباب رقابية، مؤكداً أن «سقف الحرية الممنوح للبرنامج من مؤسسة دبي للإعلام عالٍ، بدليل التطرق إلى عدد كبير من الموضوعات الشائكة، التي لم يتوقع البعض إمكانية تحليلها إعلامياً»، مشيراً في الوقت نفسه إلى محدودية استعانته بالحذف عن طريق المونتاج، حتى في حال وجود أخطاء لفظية له كمقدم.


بعيداً عن التلفيق
من جانبها قالت المنتجة المنفذة للبرنامج سامية عيسى إن أكثر المشكلات التي واجهت «فيتامين»، على مدار حلقاته الـ100، كانت الحرج الاجتماعي لمعظم الحالات من الظهور على شاشة التلفزيون، مشيرة إلى أن بعض الحالات كانت تقتنع في النهاية بقيمة الفائدة المجتمعية المتحققة للمشاهدين من تحليل حالتهم طبياً واجتماعياً عبر البرنامج، مضيفة: «في كثير من الأحيان كنا نلجأ إلى تغيير صوت صاحب الحالة بناء على طلبه، أو الاكتفاء بتواصله معنا من وراء ساتر، أو عبر الحديث الهاتفي».


وقالت سامية إن النجاح الحقيقي لـ«فيتامين» الذي يحتفل بحلقته الـ100 هو تطرقه إلى موضوعات لم يسبق أن عالجتها البرامج النظيرة رغم أهميتها مثل ظاهرة الاحتباس الحراري، اسباب زيادة الإصابة بالأمراض النفسية وأمراض السرطان، وربط ذلك بظواهر اجتماعية في ظل وجود حالات تعرض تفاصيل قصتها المرضية. وأكدت سامية أن جميع الحالات التي يعرضها «فيتامين»حقيقية وغير ملفقة، مضيفة أن أصحاب هذه الحالات يخضعون في الغالب لعملية اختبار واستقصاء دقيقة للتثبت من جدية معاناتهم.


 من جانبه اعتبر معد البرنامج أنور الخطيب أن «الاستقرار على تسمية موضوع الحلقات هو المعاناة الحقيقية لفريق (فيتامين)، لما يترتب على ذلك من تحديد هوية الضيوف، وأيضاً التأكد من توافر حالات على استعداد لقبول الاستضافة التلفزيونية، وهو أمر يصبح عصياً على التحقيق أحياناً إلى الدرجة التي سُجلت فيها بعض الحلقات من دون وجود حالات مرضية بخصوصها في الاستوديو».


وقال الخطيب إن القضية الأسلوبية الأهم بالنسبة له هي «تحويل البرنامج في اتجاه بعيد لحد ما عن أسلوب النصيحة الطبية المباشرة من خلال الاستعانة بأسلوب ممتع يأخذ من جماليات الحكاية أطرافها، ومن خفة ظل الأعمال الترفيهية المنوعة بعض ملامحها، لتجمع الحلقة بين عناصر الإفادة والإمتاع والتشويق».


 حالات «شجاعة»
احدى الحالات التي لم تمانع من الظهور في البرنامج وهي فاطمة محمد التي تعالج من إصابة سرطانية قالت لـ «الإمارات اليوم»، حول كيفية اشتراكها في البرنامج: «اتصل بي معد البرنامج وأقنعني بأهمية مشاركتي وسرد قصة مرضي، حيث إنني أهملت بدء العلاج الكيماوي الذي كنت أخشى عواقبه كثيراً لأنني كنت أتحسب من زيادة وزني، وهو أمر ساهم في تفاقم حالتي لحد بعيد، وهذا ما أردت شرحه للناس من أجل تجنب تجاهل العلاج لأسباب واهية، ورغم زيادة وزني بشكل كبير بعد بدئي في العلاج إلا أن حالتي المرضية أضحت في تحسن مستمر».


ومن فئة المعاقين جاء عبدالله محمد ليحتفل، ضمن الحالات السابقة للبرنامج، بحلقة «فيتامين» رقم 100، حيث قال: «سبب إعاقتي هو حادث مروري مأساوي، وجئت في البرنامج سابقاً لسرد تجربتي مع  رفض بعض الأسر تزويج بناتهم لشاب معاق، لا سيما أن عددا من أفراد أسرتي معاقون أيضاً، فكان اقتناعي بجدوى مناقشة هكذا قضية دافعاً للتخلي عن الحرج الشخصي من التعرض لبعض خصوصياتي على قناة فضائية». 


ومن هذا المنطلق، الذي يحمل وعياً اجتماعيا، اصــطحبت أم أفراح صغيرتها أفراح ذات الـ12 ربيعا، لتجعلها أنموذجا حيا في حلقة ناقشت «عسر التعلم عند الأطفال»، حيث تعاني أفراح من مشكلات دراسية عديدة، حيث تقول أم أفراح: «لم أنظر إلى المسألة بدافع شخصي، ولم يشغلني موقف ابنتي أمام زميلاتها في المدرسة، وكل ما سعيت إليه هو أن يساعد استعراض حـــالة ابنتي المرضية في توصل ضيوف البرنامج إلى بعض النصائح التــي تفيد آلاف الحالات التي تشبه حالة أفراح ويشاهدها ذووها على شاشات التلفاز». 
 
البحث عن جمهور متخصص  
طالب مقدم برنامج «فيتامين» د. علي سنجل بترسيخ ظاهرة المقدم المتخصص، لا سيما في البرامج الطبية والدينية التي تلعب دوراً مهماً في حياة معظم المشاهدين، مطالباً في الوقت نفسه بجمهور متخصص أيضاً يحضر هذه الحلقات التي تسجل بنظام «التوك شو» داخل الاستوديو.  وقال سنجل إن وجود طلبة من كلية الطب في حلقات برنامجه الطبي أيضاً سيثري النقاش بين أصحاب الحالات المرضية وضيوف البرنامج المتخصصين، ما سيزيد من قيمة الفائدة العلمية والتوعوية التي سيجنيها المشاهد.
  

لم يتعاونوا معي

قال سنجل إن أحد دوافعه لتقديم برنامج «فيتامين» هو رغبته الشديدة في الانخراط في العمل التطوعي الذي يجعله على تماس مع معاناة الناس واحتياجاتهم، مشيراً إلى أنه سعى قبيل بدء البرنامج إلى إنشاء جمعية ذات نفع عام تجمع الأطباء الراغبين في القيام بجهود علاجية بما فيها العمليات الجراحية للمرضى بالمجان، واستطاع جمع الموافقات من عدد كبير من الأطباء.  واضاف سنجل «قدمت المشروع والتصور الكامل إلى الجهات المختصة لكنهم لم يتعاونوا معي»، دون أن يفصح عن هوية الجهات التي لم تتعاون معه بشكل دقيق.