Emarat Alyoum

العودة إلى الجاهلية

التاريخ:: 24 فبراير 2008
المصدر:

   

أقام الكتّاب الدنيا على وزراء الإعلام العرب بسبب الوثيقة التي أعدّوها لـ«السيطرة» على الانفلات الإعلامي الأرضي والفضائي و«الإنترنتي»، ومع أننا لسنا مع فرض قيود رقابية على الإعلام والفضاء، كما أنه من الصعب جداً السيطرة، أو حتى محاولة السيطرة على الإعلام في العام 2008، الذي تجتاح فيه التقنية العالم، فارضة ثورة لا يمكن الوقوف أمامها، إلا أننا يجب أن نعترف بأننا شعب لا نستحق التقنية والتطور، ولا نستحق حتى مشاركة العالم في ثورته التكنولوجية، لأننا وببساطة أسوأ من استخدم هذه التقنية.


بالفعل هناك حالة من التخبط في استخدام الوسائل الإعلامية الحديثة، و«الانفلات» الإعلامي هو أقل ما يمكن وصف الحالة بها، وهي حالة عامة، لا تشمل فقط «تفاهات» المنتديات التي تحول 99% منها إلى ساحات لـ«الشتم» و«الكذب» والنيل الشخصي، وبأساليب أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها «سخيفة»، كما أن الجميع يعرف ويشاهد ويتأفف ويتأسف على حال الفضائيات العربية التي يبث نصفها «سموماً» فكرية، ويبث النصف الآخر «سموماً» أخلاقية، تشكل معاً معاول للهدم والتخريب وتدمير مستقبل هذه الأمة.

 

وتستمر الحالة العامة لتردّي الأوضاع الإعلامية في «الإنترنت» ليس فقط في «المنتديات» غير المهنية، بل حتى في المواقع التي تقدم نفسها على أنها «إعلام إلكتروني»، بينما تبتعد علاقتها الحقيقية عن «المهنية» تماماً مثلما تبعد سان باولو عن دبا الحصن، فهي وإن كانت تعتمد على أسماء صحافية معروفة، إلا أنها تعتمد دوماً على بث أخبار «الشائعات» و«الجنس»، كما لا يختلف أسلوب عملها كثيراً عن النهج «الغوغائي» للمنتديات، فهي ساحة للسب والشتم والقدح والقذف، ووسيلة من وسائل نشر سموم التفرقة والطائفية، كل ذلك بحجة «حرية التعبير عن الرأي»، وشتّان ما بين الرأي وما بين ما نقرأه في تلك «المواقع الإلكترونية»، والغريب أنها ترفع شعار «منع التجريح»!

 

هذا هو حال شعوب هذه الأمة التي تحولت إلى مستخدم سيئ للغاية لكل وسائل التقنية الحديثة، أسأنا استخدام الفضائيات، وأسأنا استخدام الإنترنت، وأسأنا استخدام «البلوتوث» والهواتف والكاميرات، لقد دخل العالم عام 2008 بنجاح فائق، بينما مازلنا نراوح في عصور الجاهلية الأولى.. نمتلك وسائل التقنية الحديثة، لكننا نديرها بعقلية «أبو جهل» !

 

توحّد الأوروبيون مشكّلين كتلة عالمية قوية اقتصادياً يكنّ لها العالم كل احترام وتقدير وهيبة، وهم من كانوا قبل أعوام متناحرين يكره بعضهم بعضاً، بينما نعيش نحن العرب اليوم حالة من «التخلف» يقودها شوق عارم للعودة إلى زمن الجاهلية ، فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم انتقد أبا ذر بشدة وقال له «إنك امرؤ فيك جاهلية» لأنه عيّر بلال بن رباح بأمّه السوداء!
فما الذي يمكن أن نطلقه على عالم الإنترنت والمنتديات والصحف الإلكترونية والفضائيات الجدلية العربية؟!
     
 

reyami@emaratalyoum.com