Emarat Alyoum

الإساءة من جديد

التاريخ:: 18 فبراير 2008
المصدر:

     

 «وفد دنماركي يزور مدينة خليجية فتقوم سيدة فاضلة بتوزيع هدية هي عبارة عن كتيب باللغة الإنجليزية عن النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام، لأعضاء الوفد في لمسة تواصل حضاري تهدف إلى تقريب المفاهيم بين الشرق والغرب، وللتعريف بشخصية ورسالة نبي الأمة محمد ... لكن هذا التصرف لم ينل رضا أحد المسؤولين من المضيفين، الذي اعتبر هذا التصرف أو الإهداء استفزازاً لمشاعر الضيوف الدنماركيين الأعزاء».


إزاء هذا الموقف لا أجد حرجاً من أن أرثي حالنا، ومدى الذل الذي صرنا نعيشه، ففي الوقت الذي تنتهك فيه منزلة مقدسة لدى المسلمين نتخوف فيه من المساس بمشاعر ثلة من الدنماركيين.

 

تجمع مواثيق أخلاقيات الصحافة في العالم على أنه لا يجوز المساس بأي رمز ديني للشعوب، وأن حرية الرأي تقف عند هذه الحدود، ولكن تصر الصحافة الدنماركية على انتهاك هذه المواثيق، وتزعم أنها تمارس حقها في الحرية، وهي في الحقيقة تمارس هتكاً وانتهاكاً صارخاً لكرامة أكثر من مليار مسلم.


مسلسل الانتهاكات هذا استفحل في أوروبا هذه الأيام جراء هاجس مرضي من فوبيا إسلامية.. بدءاً من ردود الأفعال تجاه تصريحات أسقف كانتربري المؤيدة لتطبيق الشريعة الإسلامية، والحملات المناهضة لبناء المساجد في القارة الأوروبية، والأصوات المطالبة بحظر الحجاب أو النقاب، إلى إعادة نشر الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي عليه الصلاة والسلام بدعوى الحرية.. هذه الحرية، على حد زعمهم، لم تعرف احترام حرية رأي «ديفيد اير فنغ» المؤرخ البريطاني الشهير الذي شكك بوجود محارق يهودية، وهو العلامة الذي أمضى عمره في دراسة تاريخ الحرب العالمية الثانية، وتوصل إلى حقائق وقناعات بأكاذيبٍ أعطت المبرر والدافع لنشأة دولة إسرائيل في عام 1948 . وكانت نتيجة آرائه الحبس لمدة ثلاث سنوات والتشهير به في العالم أجمع.


مثل هذا التناقض، وهذا الخوف الذي يعاني منه الغرب تجاه إسرائيل، يقف عند حدود بلاد العرب والمسلمين.. لأنهم ببساطة لم يفهموا بعد قواعد اللعبة، ولم يدركوا أن احترام الآخر إنما مصدره القوة وليس الذل، أو التنازل أو دعوات إعلامية للتواصل الحضاري المزعوم، وتحت بند حوار الحضارات الأصم والأعمى ومن طرف واحد.


ستتكرر الإساءات، ويتكرر التنديد ما لم تكن هناك وقفات حاسمة على صعيد الدول، قبل أن تكون على مستوى الشعوب المقهورة والمصابة في مقتل. والتحرك هنا لا بد أن يكون على صعيد الحكومات، فليتنا نتعلم من إسرائيل عندما تقف من رئيسها إلى أصغر أفرادها عندما يلوح أحدهم ومن بعيد إزاء أي من رموزهم الوهمية.

hkshaer@dm.gov.ae