Emarat Alyoum

التعاويذ الإفريقية.. بين المعتقد والفن

التاريخ:: 17 فبراير 2008
المصدر: علا الشيخ - دبي

 

للتعاويذ مكانة خاصة لدى الكثير من شعوب العالم، ما زالت حاضرة الى يومنا هذا، رغم التطور التكنولوجي، وانتشار الابحاث والدراسات التي دحضت صحة المعتقدات التي رافقت تلك التعاويذ، بمختلف أشكالها وألوانها ووظائفها، وربما كانت أكثر الشعوب تعلقا بها هي التي تقطن وسط وشرق وغرب افريقيا، حيث إن تصرف الكثير منهم، في حياته، معتمد، بشكل قد يكون اساسيا، على التعاويذ. وللتعاويذ مسميات مختلفة، مثل الطوطم والحجر والطلسم، وجميعها تستخدم لحالات متشابهة واحدة مثل منع شر قريب، او لتقريب حبيب، او لعلاج مرض ما، وفي القرية العالمية، في دبي، المقامة ضمن فعاليان مهرجان دبي للتسوق، زارت «الإمارات اليوم» القرى الإفريقية، للسؤال عن ماهية التعاويذ، واذا ما كانت المعروضات لديها، تحكي حكايات متوارثة عن الطواطم الافريقية.


الأقنعة 
تنتشر الاقنعة بشكل ملحوظ في القرى الافريقية، فقد تمثل حسب بائعة المحل في القرية الكينية، بايولينا «استحضارا لقوى الطبيعة او لأرواح موتانا»، مضيفة ان «بعض الاقنعة توضع في المنازل كي يعمها الامن والاستقرار»، وبعضها الاخر «تكون تعويذة ضد الارواح الشريرة، خاصة عندما يولد طفل جديد للعائلة». وأكدت بايولينا ان هذه الاقنعة «اصبحت من موروثاتنا، وجزءا من ثقافتنا، لكن ذلك لا يعني ايمانا مطلقا بها»، مشيرة الى ان «الكثيرين من شعب كينيا مؤمن بعدة ديانات منها المسيحية والاسلام، وتوجد فئة لا دين لها، اسوة بأجدادهم الذين نشروا طلاسمهم بينهم»، مؤكدة «نحن نتعامل مع تلك الاقنعة على انها جزء من ثقافتنا، وأشكالها الجميلة اصبحت توضع في كثير من المنازل للزينة لا أكثر»، مستدلة بأن «الكثير من العرب يأتون لشراء تلك الاقنعة بغاية تزيين جدران منازلهم». 


وبدوره اكد البائع جوزيف جيز، في قرية راوندا، ان وظيفة الاقنعة حسب ما توارثناه عن اجدادنا وآبائنا، «تكمن في طرد الارواح الشريرة وتعالج الامراض المستعصية، وجزء منها تقدم له التضحيات لاستحضار الخير لعائلاتنا واصدقائنا»، مشيرا الى تداول الكثير من القناعات حول تلك الاقنعة فهي «تعالج العقم عند الرجل والمرأة»، والبعض الآخر «يحدد جنس المولود حسب رغبة والديه»، وبعض منها ايضا، حسب جيز، «يمنع الاذى عن حامله»، مشيرا ان الاقنعة تصنع بأحجام مختلفة «منها الكبير الذي يعلق على مدخل المدينة، ومنها الوسط الذي يعلق على باب المنزل، او على الجدار، ومنها الصغير الذي يعلق حول اعناقنا، او في رسغ اليد».


الحيوانات المقدسة
يقدس بعض الافارقة بعض الحيوانات، حيث يعدّونها جزءا من ضرورات حياتهم الطبيعية، وعن هذا قال جابالي مونالالي من القرية السنغالية «الحيوانات في السابق كان لها دور مهم في الدفاع عن اجدادنا في حروبهم»، مشيرا الى ان «الثعلب والكلب كانا عونا للاسلاف في كثير من المحن»، ولذلك «تصنع الكثير من الاقنعة على شكلها عربون شكر على وقوفها معنا»، مؤكدا «حتى ان البعض يرى في اقنعة الحيوانات ملاذا من الشر، في كثير من الاحيان، وأحيانا اخرى يرى فيها قوة وشجاعة قد يستمدها الناظر اليهما».


وقار واحترام 
ومن قرية شرق افريقيا قالت داليلا «نحن نحب كل شيء يدل على الوقار والاحترام، لذلك نُعنى بصناعة التماثيل التي تمثل رجالا كبار في السن قضوا حياتهم لحماية قبيلتهم من الاعداء». وأضافت «الرجل الطاعن في السن، في اي مجتمع في العالم، له مكانة محترمة ومرموقة، وهو مرجع حكيم للكثير من القرارات» وعن علاقة هذا النوع من التماثيل بالتعاويذ قالت داليلا «كثير من العائلات الافريقية تحتفظ بهذا النوع من التماثيل غاية استمداد القوة وبغية نشر الاحترام في منازلهم خاصة اذا كانت العائلة كثيرة الشجار».


أشكال متوارثة
وعن الاشياء التي تمثلها التعاويذ الافريقية قال مدير القرى الافريقية جلال ملالا «تصنع المجسّمات او الاقنعة تجسيدا لأشخاص كان لهم تأثير قوي في مرحلة من الزمان، وبعضها تكون على شكل حيوانات، والبعض الآخر تكون عبارة عن أدوات كالقوس والسهم، وكلها جزء من تراث افريقيا حيث كثرت الحروب في تلك المنطقة، وظهر ابطال دافعوا عن قبائلهم وضحوا بأنفسهم»، مشيرا الى ان «الاموات لهم مكانة خاصة لدى الافارقة، حيث إن الكثير من الاقنعة تجسدهم وتسمى بأسمائهم». 


فروض الطاعة
وترتبط التعاويذ، حسب ملالا، بالمواسم «ففصول السنة لديها تعاويذ وطواطم خاصة بها، فالجفاف له طوطم خاص، فيقوم سكان قرية ما تعاني من الجفاف بالتقرب منه من خلال الرقص، وارتداء الاقنعة، والثياب الملونة بهدف ارضائه لجلب الامطار». وأضاف «الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والزلازل لديهما طوطم خاص أيضاً وطقوسه مشابهة إلى حد كبير طقوس الجفاف، باستثناء ان الاطفال  دورهم أكبر». موضحا ان «كل رب عائلة يرسل طفله الاغلى الى قلبه كي  يتضرع الى الطوطم طالبا حمايته وعائلته».
  

خامات الأقنعة
تصنع الاقنعة من المواد الطبيعية والمواد الخام والثانوية؛ فالمواد الطبيعية هي رؤوس الحيوانات وجلودها و الاعشاب والنخيل وأوراق الشجر والريش .


اما المواد الخام فهي القماش ، قشور القمح، العاج، القواقع العظام  والخشب والخزف والذهب والفضة والنحاس والقصدير. والمواد الثانوية هي شعر الانسان والحيوان والفرو والريش والخرز والاسنان والبقوليات، والصوف والأزهار والمرايا.