Emarat Alyoum

مقصّ الرقيب يعمل بقوة في الوطن العربي

التاريخ:: 14 فبراير 2008
المصدر: ترجمة: عوض خيري

 ما تزال الدول العربية تفرض مزيدا من القيود على الاخبار التي لا تروقها، حيث درج وزراء الداخلية العرب على الاجتماع بهدوء كل شتاء خلال الـ25 عاما الماضية، للتشاور في افضل السبل لتأمين الانظمة التي يخدمونها. هذا العام اتفق هؤلاء الوزراء في قمتهم بتونس على تشديد قوانين النشر والتسجيل او التوزيع، حول المواد التي تروج للارهاب.
 
وعلى الرغم من سلامة هذا المقصد فإن سلطات هذه المنطقة معروفة بتجريمها لكل من يخالفها الراي بشكل مشروع. ومع ازدهار الوسائل الاعلامية البديلة مثل تلفزيونات الاقمار الفضائية، والتدوين عبر «الانترنيت» والتي تلاشت امامها قوة الدولة في احتكار تدفق الاخبار،بدأت الحكومات في البحث عن سبل بديلة لكبت الاراء المعارضة لها.

وحيث إن النظم الدكتاتورية كانت من قبل تعدم خصومها او تلقي بهم في غياهب السجون فإنها اليوم تتبنى سبلا اكثر دهاء، وأقل حدة لإسكاتهم، فاللوائح الشاملة والقوانين التي تخولها القبض على من تريد، اضافة الى سياسة «الجزر المالي» والعصا-كل ذلك حل محل السيطرة المباشرة للسلطة على الاخبار. 

  تطبق سورية نصوصا غامضة في هذا الشان حيث إن «نشر المعلومات الزائفة» يواجه فاعله عقوبة السجن المغلظة، الا ان الكثير من الصحافيين في المغرب الذي يتمتع بحرية نسبية، اكتشفوا بأن انتقاداتهم للمسؤولين الحكوميين تعرضهم لتهم «التشهير» التي تكلفهم غرامات طائلة. كذلك الاردن، المملكة شبه الدستورية، اصدرت قبل فترة قصيرة قانونا للصحافة يشكك الصحافيون ذوو التفكير المستقل بأنه يتم تطبيقه خصيصا ضدهم، حيث إن هذا القانون يفرض عقوبات صارمة بشأن «القذف».
 
وتعمل حكومة كردستان العراق الاقليمية الموالية للغرب، على صياغة  القانون نفسه. وفي العام الماضي في اليمن وجد عبدالكريم الخيواني والذي يحرر صحيفة الكترونية، نفسه في مواجهة مادة قانونية قد تعاقبه بالاعدام، حيث إن الحكومة اتهمته بمساندة الارهاب بعد تقاريره التي نشرها عن التمرد القبلي الدموي، والمحسوبية التي تتصف بها حكومة الرئيس على عبدالله صالح.
 
وفي كثير من هذه الحالات فإن الدولة لا تلوث يديها بنفسها، وإنما تكلف من يقوم بمثل هذا العمل نيابة عنها، فقد رفع بعض المحامين الموالين للحكومة في مصر سلسلة من الدعاوى الخاصة العام الماضي، على محررين اتهموهم، ضمن اشياء اخرى، بإهانة الحزب الحاكم والتساؤل بشأن صحة الرئيس المصري حسني مبارك، اربعة منهم حوكموا بعقوبة السجن. وهناك بعض المواطنين الكويتيين ـ
 
والذين من المفترض ان يكونوا مواطنين مستقلين بذاتهم ـ كسبوا قضية تعويضات طائلة من قناة الجزيرة، لأنهم زعموا بأنها اهانت بلدهم. وفي تونس التي تتميّز برقابة اعلامية قاسية، اتهمت السلطات صحافيا بالإخلال بالآداب العامة لأنه تجرأ في نشر الهمسات التي يتناقلها الناس عن الفساد المستشري وسط اقرباء الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، كما اتهمته ايضا بالإساءة إلى موظف حكومي لأنه دخل فيما يبدو في جدال شديد مع الشرطة.

وحكمت عليه المحكمة يناير الماضي بعام خلف القضبان. وما تزال الوسائل القديمة قيد الاستخدام، حيث تقول منظمة «صحافيين بلا حدود» ان اكثر من 200 اعلامي فقدوا ارواحهم في العراق منذ .2003 وخلال  الفترة نفسها، لقي صحافيون بارزون مصرعهم في كل من الجزائر  ومصر  وإيران، ولبنان وليبيا والسودان، او اختفوا في ظروف غامضة. وفي الشهرين السابقين حكمت السلطات بعقوبة السجن في غزة والمملكة العربية السعودية والسودان على مدوني «الانترنت» من خلال محاكم جزائية.
 
وتصبح ايران الدولة القيادية في المنطقة في حظر الصحف، حيث الغت السلطات تصاريح الكثير من المنشورات الاصلاحية، احدث ضحايا هذا الحظر مجلة نسائية اتهمتها السلطات بـ«تهديد امن المجمتع» و«إضعاف المؤسسات العسكرية والثورية». وفي يناير الماضي ومن خلال  برنامج مباشر في التلفزيون السعودي انتقد المشاركون هاتفيا النسبة الضئيلة لزيادة الراتب الاخيرة التي اقرتها الحكومة، ولهذا السبب حظرت الحكومة السعودية اي برنامج من هذا القبيل. 

وتفرض السعودية مثلها مثل ايران وسورية وتونس رقابة مشددة على الانترنيت، حيث تغلق عشرات الآلاف من المواقع لحماية الاخلاق العامة كما تقول. وحذت حذوها حتى اليمن ذات القدرات الالكترونية المتواضعة في هذا المجال. ومع وجود الاطباق الفضائية التي تبث المواد الاعلامية التلفزيونية حتى في القرى النائية في الشرق الاوسط، اثبت التلفزيون بأنه صعب المراس وغير قابل للسيطرة بمثل هذه الوسائل، وصارت الحكومات بدلا عن ذلك تمارس الضغوط على الدول التي تستضيف المحطات الفضائية، فقد شهد تحسّن العلاقات بين قطر والسعودية، تلطيفا للأخبار التي تبثها قناة «الجزيرة» عن السعودية