Emarat Alyoum

أراضٍ بريطانية «ريفية» للبيـع فــــــــي الدولة

التاريخ:: 09 فبراير 2008
المصدر: سامح عوض الله-دبي

 

  تبيع شركات في الدولة حالياً أراضي في بريطانيا بالقرب من مدينة لندن العاصمة، حيث تزعم بأن هذه الأراضي المصنفة كونها أراضي زراعية سوف يتم تحويلها خلال سنوات عدة إلى أراض للتطوير وبناء المساكن، ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعارها، فيما نفت السفارة البريطانية في دبي أي علم لها بهذه الشركات، وطالبت المستثمرين بتوخي الحذر واستشارة متخصصين قانونين ومحامين قبل اتخاذ أي خطوات استثمارية من هذا النوع.

 
وتقوم تلك الشركات بالتواجد في بعض المعارض العقارية في أجنحة صغيرة، حيث تضع منشورات وإعلانات تغري بالاستثمار في بريطانيا بعوائد تصل إلى 400% خلال سنوات لا تزيد على خمس، فيما تؤكد أن ارتفاع أسعار المنازل في بريطانيا سيدفع الحكومة البريطانية للموافقة على تحويل الأراضي التي تستخدم في الزراعة إلى أراض سكنية لتحقيق «الأهداف الوطنية للإسكان»، بحسب تصريحات مسؤولي الشركات.

 
وقال استشاري الاستثمار في شركة استراتيجيك لاند للاستثمار، إحدى الشركات العاملة في هذا المجال، عمر محمد إن شركته حصلت على دراسات من الحكومة البريطانية تؤكد أن بريطانيا ستقوم بالتوسع في تحويل الأراضي للبناء، وأن بريطانيا لديها هدف إسكاني وهو بناء أربعة ملايين منزل خلال 20 عاماً، وأضاف «قامت الحكومة بتوزيع هذه الأراضي، ومنها ما يقع في شرق لندن»، واستطرد قائلا: «تحولت بعض الأراضي إلى أراض سكنية بالفعل وما هو متوافر لدينا جاء وفقا لدراسات أجريت عن السوق البريطانية وليست توقعات».

 
وقال استشاري الاستثمار الأول في الشركة فادي اسمندر إن شركته تقوم بالترويج لبيع قطع من الأراضي المقسمة في مناطق بالقرب من مدينة لندن، وأضاف «لدينا وثائق تفيد موافقة دائرة الأراضي والأملاك البريطانية على عقود البيع، واعتراف من الحكومة البريطانية بملكية المشتري من خارج بريطانيا»، وأضاف: «يمكن لمن يرغب توثيق عقد ملكيته من السفارة الإماراتية في المملكة المتحدة».

 
وتقوم شركات في دبي بالترويج لبيع قطع أراضٍ تبدأ أسعارها من 50 ألف درهم، مؤكدة أن هذا المبلغ كرأسمال مضمون مع عوائد تصل إلى 400% خلال ثلاث إلى أربع سنوات، زاعمة أنها حصلت على تصريح بناء 100 قطعة أرض في يناير 2007 الماضي».


 توظيف الأموال
 وعلق أحد زائري جناح الشركة في معرض الشارقة العقاري، الذي عقد منذ أسابيععدة، قائلا: «من الواضح أن هذه الشركات تقوم بتجميع الأموال وتقوم باستثمارها بمعرفتها في أي نشاط آخر يكون شراء الأراضي الزراعية غطاءً له، يبدو أنها شركات لتوظيف الأموال ولكن بأسلوب جديد».


 وقال أحد موظفي التسويق في الشركة، أحمد عبدالستار، «إن الفكرة قائمة على أن الحكومة البريطانية لابد وأن تقوم بتحويل هذه الأراضي إلى سكنية للحد من ارتفاع أسعار العقارات في بريطانيا، لافتا إلى أن «مديرة البنك المركزي البريطاني، كيت باركر، كانت قد قدمت تقريرا منذ سنوات يطالب بضرورة طرح جزء من الأراضي الزراعية للتنمية لمواكبة الزيادة المتنامية في السكان وعدم قدرة المواطن الإنجليزي على شراء منزل».

 
وأضاف أحمد بالقول: «شركتنا، وهي فرع لشركة تعمل في بريطانيا، أجرت دراسات لمعرفة مواقع الأراضي التي تعتزم الحكومة تحويلها إلى أراضٍ سكنية، ومن ثم قمنا بتقسيمها وببيعها للمستثمرين الذين يتطلعون إلى استثمار طويل الأجل»، وأضاف: «إذا تحولت هذه الأراضي إلى سكنية سترتفع أسعارها أضعاف أضعاف سعرها الحالي، وهو ما تقوم عليه فكرة الشراء»، واستطرد «لا يمكن بمجرد شراء هذه الأراضي الحصول على إقامة بالمملكة المتحدة، ولكن وثيقة الملكية تساعد حاملها في الحصول على تأشيرة الدخول للأراضي البريطانية، وهي معترف بها لدى السفارات البريطانية في الخارج».

 
وقال عمر محمد «المشتري يدفع قيمة الأرض وعليه الانتظار ونحن نقوم بعد سنوات عدة ببيع الأرض له وإرجاع أمواله إلى جانب ربح البيع».


 استثمار محفوف بالمخاطر
 ولكن مسؤولا في شركة كوليرز إنترناشيونال، المتخصصة في الاستشارات العقارية الدولية، قال لــ«الإمارات اليوم» إن هذا النوع من الاستثمار «محفوف بالمخاطر» ولكنه لم يشكك في أن المملكة المتحدة قد تقوم بخطوة تحويل أراض زراعية إلى أراض سكنية، قائلا «هذا جائز في كل بلدان العــالم، ولكن غالبا لا يمكن التنبؤ بمواقع الأراضي التي سوف تتحول إلى ســكنية، كما أنه لا توجد ضمانات لهذا الأمر».

 
وأضاف «نعرف بعض المستثمرين الذين واجهوا متاعب مع هذا النوع من الاستثمار، ونحن لسنا مرتاحين له». وقال مدير المبيعات لشركة «توب» العقارية، ومقرها دولة الكويت وتمتلك فرعاً في دبي، المهندس حسين مجيد المشعل، إن شركته حصلت علي موافقة من سلطة البلدية في لندن بتقسيم قطعة من الأرض ولديه ما يفيد ملكيته للأرض وقدرته على التقسيم والبيع.

 
وأضاف «نحن نبيع القطعة الواحدة بما يوازي سبعة آلاف جنيه استرليني والمشتري يدفع القيمة وعليه أن ينتظر فترة قد تصل إلى 15 عاما، بعدها تتحول الأرض إلى سكنية فيزيد سعرها بأكثر من 20 مرة وتقوم شركتنا ببيعها مرة أخرى لمطورين عقاريين يستهدفون تطوير مشروعات سكنية»، واستطرد «نحن نوفر فرصة للتجارة بالأرض قبل أن يحصل عليها المطور الذي سيبني عليها، وهذا هو لب الاستثمار الطويل الأجل».


 وقال «نحن نطلب من زبائننا دفع الأموال والصبر عليها ونقنعهم بأن هذا الاستثمار لأولادهم وليس لهم، وقيمة الأرض في جميع الأحوال سوف ترتفع حتى لو بقيت أراضي زراعية ولم توافق الحكومة على تحويلها إلى سكنية».
 
لا توجد ضمانات
 وأضاف المشعل «لا توجد ضمانات بأن الحكومة ستوافق على تحويل هذه الأراضي إلى أراض قابلة للتطوير تحصل على تراخيص للبناء، وإنما نضمن فقط أن الأراضي سترتفع قيمتها حتى لو بقيت زراعية وستقدم عوائد جيدة».


 وقال مصدر مسؤول في المكتب الاقتصادي في السفارة البريطانية في دبي «إنه يتحتم على من يرغب في الاستثمار في بريطانيا في هذا النوع من الأعمال أن يلجأ إلى محام أو مستشار قانوني».

 
وأضاف «رغم ترحيبنا الدائم والمطلق بالاستثمارات الإماراتية في بريطانيا، ورغم تطلعنا الشديد لتقوية العلاقات الاقتصادية بين بريطانيا والإمارات، إلا أننا ننصح المستثمرين الذين يريدون استثمار أموالهم في بريطانيا أن يحصلوا على المشورة القانونية اللازمة قبل أن يتخذوا أي إجراءات استثمارية في هذا الشأن».

 
وقال أحد المواطنين البريطانيين الذين يعملون في دبي، فرانكي كايــن «أنا غير معتاد على ســماع هذا النوع من الأعمــال، خصوصا أن التقرير الذي تتكلم عنه هذه الشركات جاء في عام 2004، ولكن ماذا لو تغــيرت الحكومة بعد أربع سنوات أو حدث أي تغيير في الســياسات الاقتصادية؟ ماذا سيــكون مصير تلك الأموال التي دفعت في هذا الاستثمار؟».

 
ووفقا لشركة استراتيجيك لاند للاستثمار، إحدى الشركات التي تعمل في هذا القطاع فإن المملكة المتحدة تقوم كل 20 عاماً بوضع خطة طويلة الأجل في إطار تحقيق الهدف القومي للإسكان، حيث تتخذ إجراءات من شأنها تحويل بعض مواقع الأراضي المستخدمة في مجال الزراعة إلى أراضٍ للتطوير السكني، وأنه بموجب هذا الهدف فإن بريطانيا يجب أن تقوم ببناء نحو 24 ألف منزل سنوياً وبشكل أفقي حتى عام 2021 على الأراضي التي كانت تستخدم كأراضٍ زراعية بعد تحريرها واستخدامها في التطوير العقاري».



مؤسسة التنظيم العقاري: الأمر لا يعنينا

  نفى المــدير التنفيــذي لمؤسسة التنظيم العقاري في دبي، مروان بن غليطة، أن تكــون هذه الشركات تحت سيطرة مؤســـسته، قائلا «نحن نعمل مع المطورين والوسطاء الذين يعملــون على أرض دبي فقــط، وبما أنهم يعمــلون خارج حدود دبي وخارج حدود الدولة، فلسنا جهة ذات شــأن، وهذا الأمــــر قد تعنى به الحكــومة البريطانية وليست حكــومة دبي».

 
وأوضح بن غليطة «هناك شركات تطوير عقاري إماراتية تعمل في بلاد أخرى أو حتى في إمارات أخرى، نحن لسنا ملزمين بالرقابة على مشروعات تلك الشركات طالما أنها خارج إمارة دبي».

 
وأضاف: «علينا فقط أن نتــأكد من جدية المشروعات العقارية داخل حدود الإمارة، هذا هو نطاق عملـــنا، وعلى من يرغب في التـــأكد من استثماره استشارة محام».

 
وأضاف«نحن عموماً ننصح المســتثمر الذي يريد الاستـــثمار خارج دبي أن يقوم بالتــأكد من القوانين الاقتصادية في الدولة التي يرغب في الاستثمار بها قبل اتخاذ أي خطوات مادية».