Emarat Alyoum

حتى الغريب يَخدع !

التاريخ:: 06 فبراير 2008
المصدر:

بتاريخ 14 يناير الماضي كتبت مقالاً في عمود «مرافئ»، قبل الانتقال إلى عمود «5 دقائق» أخيراً، ترجمت فيه العبارة التالية لإحدى القارئات «نحن نميل إلى تصديق أولئك الذين لا نعرفهم لأنهم لم يخدعونا من قبل»، وسأعيد ترجمتها لأن القارئة الفاضلة لم تقنعها الترجمة السابقة، وستكون الأخيرة كون الصفحة تركز أكثر في الشؤون المحلية، وإن لم تقنعها فسأقول: «لقد أتعبتني معكِ يا فلانة!».

عزيزتي، هل أقول عنكِ أنكِ طيبة زيادة عن اللزوم كي تداخلك الظروف دون ضبط أو تخطيط! عموماً، النفس البشرية رقيقة جداً وأرق ما تكون ولكن كيفما تلعب بنا رياح الحياة وتبعثرنا في خضم هوائها المتقلب نمشي معها وعلى خطوطها الدقيقة نحاول أن نثبت خطواتنا البريئة، ومع الوقت نكتشف ما ضاع وما تبقى لنا مما لم يضع ويمكننا المحافظة عليه، ولكن هيهات أن يعود الزمان كما كان وأن يعود الإنسان بنفس المشاعر القديمة، ونتساءل كثيراً هل يلدغ المؤمن من جحر مرتين؟! يجوز نعم ويجوز لا
.

عزيزتي، كم من الوقت تحتاجين لإعادة الحسابات الحياتية مع مجموع البشر الذين حكمت علينا الظروف بأن نستمر في التعامل معهم حتى وإن كرهنا؟! هذا النوع المتلون مثل الحية الرقطاء تتلون كيفما وأينما كانت بلون المكان الذي تبحث فيه عن فريسة، وأنت أيها الإنسان المتلون بلون المنفعة الشخصية لن تجاري قوس قزح في ألوانه ولا الثعلب في دهائه؛ لأنك مثل ما لعبت على الضعيف فسيأتيك يوماً من هو أدهى وأخبث منك ليلعب عليك ويجعلك نقطة سوداء تكره نفسك بعدها وتتعقد وتندم حينما لا ينفعك الندم، ولم يظل حولك صديق بعدما دست عرضاً بقاموس الصداقة لحب العمل والأغراض الشخصية
.

عزيزتي، علمتني الحياة ألا أسلّم مفاتيح قلبي بسهولة لأي شخص قد أتلاطف معه قليلاً، وألا أصدق الكلام المعسول لأن النحل يحوم حوله، وقرصات النحل المؤلمة كالعلكة السهلة التي تمضغها الألسن دون رقيب.. النفس البشرية أمارة بالسوء ولكن مع من وأين وكيف ولمن ولماذا؟! لا نعرف وإلى أي مدى تصل درجة الخسارة؟ أيضاً هذا في علم الغيب، فالإنسان يصادف أصنافاً عدة في العمل، في الشارع، في الأماكن العامة، ولكسر حاجز الانتظار نميل بطبعنا للتعارف فهذا فلان وهذه فلانة، ولكن ما الفائدة عندما تنتقل خصوصياتنا من فلان لعلان مع ذرات أخرى من الأكاذيب والمزايدات، وهذا كله سميته بروزاً وهمياً على الفاضي من نفوس مريضة..

احذري مما تخفيه الأيام والأشخاص، فلا تصدقي إلا نفسك أولاً، ثم ادرسي من حولك ممن تعرفيهم أو لا تعرفيهم كي لا تخدعي من الصديق أو الغريب، فإن كانت هناك لطمة أولى فأظنها كافية للتنبيه
. يقول الإمام السيد حسن الشيرازي: «أين الإنسان؟ وما شكل الإنسان؟ وما لون الإنسان؟ وماذا تعني الإنسانية في مجتمع الذئاب ما دام الكون حديقة حيوان؟!».

salem@dcc.ae