Emarat Alyoum

إماراتيان في رحلة إلى القطب الجنوبي

التاريخ:: 06 فبراير 2008
المصدر: شيماء هناوي - دبي
عاش مواطنان من الإمارات تجربة فريدة من نوعها على طرف آخر من العالم، حين انضما لبرنامج (طلاب على الثلج)، في رحلة علمية للقطب الجنوبي جمعت 68 طالباً وطالبة، من دول مختلفة، تهدف للتعرف إلى مدى تأثير القطب الجنوبي في الكرة الأرضية، واستمرت أسبوعين من 24 ديسمبر إلى التاسع يناير الماضي،
 
وتصادف أن تكون زيارتهما في السنة القطبية الدولية التي تحدث مرة كل 50 سنة
. (الإمارات اليوم) التقت نور خليفة بخيت وأخاها جمال، اللذين خاضا غمار هذه التجربة، لتتعرف عن كثب إلى تفاصيلها. المصادفة نور بخيت، طالبة بكالوريوس الصحة والبيئة في جامعة زايد، قالت: «أشعر بالفخر الكبير كوني أول امرأة عربية تزور القطب الجنوبي،
 
وقد لعبت المصادفة دوراً كبيراً في هذه الرحلة، وذلك من خلال زيارة قام بها مصورون لجامعة زايد تحدثوا خلالها عن تجربتهم في التصوير وعن زيارتهم للقطب الجنوبي، وهنا دفعني حبي للقطب، ورغبتي الدفينة في التعرف إليه عن قرب، لسؤالهم عن كيفية زيارته، وحينها أخبروني بأن هناك برنامجاً سنوياً
بعنوان (طلاب على الثلج) يجمع مجموعة من الطلاب من مختلف الجامعات في دول العالم، برفقة علماء في مجال البيئة، لزيارة القطب الجنوبي بهدف التوعية وإجراء الأبحاث البيئية، التي من شأنها الارتقاء بالمستوى الأكاديمي والعلمي،
 
وعلى الفور توجهت لأخي جمال لأخبره بإمكانية زيارتنا للقطب، نظراً لتخصصه في الصحة البيئية وولعه الشديد بها، والذي بدوره تشجع لخوض غمار هذه التجربة
. ويكمل جمال خليفة بخيت، طالب بكالوريوس الصحة البيئية سنة ثالثة، بجامعة الشارقة، ومشرف للتوعية في هيئة المعرفة والتنمية البشرية الحديث قائلاً: «قمنا على الفور بالاطلاع على الموقع الخاص بالبرنامج على شبكة الإنترنت، لنتعرف إلى سياسته وشروطه، والتي تهدف في مجملها الحفاظ على طبيعة الحياة البيئية في القطب، لذا تحظر كل ما من شأنه المساس بها، والحمد لله كنا مستوفيين للشروط المطلوبة، وبعد موافقة الأهل وتفهمهم لأهمية الرحلة بالنسبة لنا، بقي أمامنا البحث عن راع يدعمنا، لاسيما أن تكلفة الرحلة مكلفة بعض الشيء، إذا تتطلب 50 ألف درهم للشخص الواحد، فقمنا أنا ونور برحلة خاصة استمرت لمدة شهر ونصف للبحث عن راع رسمي يتحمل التكاليف، بذلنا خلالها قصارى جهدنا للإقناع بأهمية الرحلة التي سنمثل من خلالها دولة الإمارات،
 
وسنكون بمثابة سفراء لها، ضمن مجموعة طلاب وعلماء من مختلف دول العالم، وبعد طول انتظار حصلنا على الدعم كلاً على حدة، فقد تكفلت هيئة المعرفة والتنمية البشرية بتكاليف رحلتي، أما نور فقد تكفلت جامعة زايد بتكاليف رحلتها
. ثلج عمره 100 سنة وعن تفاصيل الرحلة قال الشقيقان: «انطلقنا من دبي إلى البرازيل، ومنها إلى الأرجنتين، إلى آخر مدينة في جنوب الكرة الأرضية (أشوايا)؛ التي بدأنا منها رحلتنا العلمية، بتلقي المحاضرات العلمية المتنوعة، وبقينا فيها لمدة يومين، ومن ثم استقلينا باخرة تحمل اسم المدينة تستوعب قرابة 100 شخص، للتوجه للقطب الجنوبي، وفي الطريق مررنا على (ممر دريك) الذي يفصل بين أميركا الجنوبية والقطب الجنوبي، ويعتبر من أسوأ الممرات المائية حيث يتعرض لأمواج عاتية جداً، وبعد يومين وصلنا للقطب الجنوبي».

وعن أولى لحظات مشاهدتهم للقطب، يقولان: «وصلنا للقطب الجنوبي في يوم ضبابي جداً، فدخلنا في الضباب لنشعر بأننا تركنا وراء ظهورنا عالما آخر، لنستكشف عالماً جديداً بكل معالمه، يختلف كلياً عما ألفناه في الكتب والبرامج العلمية، استقبلتنا فيه حياة طبيعية 100% خالية من الكائنات سوى الحيوانات، مشهد من الصعب وصفه في كلمات
». ويكملان: «فور وصولنا استقلينا القوارب، وفي كل قارب كان هناك عالم يشرح للطلاب عن المواقع التي يمرون بها، وعن طبيعة القطب وسياسته، والأعمال التي سنقوم بها، وقد شملت الرحلة جدول برنامج حافل يضم ثلاث إلى أربع محاضرات يومياً، و ورش عمل، إلى جانب إجراء البحوث التي ركزت على مدى تأثير القطب الجنوبي في الكرة الأرضية»

، وعن هذا التأثير يقول جمال بإيجاز: «زيادة نسبة ثاني أكسيد الكربون الناتجة من عوادم السيارات والمصانع وغيرها من الاستهلاكات الآدمية، تساعد على الاحتباس الحراري الذي بدوره يعمل على ذوبان القطب الجنوبي شيئاً فشيئاً، والذي يختلط مع البحار في العالم فيؤدي إلى ارتفاع منسوبها، الأمر الذي يشكر خطراً كبيراً على حياتنا»، ومن هذه البحوث قمنا باستخراج قطع ثلجية من قاع القطب تكونت منذ 70 إلى 100 سنة، لنتعرف إلى كمية ثاني أكسيد الكربون فيها
.
 
 
تحقق الحلم اما نور فتكمل : «هذا إلى جانب زيارتنا لمراكز الأبحاث في القطب، ومنها المركز البريطاني والأرجنتيني للأبحاث، كما تعرفنا إلى العديد من الأمور التي كنا نجهل بعض تفاصيلها كتاريخ القطب وسياسته، والحيوانات التي تعيش على سطحه، والبكتيريا الموجودة فيه، وعلى أنواع الثلوج التي تغطي أجزاء كبيرة منه، والبحار، والأحجار الموجودة فيه، وغيرها عن دورة الحياة في القطب الجنوبي، وفي كل يوم كنا نعد تقارير حولها ويقوم المشرف علينا بإرسالها يومياً عبر «الستالايت» ليتم عرضها على الموقع الخاص بالرحلة، ومن خلالها يتعرف الأهل والأصدقاء إلى أخبارنا، وهنا تكمن احدى الصعوبات التي واجهناها والتي تمثلت في صعوبة الاتصال، فضلاً عن المجهود الجسدي الكبير الذي بذلناه هناك فقد كانت الرحلة علمية من الدرجة الأولى وتتطلب جهداً كبيراً». 

 لكن جمال ونور ما لبثا أن أكدا «على الرغم من الإرهاق الجسدي إلا أننا كنا نشعر بسعادة كبيرة تضاهيه، لاسيما أننا زرنا المكان الذي حلمنا به طويلاً، واستنشقنا هواء عليلاً بعيداً عن الملوثات، وتزودنا بمعلومات جمة ستفيدنا كثيراً في مشوارنا الأكاديمي، ساهمت بشكل كبير عن ابتعادنا عن الأمور الثانوية في حياتنا اليومية».
منطقة أمان وسلام وعن علاقتهم بالفريق الذي ينتمي أعضاؤه إلى بلدان مختلفة يقولان: «يتميز القطب الجنوبي بأنه منطقة أمان وسلام، حيث لا يسكنه البشر فلا تسوده الخلافات والنزاعات، الأمر الذي انعكس جلياً على طبيعة علاقة بعضنا بعضاً، والتي كانت قائمة على الاحترام المتبادل، وبعيدة كل البعد عن الخلافات والفروقات بين الدول التي ننتمي إليها».
 
اما عن التعليمات والشروط التي ينبغي التقيد بها في القطب الجنوبي فقالا: «في كل مرة ننزل فيها من الباخرة لسطح القطب لابد أن نرش أنفسنا بمادة معقمة حفاظاً على سلامة القطب.  كما يجب أن نرتدي النظارة الشمسية، ونضع الكريم الواقي من أشعة الشمس؛ لأن طبقة الأوزون في القطب خفيفة جداً، كما أن أشعة الشمس تكون حارة جداً فتلحق أضراراً بالعين، وفيه يمنع منعاً باتاً أي إجراء أو عمل يقام على سطحه خارجاً عن البحوث والدراسات العلمية، نظراً لحساسيتها الشديدة، فهي سريعة التأثر، حتى لو صادفنا حيواناً مريضاً يجب ألا نتدخل لعلاجه أو لإنقاذه من فك حيوان آخر، فسياسة القطب تسير على ترك دورة الحياة الطبيعية تجري، كما يجب أن نترك بينا وبين الحيوانات مسافة كافية، فعلى سبيل المثال لابد من ترك 10 أمتار بيننا وبين البطريق لضمان سلامته وسلامتنا، ففي حال القرب منه يضرب بجناحيه بقوة كبيرة، وغيرها العديد».
 
وقد استمرت الرحلة في القطب لمدة 10 أيام، ومن ثم انطلقنا للعودة إلى (أشوايا) وخلال رحلة العودة التي استغرقت يومين ارتأينا تكوين خمس فرق تتناول مواضيع مختلفة عن القطب، ومدى تأثيرها فيها وهي المياه والحيوانات وحقوق الإنسان والاستهلاك المفرط والتغير المناخي، وذلك بهدف التوعية. وعن هذا تقول نور: «اخترت موضوع الحيوانات نظراً لأن تخصصي في صلب هذا الموضوع، ونعمل أنا وأعضاء الفريق الذين ينتمون إلى بلدان مختلفة على تأسيس موقع الكتروني نعرض فيه المواضيع المتصلة بالحيوانات، ونعمل على نشر التوعية بضرورة الحفاظ عليهم ومنع استخدام الممارسات الخاطئة بهم، فضلاً عن أننا نعمل جاهدين على إغلاق حدائق الحيوانات كلاً في بلده واستبدالها بالمحميات، وجمع التبرعات للمحافظة على الحيوانات وإجراء البحوث اللازمة لخدمتها».
 
ويقول جمال: «انضممت لفريق التغيير المناخي لاسيما أن تخصصي في الصحة البيئية يركز على النظام البيئي، وأسعى أنا وفريقي إلى إلقاء الندوات والمحاضرات التي من شأنها التوعية بمدى تأثير القطب الجنوبي، والشمالي أيضاً، على حياتنا، وبالممارسات الإنسانية التي تلعب دوراً كبيراً فيه، كما نعمل على إعداد مسابقة ستمنح الفائز بها فرصة السفر للقطب، كما نعمل على جمع التبرعات التي ستتكفل بتكاليف هذه الرحلة».
 
 وأحب كل مــن جمال ونور أن يشكرا الجهات الداعمة لهما لاسيما الدكتورة مريم الشناصي رئيسة قسم الصـــحة البيئية في جامعة الشارقة، التي شـــجعت جمال ووقفت بجانبه، والدكتور سليمان الجاسم مدير جامعة زايد الذي رحب بفكرة الرحلة العلمية. ويسعى كل منهما لأن تكون لدولة الإمارات بصمة في القطب الجنوبي، وذلك من خلال توقيعها لاتفاقية القطب الجنوبي، حتى يسمح لها في المســـتقبل افتتاح مركز للأبحاث فيه يحمل اســمها، ويأملا أن يعثرا على راع رسمي يتكفل بتكاليف الرحلة المقبلة التي ينويان القيام بها إلى القطب الشمالي، حيث يؤكدان أن تأثيره في الكرة الأرضية أسرع من القطب الجـــنوبي اذ تغطيه مساحات هائلـــة من الثلوج تفوق الجنوبي.  5 لا يعيش على سطحه إلا العلماء، ولا يسمح لهم بالعيش أكثر من سنتين ليتيحوا لنظرائهم فرصة الاستكشاف والبحث.  لا 90% من الماء الطبيعي موجود فيه، ولكن 70% منه ثلوج.  90 الشمس لا تغرب فيه أبداً.

 اليوجد في القطب أكبر طائر في العالم يسمى albatross وحجم رأسه يعادل حجم رأس الإنسان، ويبلغ طول جناحيه أربعة أمتار.
 حج القطع الثلجية التي تطفو في البحار جزؤها السفلي يفوق العلوي بتسع مرات، الأمر الذي تسبب في حادثة (تايتانيك) الشهيرة في إبريل عام .1912  ال السنة القطبية تحدث مرة كل 50 سنة إلا أنها تمتد لمدة سنتين يجتمع فيهما العلماء من مختلف دول العالم على الرغم من الخلافات العلمية في ما بينهم، وذلك لمراجعة القراءات، وتجديد القوانين التي أعدوها، نتيجة للتغييرات التي تطرأ عليها.