56 قطعة أثرية توثّق للترابط بين البلدين

«صدى القوافل».. تاريخ السعودية والإمارات منقوش على الحجارة والأواني القديمة

صورة

بين الماضي السحيق، وأسرار العصور القديمة، يصحب معرض «صدى القوافل.. مراكز حضارية من المملكة العربية السعودية خلال فترة ما قبل الإسلام» زواره في جولة تاريخية إلى أعماق الماضي، ويدعوهم للغوص في كنوزه وأسراره التي تكشف عن الروابط التاريخية والتقاليد والعادات المشتركة بين أبناء منطقة الجزيرة العربية، خصوصاً الإمارات والسعودية.

6

قطع اكتُشفت بموقع  مليحة والمويلح وجبل المحيض بالشارقة.

50

قطعة أثرية اكتشفت بمواقع العلاء وتيماء ونجران بالسعودية.

6

قطع من الحجر الرملي تُعد الأقدم.

6

مقتنيات أثرية تعود للقرن الرابع قبل الميلاد.


- كنوز ومقتنيات تكشف عن نمط وأدوات الحياة والعادات والثقافة المشتركة بين أبناء الجزيرة العربية.

ويضم المعرض، الذي يستضيفه متحف الآثار بالشارقة حتى 31 يناير المقبل، 56 قطعة أثرية تم اكتشاف 50 منها في المملكة، وست بالشارقة، تعرض للمرة الأولى أمام الجمهور.

وتعكس المقتنيات مدى التشابه في نمط وأدوات الحياة بين الشعبين، مسلّطة الضوء على الدور المهم الذي كانت تسهم به الطرق التجارية في إنشاء الصلات بين المجتمعات المختلفة ونقل الحضارات، وكيفية نجاحها في بناء روابط ثقافية طويلة المدى بين المجتمعات، بالرغم من وجود مسافات شاسعة تفصل بينها.

56 قطعة سعودية إماراتية

يضم المعرض أربع مجموعات من المقتنيات الأثرية السعودية، المكتشفة في نجران وتيماء والعلا، باعتبارها المحطات الثلاث الأساسية لمرور كل القوافل التجارية في منطقة شبه الجزيرة العربية، التي تم تقسيمها تبعاً للحقبة الزمنية التي تنتمي اليها، والتي تشمل ست قطع تعود للقرن الرابع قبل الميلاد، و19 قطعة تعود لعام 1500 ق.م، وتسع قطع يعود اكتشافها للفترة الزمنية الممتدة بين 106 ق.م حتى 100م، و16 قطعة تنتمي للقرن الثالث الميلادي، إضافة الى ست قطع أثرية من مقتنيات متحف الشارقة للآثار اكتُشفت في أهم المواقع التاريخية بالإمارة، وهي مليحة ومويلح وجبل البحيص، التي يعود تاريخها إلى فترة تراوح ما بين 2000 سنة قبل الميلاد وعام 300 بعد الميلاد.

أقدم 6 قطع بالمعرض

تُعد المقتنيات التي تم اكتشافها بموقع العلا بمنطقة المدينة المنورة أقدم ست قطع يقدمها المعرض لزواره، اذ تعود الى القرن الرابع قبل الميلاد، وتقسم إلى مجموعتين، إحداهما تتكون من ثلاثة تماثيل على الشكل الآدمي مصنوعة من الحجر الرملي، يأخذ أولها شكل تمثال واقف، ويظهر الرأس والعنق بشكل واضح، والعينان نافرتان يعلوهما حاجبان كثيفان يلتقيان عند أعلى أنف مستقيم وكبير، وذراعاه مطويتان على بطنه، ويظهر نحت الأصابع واضحاً، أما الثاني فهو تمثال صغير الحجم مصنوع من الحجر الرملي، مفقود الرأس، وفي منتصفه ثلاثة ثقوب صغيرة، وبجانبها علامات على شكل خطوط، والأخير عبارة عن جزء من تمثال مفقود الرأس والأرجل، وعليه نقش مكتوب بالخط اللحياني بأسلوب الحفر الغائر.

أما المجموعة الثانية فتضم ثلاث قطع تتمثل في لوحة من الحجر الرملي كتب عليها نقشان بالخط اللحياني، أحدهما كتب بالحرف الغائر، والآخر كتب بالحرف البارز، وقطعة من الحجر الرملي، بها تجويف من الأعلى ربما تستخدم لحرق البخور، ويوجد على واجهتها نقش لحياني غائر مكون من 16 سطراً، بالإضافة لمذبح لحياني من الحجر الرملي، له مجرى (ميزاب) طويل منحوت وغائر.

مقتنيات تيماء

أما المقتنيات الأثرية التي تم اكتشافها بموقع تيماء بمنطقة تبوك فتعود لعام 1500 قبل الميلاد، واشتملت على 19 قطعة أثرية تنوعت بين المباخر والأواني والأكواب والأطباق الفخارية التي تتنوع في أشكالها وأحجامها وألوانها، مزينة بالرسومات والزخارف الهندسية المحفورة والمموجة التي تمثل الأدوات المعيشية التي كان يتم استخدامها في الحياة اليومية، بجانب عقد مميز من الخرز الملون، في شكل يعكس زينة وحلي النساء في الماضي.

البرونز والحجر الرملي

أما التسع قطع التي يعود اكتشافها بموقع العلا بالمدينة المنورة، والتي تعود للفترة الزمنية الممتدة من 106 قبل الميلاد وحتى 100 ميلادية، فتشمل مبخرتين، إحداهما من الحجر الرملي، والأخرى من البرونز، ومسرجة فخارية، وتمثال صغير من البرونز لماعز عليه آثار أكسدة، ومفتاح من البرونز على سطحه أثر تسنين وله مقبض دائري مجوف، بالإضافة إلى جزء من بدن وعنق لقارورة مصنوعة من المرمر ذي اللون الأصفر الفاتح.

16 قطعة الأكثر حداثة

كما يضم المعرض 16 قطعة تعود للقرن الثالث الميلادي، والتي تعتبر الأكثر حداثة مقارنة ببقية مقتنيات المعرض، وتم اكتشافها بموقع الاخدود بمنطقة نجران، وتنوعت بين أربعة تماثيل برونزية على شكل جمل ووعل ورأس ثور، بجانب ثلاث جرار فخارية كمثرية وكروية الشكل ممزوجة بالنقوش المحززة والمموجة، إضافة الى وعاءين صغيرين متلاصقين صنعا من المرمر لهما فوهتان ضيقتان وبدن متسع، ولكل وعاء ثلاثة مقابض صغيرة، بالإضافة للوح مستطيل من البرونز يحتوي على أربعة سطور بارزة من الحروف بالخط المسند، وختم مربع من البرونز له مقبض على شكل نصف حلقة دائرية مبرومة، وعلى الختم حروف أو زخارف غائرة.

أهمية المعرض

مدير عام هيئة الشارقة للمتاحف، منال عطايا، قالت إن «المعرض يعد واحداً من أبرز مجالات التعاون الثقافي بين هيئة الشارقة للمتاحف والهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في السعودية، ونجح في تقديم لمحة عن الدور المهم الذي كانت تسهم به الطرق التجارية في إنشاء الصلات بين المجتمعات المختلفة، ودورها في بناء روابط ثقافية طويلة المدى بين المجتمعات، بالرغم من وجود مسافات شاسعة تفصل بينها، خصوصاً أن هذه الطرق التجارية القديمة التي يعبرها المسافرون، والتي امتدت على طول الصحارى الشاسعة في الجزيرة العربية كانت بمثابة شرايين الحياة التجارية بالنسبة للمجتمعات والسكان من قاطني الجزيرة العربية».

وأضافت أن «المعرض يعد فرصة مهمة لكل أفراد المجتمع وللباحثين والمهتمين في علم الأثريات، كونه نجح في أن يعرض عدداً من الجوانب الاجتماعية والدينية والسياسية والاقتصادية التي كانت سائدة في تلك المجتمعات، ومدى تأثر بعضها ببعض من خلال التواصل التجاري»، مؤكدة أن المعرض «يجسد إمتداداً تاريخياً للعلاقات بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة».

وأوضحت عطايا أن «المجموعة الأثرية المعروضة من المملكة العربية السعودية تعد ذات أهمية تاريخية وفنية، وتم اكتشافها في مناطق تاريخية مهمة في ذلك الوقت، تشمل مواقع نجران، والعلا، وتيماء، التي تعتبر بمواقعها الجغرافية محطات توقف على أهم الخطوط التجارية الرئيسة، حيث كان المسافرون وقوافل التجار يقصدونها وهم محملون بالبضائع المختلفة، مثل البخور والأواني الفخارية، وغير ذلك من المصنوعات الحرفية، كما كان المسافرون على الطرق التجارية القديمة يعبرون نجران في جنوب الجزيرة العربية في طريقهم إلى موقع العلا، الذي شكل نقطة ربط بين المدن والمناطق في الجنوب، والمراكز الثقافية الكبرى في أقصى الشمال، بينما كان موقع تيماء نقطة عبور رحلاتهم إلى بلاد الرافدين».

تويتر