Emarat Alyoum

«مرشدات سياحيات».. بالشيلة والعباءة الإماراتية

التاريخ:: 06 أغسطس 2018
المصدر: تحقيق: شيماء محمد تصوير: إريك أرازاس
«مرشدات سياحيات».. بالشيلة والعباءة الإماراتية

مجموعة من المواطنات في مقتبل العمر، قرّرن هذا العام أن يطرقن مجالاً جديداً على الفتاة الإماراتية، وهو عالم «الإرشاد السياحي»، وأعلنَّ جاهزيتهن ليكن الوجه الشارح لتاريخ وحضارة الإمارات وأسرار معالمها، متخذات من العمل الميداني طريقاً للنجاح والتميز في مجالات ظلت لسنوات طويلة حكراً على غير الإماراتيين.

الفتيات يمثلن التجربة الأولى لبرنامج «رخصة المرشد السياحي» في الدولة، ويستقبلن السائح بالشيلة والعباءة الإماراتية.

«البيت الإماراتي»

تقول المرشدة السياحية ميثاء عيسى لـ«الإمارات اليوم» إن إجادتها خمس لغات هي الإنجليزية، الفرنسية، الصينية، والكورية بالإضافة إلى العربية، حفزها لاتخاذ عالم الإرشاد السياحي نقطة انطلاقها في حياتها العملية.

وتضيف: «بمجرد تخرجي في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية تخصص العلاقات الدولية والسياسية قبل عامين، صادفت اعلاناً لهيئة الثقافة بأبوظبي عن برنامج رخصة المرشد السياحي، فلم أتردد في الالتحاق به».

وتكمل: «اكتسبت من خلال البرنامج العديد من المهارات التي تحتاج لسنوات طويلة للحصول عليها، خصوصاً اني منذ صغري مولعة باكتشاف وجمع معلومات عن الحضارات القديمة والتعرف إلى ثقافات الآخرين وتاريخهم، وقد أتيحت لي فرص التعرف عن قرب عن الدور الحيوي للمرشد السياحي في التنمية الاقتصادية، وكيفية التعامل مع السائحين بمختلف خلفياتهم الثقافية»، مضيفة أن محاضرات البرنامج وورش عمله كانت بمثابة «كنز من المعلومات الثرية التي كنت أجهلها حول المواقع السياحية الطبيعية والأثرية والتراثية والنباتات التي تتميز بها الدولة».

وتابعت ميثاء «الشعور بالمسؤولية تجاه وطني، انتابني بمجرد التعامل مع أول فوج سياحي استقبلته في مجلس منزلي، الذي جعلت منه موقعاً لاستقبال السياح الأجانب وأطلقت عليه (البيت الإماراتي)، لأستقبلهم فيه وأطلعهم على العادات والتقاليد، والتعرف إلى أفراد أسرتي، حتى يقتربوا من ملامح الأسرة الإماراتية، وأوفر لهم فرص التحاور معهم، ليكون افراد أسرتي المرآة العاكسة للوجه الحضاري لرقي وتطور الإمارات وأبنائها».

من الهندسة إلى الإرشاد

شذى الهاشمي تركت مجال الهندسة الكهربائية قاصدة عالم الإرشاد السياحي، وكان جامع الشيخ زايد أول موقع سياحي تزوره بصحبة فوج من جنسيات مختلفة. ومع اللحظات الأولى للجولة تملكها الشعور بالحماسة والمسؤولية والفخر الذي تضاعف بمجرد أن شرعت في حديثها عن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وعن حكمته وفطنته وتاريخ الدولة، وما حفزها على الاستمرار في المهنة حالة الشوق التي تراها في أعين السائحين ورغبتهم في معرفة المزيد عن باني الدار.

وتذكر شذى أنها عادت إلى بيتها مطمئنة، ترضيها نظرات السائحين الإيجابية وابتساماتهم التي لم تفارق وجوههم طوال الجولة، والتي كانت بمثابة شهادة تقدير لها على نجاحها في مهمتها التي اسندت إليها.

وتقول: «استطعت خلال أشهر قليلة أن أكتسب مهارات الاتصال والتواصل مع الآخر، وإجادة فن ترتيب الأفكار واستعادتها في الوقت المناسب، والإلمام بالمعلومات الغزيرة» حول المناطق والمواقع السياحية والأثرية والأحداث التاريخية.

وتؤكد شذى أن دخول ابنة الإمارات الى هذا العالم بمثابة «شهادة لقدرتها على تخطي الوظائف التقليدية والمكتبية، وتجاوز النظرات السلبية المغلفة بثقافة العيب والخجل من عمل المواطنات في قطاع ميداني مثل الإرشاد السياحي».

التمرد على ثقافة العيب

أمّا المرشدة المواطنة هبة بن رضا، فتقول إن أكثر ما يحفزها على المضي قدماً في هذا المجال، الاهتمام الكبير الذي توليه الدولة لمجال السياحة، و«نظرات الإعجاب المصحوبة بالاندهاش من قبل الأجانب لوجود فتاة إماراتية ترتدي العباءة والشيلة تسرد التاريخ وتشرح معالم الإمارات بمهارة، وبلغات متعددة»، مؤكدة أن سعادتها تتضاعف عندما تشعر بأنها نجحت في مهمتها الوطنية في محو بعض الأفكار التي يؤمن بها الأجانب من أن الفتاة الإماراتية مازالت تعيش في عزلة وغير متعلمة، أو مؤهلة للتعامل مع الآخر خصوصاً من الجنسيات الأخرى، وتختبئ خلف عباءتها.

وكشفت بن رضا أنها وفريق المرشدات السياحيات من المواطنات اتفقن جميعاً على تجاوز ثقافة العيب، وأنه حان الوقت لكسر حاجز الخجل وتخطي الوظائف التقليدية واقتحام مجالات العمل الميداني، التي أهمها القطاع السياحي الذي يعد جزءاً مهماً في بناء اقتصاد الدولة، والممثل الأول لوجهها الثقافي وهويتها الأصيلة، فالمرشد السياحي الإماراتي هو الأقدر من غيره في ممارسة مهمة اطلاع الآخر على تاريخ بلاده الذي عاشه لحظة بلحظة ومر بمراحله كافة.

وتؤكد هبه أنها وزميلتها يؤمنَّ بأن مهنتهن «ليست مجرد مصدر للرزق، أو وظيفة لنقل الحقائق التاريخية والمعلومات للسائحين، ولكنها مهمة وطنية عمادها المعايشة والشعور بكل كلمه يتم نقلها للآخر».

وتكمل «رغم أن المهمة ليست سهلة، لكن المؤشرات إيجابية، فالجهات السياحية أصبحت اكثر ايماناً بقدرات المواطن ومهاراته في أن يكون جسر عبور السائح للثقافة المحلية، لذلك وفرت العديد من البرامج التدريبية التي تساعد على تأسيس جيل من المواطنين المؤهلين لخوض تجربة العمل السياحي».


«رخصة المرشد السياحي»

وفّرت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، برامج عدة لإتاحة الفرصة للمواطنين للدخول إلى قطاع السياحة بشكل محترف. وتقول ليلى القطّاع، تنفيذي التدريب والإرشاد السياحي في الهيئة، إن في مقدمة البرامج التي تتبناها الدولة، لتأسيس جيل من المرشدات السياحيات برنامج «رخصة المرشد السياحي»، الذي يدرب الدارسين بشكل نظري وعلمي ويمدهم بالأدوات الضرورية للعمل وفق أعلى المعايير الدولية للإرشاد السياحي، ما يؤهلهم للحصول على رخصة رسمية لمزاولة المهنة، وتقديم تجارب سياحية أصيلة للسائحين بأعين إماراتية تستطيع أن تعكس المميزات الثقافية والتراثية وتقاليد وعادات المجتمع، مشيرة إلى أن البرنامج استطاع منذ انطلاقته استقطاب أعداد كبيرة من المواطنين المتحمسين، والأشخاص الشغوفين بحضارة الإمارات وثقافتها وتاريخها ومواقعها ومعالمها السياحية والطبيعية، وطلاب الجامعات الذين يدرسون السياحة كاختصاص ومنهج جامعي، بالإضافة للعنصر النسائي الذي يعد الأكثر طلباً مقارنة بالشباب للالتحاق بالبرنامج والحصول على الرخصة، متيحاً لهن فرصة ذهبية للتدريب العملي عن طريق القيام بالجولات السياحية في مختلف البيئات، التي تزخر بها الحياة الإماراتية، بالإضافة لتقديم التدريب المتخصص في سبل إدارة الوفود والتعامل مع الحالات الطارئة.

برنامج «رخصة المرشد السياحي»، يدرب الدارسين بشكل نظري وعلمي ويمدهم بالأدوات الضرورية للعمل وفق أعلى المعايير الدولية للإرشاد السياحي.