الاتحاد جاء تتويجاً لجهود استمرت 47 شهراً من العمل الدؤوب

2 ديسمبر 1971.. قـــــيام الدولة وتحقُّق الحلم

صورة

لم تكن تلك الصورة الخالدة في أذهاننا جميعاً، التي تجمع قادة دولة الإمارات العربية المتحدة وهم يقفون لالتقاط صورة تذكارية أمام علم الدولة الحديثة، عقب إعلان بيان دولة الاتحاد في الثاني من ديسمبر 1971، هي البداية كما يعتقد كثيرون، فواقع الأمر أن اجتماع الحكام الستة في دار الاتحاد بدبي، والاحتفال بتوقيع وثيقة تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة (انضمت إمارة رأس الخيمة إلى الاتحاد لاحقاً في 10 فبراير سنة 1972)، جاءا تتويجاً لـ47 شهراً من العمل الدبلوماسي الدؤوب، قاده المغفور له الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله. بحسب ما جاء في كتاب «زايد.. رجل بنى أمة» الصادر عن «الأرشيف الوطني» من تأليف غريم ويلسون، عام 2013.

لمشاهدة 6 صور تاريخية من قيام الدولة، يرجى الضغط على هذا الرابط.


http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/12/27199_EY_02-12-2014_p40-p41-1.jpg

التاريخ هو الهوية الحقيقية للأمم والشعوب، وهناك علامات فارقة في تاريخ الشعوب والدول لا يتشابه ما قبلها مع ما بعدها، كما في تاريخ 2 ديسمبر 1971، الذي يمثل في حقيقته جوهر تاريخ دولة الإمارات، واللبنة الأساسية التي بنيت عليها أسس قيام الدولة وتطورها ونموها. واستناداً إلى أهمية هذا التاريخ، وإلى حقيقة أن «تاريخ الإمارات المشرق، لا يقل أهمية عن حاضرها الزاهي»، جاءت مبادرة «1971» التي أطلقها سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بهدف الإسهام في توثيق تاريخ الدولة في جميع المجالات، واستلهاماً لهذه المبادرة المهمة تأتي هذه الصفحة الأسبوعية التي تقدمها «الإمارات اليوم» بالتعاون مع «الأرشيف الوطني» التابع لوزارة شؤون الرئاسة، للتعريف بشكل الحياة في الإمارات قبل الاتحاد وخلال بداياته الأولى، والجهد الكبير الذي بذله الآباء المؤسسون للدولة من أجل قيامها.


أرقام وأحداث

1968

في 18 من فبراير عام 1968 اجتمع الشيخ زايد والشيخ راشد ثانية في مخيم صحراوي أقيم لهذا اللقاء في منطقة السميح قرب غنتوت.

1970

في شهر أبريل 1970 التقى الشيخ زايد والشيخ راشد ثلاث مرات لمراجعة مسار الأمور، وبعدها استقبل كل منهما نظيره من الإمارات الخمس الأخرى في اجتماعات بعيدة عن البروتوكول كما أراد لها الشيخ زايد.

1971

في الأول من ديسمبر 1971 بدأ المقيم السياسي البريطاني جولة في الإمارات السبع وقع أثناءها الحكام وثيقة إلغاء الاتفاقات والمعاهدات التي عقدت مع بريطانيا عام 1820.

1968

في التاسع من يناير 1968 سربت صحيفة «ديلي إكسبريس» البريطانية خبراً مفاده أن القوات البريطانية التي تتخذ قواعد لها في الخليج وفي كل منطقة الشرق الأوسط ستعاد إلى وطنها.

وفي عام 1966 تقدم 54 عضواً في البرلمان البريطاني بمشروع قرار من مجلس العموم جاء فيه أن كلفة الإبقاء على القواعد العسكرية في المنطقة الواقعة من شرق عدن، التي قدرت بـ317 مليون جنية إسترليني، تصرف شاذ وباهظ الثمن في زمن الركود الاقتصادي. وفي التاسع من يناير 1968 سربت صحيفة «ديلي إكسبريس» البريطانية خبراً مفاده أن القوات البريطانية التي تتخذ قواعد لها في الخليج وفي كل منطقة الشرق الأوسط ستعاد إلى وطنها، وبعد ذلك بأسبوع (يوم (الثلاثاء الأسود كما سُمي) أصدرت رئاسة الحكومة البريطانية بياناً جاء مطابقا إلى حد كبير لما نشرته الصحيفة، مضيفاً أن الانسحاب مخطط له أن يتم مع نهاية 1971. هذا البيان سبب صدمة للمتابعين في منطقة الخليج، أما الشيخ زايد فكان رد الفعل الأول له أن رفع سماعة الهاتف واتصل بحكام الإمارات، إضافة إلى أميري قطر والبحرين، وكان ذلك في العاشر من يناير، ليبحث معهم هذه المشكلة الطارئة. وفي اليوم نفسه استقبل الشيخ راشد في دبي الشيخ زايد والمقربين من مستشاريه، وعقد الزعيمان العزم على نسج موقف سياسي مشترك يكون نهجاً للمستقبل. وفي 18 من فبراير 1968 اجتمع الشيخ زايد والشيخ راشد ثانية في مخيم صحراوي أقيم لهذا اللقاء قرب غنتوت. وبعد ظهر ذلك اليوم جلس الشيخ زايد والشيخ راشد ليوقعا وثيقة تنص على اتفاقهما على إنشاء اتحاد بين إمارتيهما، على أن يكون للاتحاد علم موحد، وأجهزة اتحادية للدفاع والأمن الداخلي، والسياسة الخارجية، فضلاً عن توحيد دوائر الهجرة، والرعاية الطبية، والنظام التعليمي. وعُرفت هذه الوثيقة باسم «اتفاقية الوحدة» وكانت الخطوة الأولى الملموسة نحو الاتحاد بين إمارات الخليج.

وفي 25 من فبراير، أي بعد أسبوع من توقيع الوثيقة الأساسية تم تنظيم اجتماع في قصر الشيخ راشد في جميرا، حضره قادة الإمارات السبع المتصالحة، إضافة إلى قطر والبحرين، واستمرت الاجتماعات ثلاثة أيام متواصلة، واتفق القادة التسعة على كل النقاط التي طرحت للبحث والتي شكلت جزءاً أساسياً من الاتفاقية المؤقتة، وصدر بيان يعلن «التوصل إلى إجماع لتأسيس اتحاد فيدرالي يضم الإمارات العربية في منطقة الخليج». لكن هذا الاتحاد لم يبصر النور. وفي أبريل 1970 التقى الشيخ زايد والشيخ راشد ثلاث مرات لمراجعة مسار الأمور، وبعدها استقبل كل منهما نظيره من الإمارات الخمس الأخرى، في اجتماعات بعيدة عن البروتوكول كما أراد لها الشيخ زايد، للمصارحة من دون عوائق.

في الأول من ديسمبر1971 بدأ المقيم السياسي البريطاني جولة في الإمارات السبع وقع أثناءها الحكام وثيقة تُلغى بموجبها كل الاتفاقيات والمعاهدات التي عقدت مع بريطانيا منذ «المعاهدة العامة للسلام» التي وقعت عام 1820، وفي صباح اليوم التالي اجتمع في قصر الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم على شاطئ جميرا خمسة حكام، ومعهم الشيخ راشد بن أحمد المعلا، الذي كان آنذاك ولياً لعهد أم القيوين، وتولى الحكم في ما بعد، ووضعوا خريطة عمل متكاملة لتأسيس الإمارات العربية المتحدة، وتم التوقيع على وثيقة التأسيس.. ومن هنا كانت البداية نحو تحقيق الحلم وولدت دولة جديدة.


دار الاتحاد

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/12/2308712.jpg

أحمد خليفة السويدي يتلو على الملأ بيان اتحاد الإمارات العربية المتحدة في دبي (18 يوليو 1971).

أمر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في ديسمبر 2012، بإعادة تأهيل دار الاتحاد بكل تفاصيلها كما كانت عليه عند إعلان اتحاد دولة الإمارات في الثاني من ديسمبر عام ‬1971.

وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إن «هذه الدار تمثل إرثاً تاريخياً لدولة الإمارات، ومعلماً مهماً للأجيال المقبلة، والحفاظ عليها هو حفاظ على لحظات تاريخية، وتخليد لذكريات وطنية وتوثيق لتجربة وحدوية عربية كانت ومازالت وستبقى، بإذن الله، من أنجح التجارب الوحدوية في الوطن العربي».

وذكر سموه أن «لحظات رفع علم دولة الإمارات لأول مرة في هذه الدار هي لحظات ملأتنا جميعاً ومازالت بكل مشاعر العزة والفخر والاستقلالية والوحدة أيضاً، وانتخاب زايد رئيساً وراشد نائباً في المكان نفسه، كان بداية الانطلاقة لرحلة مباركة من البناء والتطور في أرض الإمارات الطيبة، وواجبنا تجاه أبناء الوطن أن نخلد لهم هذه اللحظات العظيمة، ونذكرهم جميعاً أن تواضع البدايات يمكن أن يؤدي إلى نهايات عظيمة إذا رافقها الإخلاص للوطن والعزيمة الصادقة والهمة العالية».

وفي المكان والزمان نفسيهما تم انتخاب المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيساً للدولة، والمغفور له، بإذن الله، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم نائباً له، ورفع العلم الاتحادي أول مرة وسط احتشاد الحضور من رواد الاتحاد وأبناء شعب الإمارات، وشهود الحدث الرسميين والإعلاميين العرب والأجانب.


7 عقود

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/12/2317462.jpg

يمثل قيام دولة الإمارات العربية المتحدة تتويجاً لجهود متتابعة سعت لقيام هذا الاتحاد، وبدأت منذ سبعة عقود مع إطلاق الشيخ زايد الكبير فكرة الاجتماعات المنتظمة مع جيرانه حكام الإمارات الأخرى، إلى أن جاء الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان فجمع الإمارات السبع في اتحاد قوي ومتلاحم انتقلت به كيانات صغيرة متفرقة إلى دولة اتحادية متماسكة يكاد عقد تكوينها يبلغ كماله. وكان الاتحاد تتويجاً لـ47 شهراً من العمل الدبلوماسي الدؤوب، قاده الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان، كما ورد في كتاب «زايد.. رجل بنى أمة» الصادر عن «الأرشيف الوطني» من تأليف غريم ويلسون، عام 2013.


خطط الوحدة

رغم أن الشيخ زايد أدرك مبكراً أهمية الاتحاد بين الإمارات المتصالحة، وعمل منذ توليه حكم أبوظبي في 1966 على بناء الجسور المفقودة، وعرف هو والشيخ راشد بن مكتوم ماهية التداعيات التي يمكن أن تنتج إذا بقيت الإمارات المتصالحة مستقلة، وكانت لدى القائدين خطط للتحرك نحو الوحدة، لكن الظروف حالت دون تحقيقها. إلا أن الأحداث سرعت من وتيرة إعلان الاتحاد، ففي أواخر ستينات القرن الماضي دفعت السياسة المالية التي اعتمدتها الحكومة البريطانية بالبلاد إلى أسوأ ركود اقتصادي عرفته بريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية. كان «صندوق تطوير الإمارات المتصالحة» عنصر تقارب بين الإمارات الشمالية الخمس: الشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة من جهة، والإمارتين الجارتين الكبيرتين مساحة وتطوراً وغنى: أبوظبي ودبي، من جهة ثانية، وأدى هذا التقارب إلى مزيد من التفاهم. وفي صباح العاشر من يوليو غادر أبوظبي وفد على رأسه الشيخ زايد، وفي عداده ولي عهده الشيخ خليفة، لتمثيل الإمارات في اجتماع كان مزمعاً عقده في مقر «صندوق تطوير الإمارات المتصالحة»، وكان الوضع قد أصبح شديد الحساسية، ولم يكن قد بقي لمغادرة القوات البريطانية المنطقة سوى خمسة أشهر، وبعد مرور أربعة أيام اختيرت أبوظبي عاصمة مؤقتة، واتفق على إنشاء مجلس للشورى، أما التمويل فسيتم بتحصيل 5% من عائدات النفط في كل إمارة، وأما الدستور فقد تم تعديل الصيغة التي وضُعت «لاتحاد الإمارات العربية» بحيث تعكس كياناً جديداً ذا سبعة أعضاء هو «الإمارات العربية المتحدة».


تأسيس

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/12/2317442.jpg

لعبت «دار الاتحاد» دوراً جوهرياً في التاريخ المعاصر لدولة الإمارات، وتقع الدار عند الطرف الغربي لشارع الثاني من ديسمبر (شارع الضيافة سابقاً) بالقرب من البحر، وكانت دار الاتحاد المكان الذي شهد توقيع معاهدة تأسيس أول دولة اتحادية في الوطن العربي، هي دولة الإمارات العربية المتحدة، وكان التوقيع في الثاني من ديسمبر ‬1971.

وشهدت دار الاتحاد تلك اللحظات التاريخية والوقائع والأحداث الكبرى التي توثقها اليوم اللوحات المعروضة في معرض دار الاتحاد، التي تعكس تلك اللحظات التي أعقبت خروج حكام الإمارات بقيادة الشيخ زايد، رئيس الدولة، ونائبه الشيخ راشد، إلى الساحة الخارجية الرحبة لدار الاتحاد بقصر الضيافة لتتويج قيام الدولة.

تويتر