في محاضرة باتحاد الكتاب في أبوظبي
رشا الخطيب: للاستشراق البريطاني «منجزات أندلسية»
قالت الباحثة الدكتورة رشا الخطيب، إنه على الرغم من أن إسهامات بريطانيا في الدراسات الاستشراقية، المرتبطة بالأندلس وأدبها، محدودة، مقارنة بإسهامات دول أخرى مثل فرنسا وإسبانيا، إلا أن المنجزات التي حققها الباحثون الذين ينتمون إلى الهيئات العلمية البريطانية في مجال الدراسات الأندلسية، جيدة وتلبي حاجات عدة، أهمها توفير مادة علمية عن الأندلس باللغة الإنجليزية، خصوصاً في ما يتعلق بالموشحات.
وأشارت الخطيب، المتخصصة في الأدب الأندلسي، خلال الأمسية التي نظمها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات فرع أبوظبي، مساء أول من أمس، في المسرح الوطني تحت عنوان «الأدب الأندلسي في الدراسات الاستشراقية البريطانية»، وقدمت لها الباحثة، أمل صقر، إلى أن المدرسة الاستشراقية البريطانية جزء من النظرة الغربية العامة تجاه الأندلس، يمكن الاتفاق معها في أشياء والافتراق في أخرى، إلا أن الملاحظة الواضحة التي تميز عمل المستشرقين والباحثين في بريطانيا في مجال الدراسات الأندلسية عامة، أن عملهم ذاك في جانب منه كان محاولة لإثبات حضور بريطانيا في هذا المجال، الذي كان حكراً على مدارس أخرى في ما مضى، وبيان أن اهتمامات بريطانيا بمناطق نفوذها الاستعماري السابق لا تمنع ارتياد آفاق جديدة من البحوث الشرقية.
وذكرت المحاضرة أن الموضوع الأكبر والأبرز للمساهمة البريطانية في مجال الدراسات الأندلسية، يتمثل في الموشحات، إذ تم اكتشاف اللغة «الخمياتو» أو الأعجمية، التي كان يكتب بها المقطع الأخير من الموشح (الخرجة)، وهي كلمات إسبانية تكتب باللغة العربية؛ ثم توالت البحوث البريطانية في هذا المجال في القرن الـ20، وجرى الكشف عن موشحات إسبانية لم تكن معروفة من قبل، وكانت متضمنة في مخطوطة قديمة كانت في حوزة مستشرف فرنسي، ثم وصلت إلى الباحث في جامعة أكسفورد في بريطانيا آلن جونز، وهي تحتوي على ما يقرب من 300 موشح غير معروفة من قبل، تحمل عنوان «عدة الجليس ومجالسة الوزير والرئيس».
وأوضحت الخطيب أن الدراسات البريطانية، في مجال الاستشراق والدراسات الأندلسية، تميزت بميلها لاتخاذ اتجاه مخالف - إلى حد ما - للمدارس الأخرى، وعن الأفكار التي أرساها المستشرقون الهولنديون والفرنسيون والإسبان بأن الحضارة العربية والإسلامية لم يصنعها العرب ولكن أبناء جنسيات أخرى غير العرب ضمتهم المنطقة، وهي أفكار ظلت مسيطرة على الدارسين لـ200 عام تقريباً، ولكن البريطانيين حاولوا الخروج عنها قليلاً، والخروج بأحكام جديدة متعلقة بالتراث الأندلسي.
وأفادت الخطيب بأن بداية اهتمامات بريطانيا بالأدب الأندلسي تعود إلى عام 1671 مع نشر نص «حي بن يقظان» لابن طفيل وترجمته إلى اللاتينية، ثم انفتحت على فضاءات أخرى وأعمال تالية للمستشرقين البريطانيين حول تراث الأدب الأندلسي نشراً وتحقيقاً وترجمة، فترجمت ونشرت أعمال أخرى منها «رحلة بن جبير»، و«ترجمان الأشواق»، و«طوق الحمامة»، وإن ظل كتاب «عدة الجليس» هو الأهم.
وعن الصعوبات التي واجهتها في دراستها، اعتبرت الخطيب أن من أبرزها دراسة المصادر بلغتها الأصلية، وهي عملية قد توصف بالسهل الممتنع، فمن جهة يقدم للباحث فرصة فريدة بالرجوع إلى روح النصوص الأصلية المراد دراستها، وإغناء البحث بمصادر ربما تكون ذات رؤى مختلفة، ومن جهة أخرى ربما يقع الباحث في ما وقع فيه المستشرقون أنفسهم من قبل، حين أساؤوا فهم اللغة العربية في نصوصها المدونة أو في سياقها، ما أدى بهم إلى أحكام أطلقوها تجاه العرب بغير هدى، لافتة إلى فضل شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) في تذليل الصعوبات التي يواجهها الباحث في الحصول على المصادر، فتجعله يزور مكتبات الأرض وهو في مكانه.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news