Emarat Alyoum

«مهرجان الرحالة».. حكايات مـــن على حافة الحياة والموت

التاريخ:: 29 ديسمبر 2012
المصدر: ديانا أيوب - دبي
«مهرجان الرحالة».. حكايات مـــن على حافة الحياة والموت

عبر خطوات محفوفة بالمغامرة والمفاجآت ومرهونة بالمجهول، ينطلق المغامرون في رحلاتهم وأسفارهم، ليكتشفوا غرائب العالم وعجائب الحضارات، وجمالاً ساحراً في الطبيعة لا يمكن لأي أحد أن يراه، يحملون أمتعتهم الخاصة، ويتسلقون الجبال، أو ينطلقون إلى الهدف سواء بالسير على الأقدام أو بركوب السيارات، والجمال، والدراجات الهوائية، أو حتى المراكب الشراعية. كل هذه التجارب تحمل الكثير من الأخطار التي تضعهم على الخط الفاصل بين الحياة والموت في لحظات معينة، لكن وحده الإصرار على الانجاز والعودة الذي يعيدهم الى ديارهم بعد تحقيق الانجاز الكبير.

ويعد فريق رحالة الإمارات الفريق الأول الذي لف العالم بالسيارات، وقال المنسق في الفريق محمد بن نصيب، إن «فكرة الرحلة تبلورت عام ‬1995، وانطلقنا في عام ‬1997». وأكد بن نصيب أن زمن الرحلة أتى خلال فترة لم يسمح للرحلة بأن تأخذ حقها في الإعلام، ولكن مهرجان الرحالة الذي أقمناه اليوم هو وليد فريق الرحالة. ورأى أن الترحال يبني جسوراً بين البلدان وينشر المحبة، فالرحالة يجب أن يتفرغ لأن يكون رحالة. أما انطلاقة الرحلة فكانت من دبي مروراً بدول الخليج الى الدول العربية، ثم الى اوروبا وأميركا وكندا وأستراليا واندونيسيا وسنغابور وتايلاند والهند وباكستان والعراق، وقد دامت الرحلة سنة وشهرين. من جهته، أكد عوض بن الشيخ مجرن، أن الرحلة لم تكن مقبولة في البداية، مشدداً على أن التكرار لا يتم إلا من خلال النجاح والقدرة على التحدي والمتابعة. وأكد أن الفريق هو رسمياً الفريق الاول الذي يجوب العالم بالسيارات، كما أنه العربي الأول الذي حصل على دكتوراه فخرية في تجوال العالم بالسيارات.

جمل

صعوبة التأشيرات

لفت معظم الرحالة الذين تطلبت أسفارهم تجاوز حدود البلدان إلى صعوبة الحصول على تأشيرات الدخول الى أكثر من دولة. اليمني عبدو زيد القاسمي، لم يتمكن من دخول استراليا التي قصدها على الجمل بسبب عدم حصوله على التأشيرة، واضطر الى العودة. وكذلك الثنائيان الاستراليان فقد أكدا أنهما لم يحصلا على التأشيرات بسهولة في أكثر من دولة، الأمر الذي كان يجبرهما على الانتظار على الحدود أياماً عدة. ولفتا إلى أن عدم الحصول على التأشيرة كان يفرض عليهما أحياناً خطوط سفر مختلفة لتغيير وجهتهما واختيار بلدان أخرى.

اليمني عبدو زيد القاسمي، قرر أن يلف العالم العربي على الجمل، بعد أن قام برحلته الأولى سيراً على الاقدام لمسافة ‬3000 كيلومتر. اشترى القاسمي الجمل، وبدأ مغامرته عام ‬1994، ليتجول في العالم العربي في رحلة استكشافية واستطلاعية دامت عاما. وأكد القاسمي، أنه زار مختلف البلدان العربية، منها السودان ومصر وتونس والجزائر والمغرب، وبعدها عاد الى لبنان وسورية والعراق والبحرين وقطر وعمان، ثم عاد الى اليمن، خلال سنة كاملة. وبين أنه اضطر الى شحن الجمل في الميناء البحري في مراحل عدة من رحلته، وذلك لتجنب قطع حدود بعض البلدان مرات عدة بسبب التأشيرات. وأضاف أن «الرحلة على الجمل تحمل مصاعب مختلفة عن غيرها، وتتمثل في التعب المستمر لأن ركوب الجمل رياضة صعبة، إضافة الى ان الجمل لا يقطع سوى ‬70 كيلومتراً في اليوم، وبعد أسبوع كامل من السير تتورم قدمي الجمل، فأجعله يرتاح يومين». ولفت الى أن طباع الجمل تتغير من وقت لآخر، ولاسيما مع تغير المناخ وطبيعة البلد. وشدد على أن الليل والخوف من الحيوانات والزواحف، وكذلك الأمراض والحرارة، كلها أمور واجهته في الرحلة، وعندما يتذكرها يشعر بمدى الخطر الذي واجهه، لكن العزيمة هي التي تحثه على المتابعة للوصول. أما متاعه فهو أساسي لا يمكن ان يستغني عنه، فقد حدث أن باع الجمل أكثر من مرة حين اضطر خلال أسفاره، وذلك كي يستبدله بجمل نشيط وغير متعب، لكنه يحافظ على متاعه. واعتبر ان الرحالة لا يلقى الاهتمام من قبل الدولة في الوطن العربي، على الرغم من كونه إنساناً يحمل رسالة تجسد الوئام والسلام. ولفت الى أنه وثق أسفاره في كتاب خاص، وان الكتاب الذي وثق فيه أسفاره يعد من الأمور المهمة والأساسية التي تشعره بإنجازه.

قارب

اليمني محسن بوسعيدي، اختار المركب الشراعي ليلف بحار العالم كلها في ‬67 يوماً. ولفت الى أنه خرج من مسقط ليلف العالم عبر المحيط الهندي بالقرب من أستراليا وبعدها الى المحيط الهادي، ثم خرج من بين أميركا والقطب المتجمد الجنوبي، وعاد الى القرن الإفريقي، وبعدها الى المحيط الهندي ثم الى اليمن من جديد. وأكد أن اختياره للمركب الشراعي كان بسبب حبه للقوارب الشراعية. أما الرحلة فقد أتت بعد أن قامت الحكومة بتجربة إبحار لمجموعة من الاشخاص ليبحر أحدهم حول العالم، لكن عمله في البحرية هو الذي سهل عليه مهمة الفوز، علماً بأنه كان يعمل في الأمن وليس الإبحار. وأوضح البوسعيدي بعض الصعوبات التي واجهته في الرحلة البحرية، «فهي تتمثل في كونه أحياناً لا ينام فترات طويلة بسبب العواصف المتواصلة، أو حين تتوقف الرياح أياماً ويرى نفسه في عرض البحر دون حركة». وشدد على أن التجربة غيرت حياته وأوجدت منه انسانا جديدا، فقد بات قياديا واجتماعيا أكثر من السابق.

دراجة

أما الماليزي محمد عدنان، فقد اختار الدراجة الهوائية لرحلته من ماليزيا الى لندن. وأكد أن الرحلة استغرقت سبعة شهور، قطع خلالها ‬70 ألف كيلومتر. وعلى الرغم من كبر سن عدنان الذي يبلغ ‬70 عاماً، فإنه نوه بأن رحلته ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد قام بالعديد من الأسفار التي كانت أقصر من حيث المسافة، لكن رحلته الى لندن كانت الأطول. وأكد أنه لا يحتاج إلى تحضير قبل الرحلة، فهو رجل نشيط وكل يوم يقود دراجته ويقطع مسافة لا تقل عن ‬100 كيلومتر، ولهذا لا يواجه أية صعوبات في رحلاته. أما الصعوبات الأبرز في الرحلات فهي الصعود في الطرقات الجبلية، إلى جانب الطقس الممطر، فهو يستوجب التوقف احيانا ولاسيما مع بدء هطول الثلج وعدم قدرته على تحريك الدراجة بسبب الجليد. وأكد أن ركوب الدراجة تحول إلى أسلوب حياة بالنسبة له، فهو لديه عائلة ويتركهم أحياناً حين يذهب في أسفاره، ولكن في رحلته الأخيرة الى لندن رافقه ابنه على الدراجة من الهند حتى لندن.

سيارة

الثنائي الاسترالي أندرو وآن، قررا أن يتجولا بسيارتهما حول العالم منذ سبع سنوات. وأكدت آن أن الفكرة بدأت عندما قررا السفر إلى انجلترا بالسيارة، وقد التقيا وهم في الرحلة بعائلة فرنسية تعيش في السيارة متنقلة بين البلدان، الأمر الذي جعلهما يفكران في زيارة العديد من البلدان. ولفت أندرو إلى أنه هو من جهز السيارة لتكون «كرفاناً» متنقلاً، يؤمن لهما الراحة أثناء السفر، لكنهما تعرضا لحادث في عمان خسرا من خلاله السيارة، الأمر الذي سبب لهما أزمة مالية، وبات مضطراً الى شراء سيارة جديدة لمتابعة الأسفار. وأكد أندرو أن الرحلات تتطلب الكثير من المال، وقد كانت لديهماً كمية كافية من المال، الا أنهما مضطران اليوم إلى العمل سنتين على الأقل كي يتمكنا من تأمين مبلغ من المال والعودة الى متابعة أسفارهما. أما المبلغ الاجمالي لكلفة أسفارهما، فقد وصل الى ما يقارب ‬35 ألف دولار أسترالي.

أما الثنائي السويسري اميل وليليانا شميد، فقد قضيا ما يقارب ‬28 سنة من الأسفار في سيارتهما، زارا خلالها ‬172 بلداً. وقد تحدثت ليليانا عن بداية الفكرة التي تبلورت، وأكدت أن زوجها قرر البدء بالسفر حينما بلغ ‬42 عاماً، وكانت البلاد تواجه أزمة اقتصادية، ولاسيما انهما كانا قد جمعا مبلغاً من المال. وأضافت «عارضت الفكرة في البداية، فكان لدي عملي، وأمي كانت على قيد الحياة، وبعدها اقتنعت بالفكرة وبأنه يمكنني ان أبدأ بعمل جديد بعد عامين، لكني أحببت الفكرة ومازلنا نسافر حتى اليوم». ولفتت الى أنهما استخدما الأموال التي جمعاها، لكنهما احتاجا الى المال بعد فترة، الأمر الذي جعلهما يعملان في فترات متقطعة في البلدان التي زاراها. ولفتت إلى أن هذا النمط من الحياة سهل وليس صعباً، فهو يحتاج الى تدبير فقط، فهما لا يقصدان الفنادق إلا حال تعرضهما لمرض وكانا يحتاجان الى راحة في فندق أو حتى مستشفى. وأضافت أنهما شحنا السيارة الى دبي، وبعد انتهاء مهرجان الرحالة الذي استضافهما سيغادران من جديد في سيارتهما إلى الدول العربية.

أما هذه الأسفار فقد جعلت ليليانا أكثر سعادة اليوم، وهي قادرة على القيام بالمزيد من الرحلات، فقد بلغت ‬71 سنة لكنها تشعر بأن السفر يشعر المرء كأنه أصغر سناً. بينما أكد اميل ان هذا النمط من الحياة محفوف بالمخاطر، فالأمان مطلب إنساني، وتالياً يشعر المرء بأنه متيقظ طوال الوقت، لكنه لا ينام وهو مطمئن، ومن الصعب أن ينام وقتاً طويلاً نوماً عميقاً.