قدّمها فريق إماراتي بإنتاج من «ابتكار»

«أنا إماراتي» أول أغنـية «راب» وطنية

خليفة الرميثي وعبدالله المرزوقي أمام كاميرا الجابري. من المصدر

مع الوطن، ليس هناك حدود للإبداع، حيث يظل الوطن مصدر إلهام للعديد من الأعمال الفنية والفكرية المتميزة التي لا تندرج تحت بند العادي والمألوف، بقدر ما تحاول أن تجد لنفسها فضاءات أكثر اتساعاً قد يمكن من خلالها إيفاء الوطن بعضاً من حقوقه. من هذا النوع أغنية «أنا إماراتي»، التي قدمها بعض الشباب الإماراتيين هدية للوطن في عيد الاتحاد، لتكون أول أغنية راب وطنية، وهي من تأليف خليفة الرميثي، الذي قام بأدائها مع عبدالله المرزوقي، بينما تولى الإخراج سمير الجابري.

«ابتكار» ينجز 11 مشروعاً في 2010

11 مشروعاً، و50 شخصاً استطاع «twofour54، ابتكار: المختبر الإبداعي» مساعدتهم على تطوير مهنتهم بالميدان الإعلامي خلال ،2010 وفقاً لما أعلن عنه خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد صباح أمس في سينما رويال بالخالدية مول في أبوظبي. الذي تضمن عرض عدد من المشروعات المختارة والمنفذة خلال عام 2010 عبر المنح التمويلية غير الربحية للمواهب العربية الشابة الذين يملكون أفكاراً مبتكرة وأصيلة في شتى الميادين الإعلامية والترفيهية، التي يقدمها المختبر الابداعي. ومن بين هذه المشروعات أربعة لإماراتيين في منصات مختلفة، إذ ركز عملان منهما على جوانب الحياة في الدولة ماضياً وحاضراً، من خلال الفيلم التراثي القصير «غافة عوشة» وحلقة تجريبية من سلسلة الويب المصورة «جرفة»، إضافة إلى عملي فيديو كليب موسيقيين وطنيين.

وقال الرئيس التشغيلي في twofour54، وين بورغ أثناء عرض الأعمال «لقد أدهشتنا نوعية الأفكار والمهارات التي يتمتع بها هؤلاء الشباب العربي المبدع، الذين تقدموا بطلب تمويل ودعم من twofour54 ابتكار المختبر الإبداعي ليحولوا بذلك أفكارهم المبدعة والأصيلة إلى واقع. وهنا فإننا ندعو جميع من يملك فكرة مبتكرة وأصيلة في المجال الإعلامي والترفيهي ولديه شغف بالنجاح والتحدي لكي يتواصل معنا فوراً، وبدورنا مازلنا نبحث في الأفكار المقدمة بمختلف المنصات. وسنقوم باحتضان ودعم هذه المواهب كونها تشكل الجيل القادم لصنّاع المحتوى الإعلامي العربي المميز».

ومن المبدعين الشباب المعروضة أعمالهم الإماراتية هناء الزرعوني، التي تبلغ 34 عاماً ولديها طموح كبير لأن تصبح مخرجة عربية مشهورة. وكتبت هناء قصة الفيلم القصير «غافة عوشة»، الذي صور في دولة الإمارات في مارس .2010 الفيلم مستوحى من طبيعة حياة المجتمع الإماراتي في فترة ما قبل البترول (في الخمسينات)، خصوصاً في فترة يشح فيها الماء وتكون قاسية جداً على سكان حي شعبي. وتماشياً مع النمو الكبير الذي يشهده عالم الإنترنت في عالمنا العربي كان اختيار مشروع ميثا المحيربي (24 عاماً) من دولة الإمارات، لدعم وتمويل حلقة تجريبية من سلسلتها العربية المخصصة للويب «جفرة»، التي بدأ إنتاجها في مايو .2010 وشخصية السلسلة الرئيسة هي شمسة، شابة إماراتية تعيش في إمارة أبوظبي. ويتحدث الفيلم عن مدونات شمسة ومغامراتها اليومية في العاصمة، إضافة إلى تصوير إحباطها نتيجة مقارنة حياتها بحياة أخيها الذي يعيش الحياة الذي يريدها ويرغب فيها.

كما قام twofour54 ابتكار المختبر الإبداعي بدعم أعمال منصات إعلامية وترفيهية أخرى، كدعمه وتمويله عملي فيديو موسيقيين احتفاء بالعيد الوطني الإماراتي. أولهما «أمانة يا إماراتي» للكاتبة والشاعرة هدى أمين الزرعوني المتخرجة في جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا، ولديها في رصيدها عدد من الكتب الشعرية. وثاني هذه الأعمال «أنا إماراتي» وهو فيديو موسيقي من نوع راب لخليفة الرميثي، وهو طالب إعلام في كليات التقنية العليا.

كما أعلن twofour54 ابتكار المختبر الإبداعي عن إطلاقه (بوابة إلكترونية) مع نهاية العام الجاري. وسيهدف الموقع إلى توفير دعم خاص ومحترف لأعضائه، إضافة إلى مشاركتهم بالتجارب التدريبية. وسجّل في الموقع 50 عضواً حتى الآن، 15 عضواً منهم إماراتيون، مازالوا يشقون طريقهم في قطاع ابتكار المحتوى. ومعظم الأعضاء كان لهم تجارب مع المختبر الإبداعي من التمثيل إلى الإخراج، والكتابة الإبداعية، والتأليف الموسيقي، وغيرها.

خليفة الرميثي، مؤلف الأغنية، قال لـ«الإمارات اليوم» إن فكرة الكتابة للوطن تظل موجودة دائماً، باعتبارها وسيلة للتعبير عن جانب صغير مما نكنه لوطننا من حب وتقدير، ولم تكن هناك فرصة أكثر مناسبة لتقديم الأغنية من عيد الاتحاد، خصوصاً بعد ان وفرت twofour54 لهم فرصة إنتاج الأغنية والإمكانات اللازمة لذلك، كما كانت استجابتها سريعة، بحيث لم تستغرق الفترة من عرض الفكرة على مختبر الابتكار وبين الموافقة على المشروع أكثر من اسبوع واحد، وهو وقت قياسي. معتبراً ان «الأغنية وغيرها من الاغاني التي قدمت وسيتم تقديمها لا يمكن ان تعبر بدقة عن مدى ما نكنه للوطن من إعزاز وما نشعر به من فخر ومحبة».

رفض «الراب»

واعترف الرميثي بأن «الراب» باعتباره نوعاً من الغناء لا يجد قبولاً كبيراً في المجتمع الإماراتي والمجتمعات العربية بشكل عام. ورغم أنه مؤلف ومؤدى لهذا النوع من الموسيقى والأغنيات، فإنه يرى ان رفض المجتمع العربي لأغنيات الراب أمر منطقي ويتفق معه تماماً، موضحاً أن «رفض المجتمع للراب يعود في الأساس إلى الأعمال التي تقدم، والصورة التي تقدم بها».

وأضاف أن «نشأة الراب تعود إلى فترة العبودية في أميركا، إذ كان العبيد يؤلفون أغنيات يعبرون بها عن معاناتهم، ولذلك كانت أغنياتهم مملوءة بالغضب والثورة، وكانت كلمات الأغنيات تتضمن الكثير من الشتائم والسباب والألفاظ التي لا تتفق مع المجتمعات العربية. ومع الوقت استمرت أغنيات الراب في الغرب تحمل الطابع والألفاظ نفسيهما، وللأسف عندما انتقل هذا النوع من الغناء إلى العالم العربي، أخذه الشباب العرب وقدموه بالأسلوب نفسه والموضوعات ذاتها دون مراعاة لخصوصية المجتمعات العربية، وبنوع من التقليد الأعمى للنمط الغربي، فأصبحت أغنياتهم تتحدث عن الفتيات والبحث عن المال وغيرها، لذا كان من الطبيعي أن يجد المجتمع الإماراتي صعوبة في تقبل هذا النمط». مستطرداً «ما الفائدة من أن أخرج أمام الجمهور وأنا أردد مجموعة من الشتائم والألفاظ التي أخجل وأرفض ان تقال في بيتي وأمام أسرتي وأهلي؟ كما أن التعبير عن رفض أمور وأوضاع معينة والرغبة في التغيير والتجديد لا ترتبط بالضرورة بالخروج عن التقاليد واستخدام السباب والألفاظ الخادشة».

رسالة اجتماعية

«اخترت تقديم أغنية وطنية بأسلوب الراب حتى أوصل رسالة إلى الجمهور والمجتمع عموماً، مفادها أن الراب فن مثل غيره من الفنون الأخرى، وأنه يحمل بداخله الايجابي والسلبي على السواء، والفنان هو الذي يختار ما يقدمه ويعبر عنه، وكلما كان أكثر وعياً اتسم فنه بالرقي والتميز». هكذا وصف الرميثي تجربته في أغنية «أنا إماراتي»، مشيراً إلى حرصه الشديد على انتقاء كلمات الأغنية حتى تتناسب مع مكانة الوطن، وأن يؤديها بشكل متوازن يعبر عن صدق مشاعره.

رغم أنه يكتب ويؤدي أغنيات الراب منذ ما يقارب السنوات الست، فإنه لم يظهر بشكل علني أمام الجمهور من قبل، مكتفياً بتقديم أعماله في إطار المحيطين به من الأهل والأصدقاء، ووضعها على صفحته على «فيس بوك». وهو ما أرجعه إلى رغبته في أن يتحقق ذلك بشكل قوي ومدروس ومن خلال إنتاج متميز، مشيراً إلى أنه لا يجيد الركض خلف المنتجين، وتقديم نفسه إليهم، خصوصاً أن شركات الإنتاج تبحث عن الأعمال التي تحقق كسباً مادياً، وهو ما يصعب أن ينطبق على أغنيات الراب».

 

فكرة شبابية

مخرج العمل، سمير الجابري، الذي سبق أن كانت له تجربة في الإخراج تمثلت في فيلم وثائقي قصير، عبر عن سعادته بالأغنية، وبالشكل الذي خرجت به، والصدى الذي لاقته، إذ تم عرضها خلال فترة الاحتفالات باليوم الوطني على عدد من القنوات من بينها «سما دبي» و«ام تي في ارابيا» و«الظفرة». مشيراً إلى ان تصوير الاغنية استغرق يوما واحدا، وتم تصويره في منطقة الاحتفالات على كورنيش أبوظبي وفي ميناء زايد. وقال «اعتمدت فكرة الكليب على المسيرات التي يتم تنظيمها في احتفالات باعتبارها المظهر الأبرز، ولكن حرصت على تجسيدها بالشكل السليم، كما جمعت فيها بين الاماراتيين والعرب والأجانب، في إشارة إلى حالة التوافق التي تعيش فيها مختلف الجنسيات على أرض الإمارات». واعتبر الجابري أن التغيير في مجال الاغنية الوطنية محدود نظراً لطبيعة الموضوع، بخلاف الاغنيات العاطفية والدرامية، ولكن اختلاف نمط وطبيعة «أنا إماراتي» واعتمادها على موسيقى الراب ساعد على منحها طابعاً خاصاً عبر عنه في الاخراج باللقطات السريعة والطابع الشبابي، معرباً عن أمله ان يواصل العمل في مجال الفيديو كليب.

 

خجل المرزوقي

من جانبه، عبر عبدالله المرزوقي الذي شارك الرميثي الأداء في الاغنية، عن سعادته بالنجاح الذي حققه الكليب. مضيفاً «لم أتوقع مثل هذا النجاح الكبير الذي يرجع الجانب الاكبر من الفضل فيه إلى twofour54 التي قدمت لنا دعماً غير محدود»، مشيراً إلى أن الأغنية هي أول ظهور له أمام الشاشات، «كنت أعتقد أنني لن أقوم بمثل هذه الخطوة أبداً، لأنني أشعر بالخجل الشديد من الغناء حتى امام اصدقائي، ولكن مع الدعم والتشجيع الذي وجدته استطعت التغلب على خجلي والمشاركة في الأغنية».

تويتر