فنانة إماراتية تخطط لرسم لوحات تحت الماء

ميسون آل صالح ترصد «المشرق من العظام»

ميسون آل صالح: وراء كل لوحة من لوحاتي حكاية خاصة. تصوير: أشوك فيرما

قالت الفنانة الإماراتية، ميسون آل صالح، إن لكل لوحة من لوحاتها حكاية خاصة، وقصة إنسانية، مشيرة إلى أنها تصرّ على اكتشاف العالم بطريقة مغايرة تبتعد عن التصورات المسبقة، أو تراكم الخبرات السلبية لدى كثيرين، ولذا تسعى لخوض مغامرة رسم لوحات تحت الماء عن مشاهد من أعماق البحر، مضيفة لـ«الإمارات اليوم» أن «هناك عدداً من لوحاتي تعتمد بالفعل على قصص واقعية لأشخاص كانوا على قيد الحياة وفارقوها، في إطار مواقف درامية، أو مواقف أخرى نراها حولنا، وقد استوقفتني تلك المواقف ففكرت في تناولها عن طريق الفن وطرحها على الناس كدعوة للتأمل».

وفي معرضها الأخير، «الجانب المشرق من العظام»، الذي استضافته قاعة مركز مرايا للفنون بالقصباء في الشارقة، قدمت ميسون آل صالح 10 لوحات تحمل لمحات مختلفة من الحياة في المجتمع الإماراتي، أعمال قد توحي بما يُرى في الشارع، أو في مراكز التسوق أو حتى في المنازل، وتحيل إلى نماذج بشرية تختلف في ارتداء أزياء محلية أو غربية، لكن تتحد جميعها في تكوين عظامي متشابه، ومفرغ تماماً من ملامح العرق أو الجغرافيا.

ففي لوحة بعنوان «ريجيم»، تقدم الفنانة الشابة تصوراً لفتاة توفيت بسبب محاولة الالتزام بحمية غذائية لا تناسبها، فقط لمجرد محاكاة امرأة أخرى مختلفة عنها تماماً. أما لوحة بعنوان «ماكينة الصحراء»، فتعرض هيكلاً عظمياً لجمل كانت ميسون قد قرأت في الصحف أنه نفق بسبب تناوله كمية من البلاستيك، بينما اللوحة الأكثر مرحاً فهي بعنوان «بلاك بيري»، وفيها تصور امرأة أنيقة تثرثر عبر جهاز الـ«بلاك بيري»، وتقول ميسون عن تلك اللوحة «عندما وقعت مشكلة خدمات (بلاك بيري)، حدثت بلبلة وغضب شديدين من الجمهور، فشعرت كم أصبح هذا الجهاز بمثابة إدمان مثله كمثل كثير من أشكال التكنولوجيا التي توغلت في حياة الناس».

بانوراما

برغم إسقاطات ميسون آل صالح حول الموت في حديثها عن لوحاتها، وفكرة اشتغالها على العظام، بصورة إيجابية تغاير التصورات الشائعة، فإن اللوحات تقول ما هو أبعد من ذلك، وربما ما هو أكثر قرباً للحياة منه إلى الموت، إذ تصور أكبر لوحة في المعرض وهي لوحة «البانوراما» قطاعاً عرضياً في مشهد من مشاهد الحياة اليومية، وهي لمسة فنية أقرب إلى عدسة الكاميرا منها إلى ريشة الرسم، إذ تستعرض ميسون «لقطة» من الشارع الذي تقف على جانبيه أبراج زجاجية عالية، وفي المنتصف يتوزع السائرون في خطوات منهمكة، بين نساء ورجال وصغار تتنوع ملابسهم بين زي محلي أو غربي، ولكن في الوقت نفسه تتوحد ملامحهم المختصرة في العظام فقط دون أدنى تمييز.

وعلقت آل صالح على تلك اللوحة قائلة «في (بانوراما) حاولت تقديم صورة للحياة في الإمارات، حيث امتزاج أشخاص بحكايات وثقافات مختلفة تماماً في بيئة معيشية وتفاصيل يومية واحدة»، لافتة إلى انتماء هذه اللوحة أيضاً إلى اللوحات الأخرى من حيث موضوع السمات الإنسانية المشتركة برغم اختلاف الأصول، و«كأن الحكايات الفردية للبشر تصنع لنا حكاية بانورامية أكبر وأشمل، يمكن للجميع اكتشافها بطريقة الاقتراب أو الابتعاد، (زووم إن أو زووم آوت)».

مشروع مغاير

يميز ميسون آل صالح وعيها بعلاقتها بالفن، وملامح الطريق الذي تريد أن تسلكها لتصنع لنفسها علامة فنية مميزة، تختلف عن المشروعات التشكيلية المطروحة على الساحة، إذ تقبض ميسون على أدواتها بذكاء ومهارة اكتسبتهما من بيئتها الفنية التي نشأت فيها، ومن دراسة الديكور وتصميم الغرافيك بجامعة زايد.

وتقول ميسون «منذ سن الثامنة وأنا أحاول تقليد خالتي الفنانة التشكيلية هيفاء آل صالح، إذ تعلمت منها كيفية التعامل مع الألوان، والتعبير عن أفكاري، ممتزجة بالواقع، كما تعلمت من والدي الذي يهوى التصوير، الأبعاد الأساسية في التشكيل، فضلاً عن التشجيع الدائم الذي أجده من قبل والدتي التي تهوى تصميم الأزياء»، مشيرة إلى أن أسرتها لا تمانع مطلقاً خوضها أي مغامرة فنية، أو إنجازها أفكاراً جديدة ترى فيها انعكاساً للحياة .

ومن المغامرات التي تستعد ميسون لخوضها بعد انتهاء معرضها في «مرايا»، تجربة رسم لوحات تحت الماء، تصور مشاهد الحياة في أعماق البحر، وكيفية استفادة الإنسان من هذا العالم الغامض. وتقول إنها شغوفة جداً بتنفيذ هذه المغامرة الصعبة والممتعة في الوقت نفسه، حيث تجيد الغوص لمسافات بعيدة «أملك رخصة غوص إلى قاع البحر، وتدربت على ذلك منذ صغري، لذلك أحلم بأن يكون معرضي المقبل، عن أعماق البحار وما سأكتشفه فيها».

وتمثل هذه المغامرة تجربة فريدة من نوعها في مجال الفنون التشكيلية، إذ لم ينفذها من قبل سوى مجموعة من الفنانين الماليزيين، إلا أن ميسون آل صالح ستكون أول عربية تخوض تلك المغامرة، وبصورة فردية بمصاحبة غواص محترف لتصويرها تحت الماء، وهي تستخدم أدواتها وترسم.

تويتر