Emarat Alyoum

مطر بن لاحج: المرسم لا يسرقني من حياتي

التاريخ:: 10 يناير 2017
المصدر: ديانا أيوب ـــ دبي
مطر بن لاحج: المرسم لا يسرقني من حياتي

ذكريات مطر بن لاحج مع بداية الرسم فلسفية ومختلفة عن غيره من الفنانين، فهو لا يرى في الرسم الطفولي البداية الحقيقية، وإنما يراها في النضج، حيث تم ترحيل هذه البدايات الى المرحلة التي شكّل فيها نفسه، فما كان في الطفولة هو الذاكرة التي تمت إعادة قولبتها في مرحلة النضج. هذه الفلسفة للفن، جعلت مطر بن لاحج يؤكد لـ«الإمارات اليوم»، خلال زيارة مرسمه، أن المرسم الأول الخاص به كان واسعاً، وشمل كل مكان يكون فيه، سواء في السيارة، حيث كان يحمل أدواته، وفي الزوايا التي يجلس بها، أو الرمل، والجدار والورق والخشب، فكل هذه الأماكن تحتويه، وهي مرسمه الأول، في حين أن أدواته كانت تبقى منثورة في كل مكان.

ليست للبيع

هناك مجموعة من الأعمال الموجودة في المرسم، والتي يرفض بن لاحج بيعها، باعتبارها الأعمال الأولى التي صنع من خلالها مشواره الفني، خصوصاً أنه علّم نفسه بنفسه، ومن بين هذه الأعمال لوحة «عربون المدنية» التي قدم فيها زوال التراث، حيث تم في الفترة التي رسم فيها اللوحة تهديم معالم تراثية لتشييد الأبراج، واللافت أن البرج المرسوم في اللوحة يشبه برج خليفة. وأشار الى أن العمل اليوم يحقق سعراً مميزاً، ولكنه لا يفضل بيعه، فهو يشكل علاقته الأولى بالرسم، كما أن هناك مجموعة من اللوحات التي تعد كلها الرقم واحد في المجال، ومنها الأولى في الألوان الزيتية والمائية والرصاص.

أول عمل بيع

يعود مطر بن لاحج الى العمل الأول الذي بيع له وكان عام 1991، وهو عمل يحاكي التراث الإماراتي ورسمه بالألوان المائية. ولهذا يرى أن العام 1991 هو الرقم المميز له في الرسم، وفي عالم الفن ولهذا يتعمد وضعه كعلامة في مرسمه.


1991

أسّس أول مرسم خاص به.

80 %

نجاحي أهديه لوالدي.

- «أعمل على اللوحات اللونية في مرسمي الذي يحمل اسمي، بينما أصنع الأعمال الضخمة في مصنعي الخاص».

- «أرفض أن يسرقني المرسم من حياتي الخاصة، فليس ضروريا أن يترك الفنان أموره الأساسية بحجة أنه فنان».

حين وصل بن لاحج الى مرحلة الاحتراف، بات لديه مرسم صغير في المنزل، لكنه لم يكن في غرفة ثابتة، بل كان متنقلاً، الى ان كانت البداية الحقيقية مع المرسم الذي أسسه عام 1991. وأكد بن لاحج أنه منذ تلك الفترة انتقل كثيراً بين مرسم وآخر مع تطور خبراته، ومفهومه لمعنى المرسم، وكان والده الداعم الأول له، اذ كان قيادياً بالدرجة الأولى، لهذا يعتبر أن 80% من الذي حققه يُهدى لوالده، لأنه احتضن موهبته بالشكل الصحيح، لاسيما انه في فترة سابقة قرر بيع مرسمه حين ضعف، لكن والده رفض ذلك، وطلب منه الصبر.

يزور بن لاحج المرسم يومياً، فهو يعمل في الرسم، لكنه يصف عمله بكونه مهنة، ويرى أن وظيفته الرئيسة هي أنه فنان، فهو ينتج أفكاره، ومن انتاجه يبيع ويصرف على الفن، ويشكل الفن يومياته وسهره. يبدأ بن لاحج يومه من خلال ترجمة الأفكار الخاصة به في المصنع والمرسم، فيعيش الفن كبيئة. ويرى أن على الفنان أن يتعامل مع الفن على أنه وظيفة ومصدر دخل، فمن الضروري ان ينزل الى مستوى الحرفيين، فلابد من التنسيق الوظيفي والحسابي، ولابد من وجود معلومات أولية في الحسابات، وفي كل الميادين التي تحقق الانتشار الإعلامي، وكذلك في كيفية الوصول الى الجمهور.

ينطلق صباحاً الى المرسم، دون أن تكون لديه طقوس معينة في العمل، مشيراً إلى أنه يمر مع العمل الفني بثلاث مراحل، فأولاً مرحلة التعارف مع العمل، ثم تبدأ مرحلة التجهيز، وبعدها تأتي مرحلة الاندماج الكامل. وشدد على أنه في المرحلتين الأولى والثانية، لا يحتاج الى الصفاء، بل إن المرحلة الثالثة هي التي تتطلب استدعاء الروح، بحيث يصبح العمل متحركاً أمام المشاهد وفيه تفاصيل النجاح. هذه الحالة من الاندماج يبنيها بن لاحج مع الاستماع أحياناً الى موسيقى الطبيعة، أو الموسيقى الخاصة بالتأمل، وأحياناً يستمع الى القرآن الكريم، الى جانب أنه يعمل أحياناً وهو يستمع الى أصوات تدور حوله، فيعيش تمركز الأصوات المحيطة ويستمتع بها.

يرفض بن لاحج أن يسرقه المرسم من حياته وتفاصيلها، إذ يرى أن الفنان يعيش في الحياة ولديه مسؤوليات وحياة يعيشها في الخارج، فليس من الضروري أن يترك الفنان الكثير من الأمور الأساسية في حياته بحجة أنه فنان. ويعمل بن لاحج على اللوحات اللونية في مرسمه الذي يحمل اسمه، بينما يصنع الأعمال الخاصة بالمنحوتات الضخمة في مصنع خاص به، لافتاً الى أن اللوحة عمل سلمي، بينما العمل النحتي شاق وولادته صعبة.

يستقبل بن لاحج مجموعة كبيرة من الأصدقاء في مرسمه، فالجميع يقصده في المرسم، إلى جانب من ساندهم كي يؤسسوا أعمالهم في البدايات، مشيراً الى انه في بدايته الفنية تأثر بالفنان عبدالقادر الريس، إذ كان يرى أعماله في الصحف وقتها، حيث لم يكن من فرصة لرؤية الأعمال الفنية، كما انه تأثر بالفنانة نجاة مكي، فهما وضعا في الذاكرة اللبنة الأساسية والثقة بالنفس، وكانا الداعمين الحسيين للتركيز على الذات. وشدد على انه قام بدعم المواهب الجديدة من خلال مرسمه الذي كان يفتح لاستضافة المعارض الشبابية والمواهب، وقدم هذا الدعم مدة 13 عاماً، ولكنه اليوم يترك هذا الدور للمؤسسات والهيئات، لاسيما أنه ينفق على هذه المعارض، في المقابل، يعتزم افتتاح غاليري مطر بن لاحج، وهو متحف مصغر يحتوي على أعماله وتاريخه.