رحلة اكتشاف صوته الخاص أخّرته عن الكتابة

حداد ينثر «ريحة الحبايب» في «الشـــارقة للكتاب»

أمين حداد تنقّل ما بين ذكرياته مع والده وصلاح جاهين والقصائد. الإمارات اليوم

قدره أنه ابن «مسحراتي» بصوت متفرد، دقّ على طبول الحرية ودفع الثمن، وله والد ثانٍ «أهداه رباعيات وقصاقيص والكثير»، لذا دائماً ما يتم الربط بينه وبينهما، ويتعامل مع ذلك بتصالح.. إنه الشاعر أمين فؤاد حداد الذي تنقل ما بين «ريحة الحبايب» وذكرياتهم، وقصائد تمتلك سرها، خلال لقائه جمهور معرض الشارقة الدولي للكتاب، أول من أمس، في جناح بحر الثقافة.

ذكريات شعرية

قرأ أمين حداد العديد من القصائد التي كانت بمثابة تواصل من نوع آخر مع الذكريات، إذ حضرت فيها أيضاً روح الوالد، وأحبة آخرون، وفي المقدمة هموم وطن تلون مفرداته كل أشعار أمين حداد، وكذلك حديثه. تنقل الشاعر المهندس ما بين دواوينه الأولى والأخيرة، مشيراً إلى أن لديه ديواناً تحت الطبع، لكنه لا يستطيع استحضار قصائده كاملة.

ورأى أمين حداد أن هناك أزمة في كل أطراف الثقافة «من عدم توفير منابر الإبداع، وعدم تحضير المتلقي، وكذلك في الحركة النقدية التي لا تستطيع الانتخاب من بين الكم الكبير من الكتب والإبداع، فكيف للشخص العادي أن يتخير»، لافتاً إلى أن جائزة البوكر العربية مثلاً صنعت حراكاً، إذ تشير إلى أن هذا أو ذاك مهم. ولابد من وجود حركة نقدية تضع يد القارئ على مواطن الجمال في النصوص، وتشير إلى الجيد.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/11/222787.JPG


بين الفصحى والعامية

اعترف الشاعر أمين حداد بأنه كتب بالفصحى «بينه وبين نفسه في البدايات»، معتبراً أنه لا يرى «صراعاً» بينهما كما يصور البعض، فالعامية محملة بتداعيات يومية، بينما للفصحى «جلالها». وأشار إلى أنه استطاع المزاوجة بينهما في العديد من قصائده كما في قصيدة «الأساطير حقيقية»، وهو ليس مبتدعاً في ذلك، إذ سبقته تجارب ثرية، من بينها والده فؤاد حداد، وكذلك بهاء جاهين بشكل خاص. وقرأ أكثر من قصيدة تمارس هذا المزج الذي اعتبره عفوياً.

مهمة شاقة كتابة الشعر، في حضرة تجربتي فؤاد حداد (1985)، وصلاح جاهين، لذا تأخر الابن أمين، أو ربما تردد لفترات طويلة، حتى بعد أن أنهى دراسته الجامعية، وصار مهندساً، في مطلع الثمانينات، حينها ظهرت مجموعة من الشعراء الشبان يقدمون مقترحاً جمالياً جديداً، مغايراً للنمط السائد، كان من بينهم بهاء جاهين ومحمد كشيك وجمال بخيت وأسماء أخرى، لحظتها تجاسر أمين حداد، وحرر الشاعر من سجن داخلي، معلناً أنه لن يكرر تجربة الوالد، ولا تجربة صلاح جاهين.

استدعى أمين حداد، خلال اللقاء، روح الطفل الذي فتح عينيه في عام 1958 في أحد حواري القاهرة العتيقة (الإمام الشافعي)، على مشهد الوالد المعتقل، ولم يفرج عنه إلا بعد ست سنوات، أي بعدما دخل الصبي المدرسة، وتشكّل جزء من وعيه، خصوصاً بعد حرية الأب، وأعماله الإبداعية التي كانت ملء السمع والبصر، حتى بعد أن غاب صاحبها في عام 1985. لم يتشبع أمين بتجربة فؤاد حداد فحسب، فثمة مبدع آخر استهواه ومازال يبهجه على حد قوله، وهو صلاح جاهين، إذ إن أول كتاب تأثر به أمين كان «قصاقيص ورق» الذي صدر تقريباً عام 1966.

وقال أمين حداد، إن «قصاقيص» «تتويج لفترة توهج لشاعر عظيم، إذ يوجد في الكتاب كل شيء، وليس الشعر فحسب: القصائد التي تشبه الومضة، وتوغل في طبقات النفس البشرية، فهذا الديوان سحرني؛ وأول ما كتبته في حياتي وما يبدو أنه شعر كتبته على غلاف (قصاقيص)، على منوال قصائده، بعد السحر الذي أصابني به، ولا يوجد شاعر عامية لم يتأثر بفؤاد حداد أو صلاح جاهين».

وأضاف أمين عن تجربته مع صلاح جاهين الذي رحل في عام 1986 «أخيراً أحاول أن أكتب محاولات لقصائد قصيرة؛ لكن الرباعيات التي كتبها جاهين هي المسيطرة وتقف في مساحة وحدها، وأخاف أن أقارن بهذا العمل العظيم، فأنا من المتأثرين به، ومازال يبعث لنا بالبهجة في أغنياته ورسوماته وقصائده».

وأشار صاحب دواوين «ريحة الحبايب» و«حلاوة روح»، و«بدل فاقد»، و«جزيرة الأحياء»، إلى أن خوفه من التكرار، وكذلك رحلة اكتشاف الصوت الخاص به بعيداً عن الوالد هو ما أخره في كتابة الشعر، لافتاً إلى أنه بدأ مسيرته مع الكلمة بعدما تخرج في كلية الهندسة عام 1981، مضيفاً «ما أخرني في الكتابة هو خوفي، لأنني ابن فؤاد حداد، الشاعر الكبير، وخوفي من أن أكتب شيئاً مكرراً، وما دفعني هو مجموعة من الشعراء الشاب الذين كانوا في سني حينها، وهم الآن شعراء كبار في مصر، فكتبت تقليداً لهؤلاء وليس تقليداً لوالدي، وكنت أحاول أن أجد صوتي الخاص، ولقي ذلك ترحيباً من فؤاد حداد، وصلاح جاهين، ما منحني دفعة، وجعلني أواصل المسيرة حتى الآن».

بعد أن خرجت روح الشاعر الشاب، تبدلت العلاقة بين الأب والابن، كما ذكر أمين حداد «إذ تحولت إلى الصداقة الجميلة والعميقة، نتبادل الآراء في كل شيء، في السياسة والأدب، أقرأ عليه شعري، وبالعكس». وقال «أعتقد أن دور أي شاعر كبير ليس مجرد أن يكتب، دوره مهم في احتضان المواهب الشابة، ففؤاد حداد مثلاً معي كان لديه نظرة نقدية، إذ كان يعرف النقد بأنه أن تضع يد القارئ على مواطن الجمال في النص، وحينما كنت أقرأ عليه قصيدة، كان يرشدني إلى كل شيء فيها، ليس أنا فحسب، بل شعراء آخرين من أبناء جيلي».

وأضاف أمين حداد «رحلتي في كتابة الشعر هي رحلة شارد صوفي، ورحلة التعبير عن الذات والوطن، من خلال موسيقى خاصة بي، فكل شخص منا لديه موسيقاه الخاصة به وكذلك صوته، فأنا أكتب وأبحث عن نفسي وموسيقاي داخل الشعر».

من فعاليات اليوم

-(11:00 ـ 12:00)، في ملتقى الكتاب، قراءة كتاب «حجر روز في الرمال العربية»، جمعية الصداقة الكورية ـ الإماراتية.

-(11:00 ـ 13:00)، في جناح بحر الثقافة، ثغرات الترجمة والتعريب.. احتياجات القرن الحادي والعشرين.

-(15:00 ـ 16:00)، في جناح بحر الثقافة، المقهى الثقافي (نقاش أدبي ـ ورش نقدية).

-(16:30 - 17:30)، في ملتقى الأدب، إطلاق كتاب، كي إم عباس.

-(18:00 ـ 19:00)، في ملتقى الكتاب، كتب «صنع في الإمارات»، د.لطيفة النجار، تامر سعيد، جمال الشحي، يوتا باور، إدارة د. نسيبة العزيبي.

-(18:00 ـ 19:00)، في ملتقى الأدب، خيال المنفى.. الأدب والاغتراب، د.عبدالحكيم الزبيدي، محمود التوني، زهراء المنصور، إدارة محمد ولد سالم.

-(19:15 ـ 20:15)، في ملتقى الكتاب، حكايات مرسومة.. العلاقة بين الكلمة والصورة، د.عمر عبدالعزيز، فخري صالح، جي ويلو ويلسون، إدارة محمد مهدي حميدة.

-(19:15 ـ 20:15)، في ملتقى الأدب، إيقاعات الروح.. الشعر والخيال، علي العبدان، د.علي جعفر العلاق، إدارة الهنوف محمد.

http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/11/26151_EY_15-11-2014_p24-p25-1.jpg

تويتر