معرض للسعودية لولوة الحمود في «آرت سبيس غاليري»

9x9.. جمال الحسابات والحروف

صورة

تقوم أعمال الفنانة السعودية لولوة الحمود، التي قدمتها في معرضها الذي افتتح، أخيرا، في «آرت سبيس غاليري» في دبي، على فكرة التحول والجمع بين الحسابات والحروف والجمال، حيث تبتكر ـــ من خلال التركيب المتكرر للأرقام ـــ بعض الكلمات والنصوص القصيرة. تمتزج في أعمال الحمود جماليات الأرقام مع اللغة، التي ليست يسيرة القراءة في الكثير من اللوحات، لتجمع الفنانة من خلال هذه الأعمال العلوم مع الجوانب الروحية والانسانية. وانقسمت الأعمال في معرضها، الذي حمل عنوان 9x9 إلى قسمين، الأول يقوم على الأسود المطبوع على خلفية شفافة، والثاني يقوم على تأرجح الألوان بين الصخب والهدوء.

لعل فكرة التحول في الرؤية، هي أهم ما تطمح الحمود إلى إبرازه من خلال أعمالها، فتبني اللوحة عبر تركيب متشابك، يحتاج إلى الكثير من الدقة والمهارة، فهي تنسج ما يشبه شبكة عنكبوتية من خلال الأسود المتكرر. أما المربع فهو الشكل الأبرز الذي تعتمد عليه في هذه الشبكات، حيث تقوم معظم أعمالها عليه، وفق أسلوب تتقاطع فيه الزوايا الحادة بشكل متداخل. هذا التناغم بين الأشكال الهندسية والحروف العربية تكرسه الحمود لتقدم إرث الفنون الإسلامية، فتبدو أعمالها شديدة الروحانية، لاسيما أنها تعتمد على النصوص القرآنية، أو لفظ الجلالة الذي لا يغيب عن لوحاتها. تكسر الحمود حدود المألوف، من خلال أسلوبها الذي يقوم على الكثير من الخلفيات المطبوعة على الحرير، وتأخذ تقنيات الفن إلى أبعد حدودها، لتبني من خلال ذلك منهجا حديثا في عالم الحروف. تغوص في أعماق اللغة لتجعل المتلقي يتأمل الحروف ويتوغل في أعماقها، فالنصوص ليست معدة للتناول السريع، بل للتمعن بها كثيرا وإعادة تأويلها. تحاول الحمود أن تبرز من خلال الحروف والنصوص المعاني المتراكمة للكلمات، فالطبقات ليست إلا دلالات متعددة لكلمات تستخدم منذ وجود البشرية، وباتت قليلة الدهشة. هذا الأسلوب الذي تطرح به أعمالها يجعل لوحاتها تقوم بشكل أساسي على التعقيد السلس. وتطرح الحمود من خلال اللوحات مجموعة من الأسئلة، التي تقوم على ماهية الكون والوجود والطبيعة وأصل الإنسان، فالتوغل في النصوص والروحانية العالية التي تحملها اللوحات يجعلها أكثر اتجاها نحو التأمل في الوجود، وفي أصل الأشياء وجوهرها.

أما الألوان التي تستخدمها الحمود في لوحاتها، فهي مشتقة من روحية العمل والفكرة، فتارة تعتمد على الأسود المطبوع على الأبيض أو الخلفية الشفافة، ثم تعود لتبتكر بلوحات أخرى مساحات مشبعة بالتمازج اللوني، الذي تنسجم فيه مشتقات الأصفر مع الأحمر والبرتقالي. والجدير ذكره أن الحروف في اللوحات الغنية بالألوان تبدو أكثر سهولة في القراءة من اللوحات الأخرى، كما أنها أكثر ميلا لإبراز الجانب الروحاني من خلال الألوان.

وقالت الحمود عن معرضها «اعتمدت على الطباعة وأميل إلى هذه التقنية، لأنني من خلالها أستطيع أن أبني الكثير من الطبقات، وبالتالي الكثير من الدلالات». ولفتت إلى أن الموضوعات التي تطرحها تمزج بين القوانين الهندسية للخلق والابتكار، لهذا تذهب إلى أعماق الأمور وما هو خفي. وأكدت الحمود أن الأعمال تعتمد على الخداع البصري، وتحث المرء على رؤية المشاهد بأبعاد متعددة. أما اعتمادها على المعاني الروحانية، فبالنسبة إليها يعود إلى كونها ليست سجينة موقف معين، بل إنها تقوم بأعمال مفتوحة المجال وخارج نطاقي الزمان والمكان. أما الكلام الذي لا يقرأ بسهولة، فلفتت الحمود إلى أنه يبقى عالقاً في فكر الناس، لهذا تطرح من خلاله ما يمكن أن يؤثر فيهم.

اختيار الاسم للمعرض جاء نتيجة اعتماد الحمود على المربع، الذي يكون طول أضلاعه تسعة سنتيمترات. إلى جانب ذلك، أكدت الحمود أن الرقم 9 يعد إعجازاً في جدول الضرب، لأن جمع ناتج أي رقم يضرب في تسعة ستكون نتيجته تسعة أيضا، لهذا أحبت ان يكون عنوان معرضها. ونوهت الحمود بأن تركها لرسم الوجوه والطبيعة واتجاهها إلى هذا النمط، أتي بعد دراستها في الخارج، كما أن القراءات الكثيرة جعلتها تبسط في التكوين، لأن العمق والفلسفة يجعلان الفنان أكثر تبسيطا واختزالا لمفرداته، فهو يكثف اللوحة. أما حياة الفنانة في لندن، فقد أثرت فيها بشكل إيجابي، حيث جعلتها تتعمق في إرثها وتعود إلى جذور الحضارة العربية والإسلامية، وتضيف إليها من الوسائل التي تعلمتها ومن مكتسبات الفن.

 http://media.emaratalyoum.com/images/polopoly-inline-images/2014/01/10529_EY_12-01-2014_p26.jpg

تويتر