موقع إلكتروني باسمه في الذكرى الأولى لرحيله

أحمد راشد ثانـي.. سيرة مشجّـرة بالقصائد

أحمد راشد ثاني ودّع الحياة بعدما أبدع أكثر من ‬17 كتاباً بين الشعر والمسرح والدراسات التراثية. تصوير: تشاندرا بالان

تصادف اليوم الذكرى الأولى لرحيل الشاعر أحمد راشد ثاني، الذي رحل مبكراً، تاركاً إرثاً أدبياً كبيراً، في الشعر والمسرح والبحوث التراثية. ففي مثل هذا اليوم من العام الماضي، رحل ابن خورفكان، عاشق البحر، بعد سيرة طويلة مشجّرة بالقصائد، رحل بعد مسيرة من الكتابة والوعي الجارح، والحياة التي لم تتوقف عن ابتكار البهجة، حتى من حجر الليل.

اليوم تستذكر الساحة الثقافة الشاعر الراحل، الذي كان يقول دائماً إن «الموت لا يكف أبداً عن العمل»، وكان يواصل إبداعه، كما لو أنه في سباق مع الموت، إذ أكمل مخطوطة روايته «عوشانة»، لكن الموت لم يمهله لكي يراها خارجة من المطبعة، ويثبت نظارته ليدقق في غلافها، ويبتسم ثم يمضي إلى كتاب جديد وحياة متجددة.

هذه المرة، في ‬20 فبراير ‬2012 توقف حبر الشاعر، ولم يعد بالإمكان سماع ضحكته بين الأصدقاء، وهو يروي قصة عن شخص صادفه في ممر أو مصعد، أو بحر ارتشف معه قهوة الصباح على جبل في خورفكان. تلك مدينته، تلك صورتها القروية التي ظلت في ذاكرته، وظل يلهج بحبها منذ «سبع قصائد من أحمد راشد ثاني إلى أمه التي لا تعرفه»، حتى «عوشانة» التي كانت حبره الأخير. وكان بين المجموعة الشعرية الأولى وبين الرواية الأولى والأخيرة، سيرة مكتظة بالإبداع والتنقل في الجغرافيا والمشاركات في المهرجانات العربية والأجنبية.

كان رحيل أحمد راشد فاجعة لدى أصدقائه الذين عرفوه عن قرب، ولدى محبيه وعشاق الشعر في الإمارات وعموم الوطن العربي.

أحمد راشد ثاني كان يرى الموت، لكنه يتوارى عنه بالكتابة، لكنه يطل من الكتابة أيضاً. يقول أحمد في إحدى قصائده:

 

أدلُّهم على طريق لم أَدخُلْهُ؟

كان يكفي البابُ.

ولم أطرقْ أبداً إلا كَيْ أهربَ؟

وكأن هذا البيتَ قبرِي.

وفي الذكرى الأولى لرحيل أحمد راشد ثاني، بدأ البث التجريبي لموقع يحمل اسمه، متضمناً نبذة عن سيرته الإبداعية، ومقتطفات من كتاباته، وشهادات لأدباء كتبوا عن الشاعر قبل رحيله وبعده، إضافة إلى صور للراحل تكشف عن مراحل من حياته.

يقول أحمد في قصيدة له، يذكر فيها القبر كثيراً، كما لو زنه يرى في ظله:

 

قبرُكَ قربَ البحرِ

الموجةُ التي في قبركَ

سقطتْ من السماء

الجبلُ سقى قبرَكَ بالظَّل

والشجرةُ التي استدارتْ على الكفنِ

كنتَ عائماً في خيالِ البئرِ

كنتَ من ماءِ البدوي

وعشبِ الجزيرة.

 

كثير من الأدباء كتبوا عن الراحل، الذي ولد في حي المديفي في خورفكان، وكتب أكثر من ‬17 كتاباً بين الشعر والمسرح والبحوث والدراسات التراثية وكتب الشاعر عباس بيضون: «أحمد راشد ثاني لا يفاجئنا خبر وفاته، فهذا الشاعر الذي جعل من الشعر لحظة تفانٍ وإفناء، وجعل منه سيرة حياة تبقى دائماً في معادلة الموت، وجعل منه استنزافاً للوجود تكاد كل لحظة فيه أن تكون ملاعبة للغز وملاعبة للنهاية، كان أحمد راشد ثاني من هؤلاء الذين يحملون الوجود والعدم في كفّتين متوازيتين، ومن الذين من فرْط إصغائهم للوجود تحوَّلت حياتهم إلى نشوات إلى الأعلى وخيبات إلى الأدنى، وليس بين الأعلى والأدنى سوى أجسادهم الشبحية».

وكتب الشاعر عبده وازن: «مات الشاعر أحمد راشد ثاني على الحافة مثلما عاش أعوامه كلّها على الحافة، غير آبه للأخطار التي طالما أحدقت به، إنها حافة الوجود التي تطلّ على الحياة من جهة، وعلى الموت من جهة أخرى، الحافة التي تفصل بين البحر والجبل أو الصحراء في بلدته خورفكان».

يقول أحمد راشد في أحد نصوصه: «من الأرض فتُصبح بلا قبور، تنمو الأشجار وتكبرُ وتلتهم الحيوانات والحيوانات تلتهم البشر، والبشر يلتهمون الأرض، نجمٌ ما يرفعُ الأرضَ، ويُطلقني».

تويتر