Emarat Alyoum

«فلات لاينرز» يموت على طاولة الإنعاش

التاريخ:: 01 أكتوبر 2017
المصدر: عرض: عبدالله القمزي
«فلات لاينرز» يموت على طاولة الإنعاش

فيلم Flatliners أو «خط فاصل» أو «إيقاف قلب»، حسب الترجمة الظاهرة في الفيلم، يدور حول مجموعة من طلبة الطب ينفذون تجربة غريبة لاستكشاف ما بعد الحياة، وهو موضوع حيّر البشرية منذ الأزل، وطرح أسئلة غيبية، مثل ماذا يحدث للإنسان بعد أن يموت؟ أين نذهب؟

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.


«نجمة» النسخة الأصلية

أسباب النجاح التجاري للنسخة الأصلية من «خط فاصل»، تقف وراءها نجومية جوليا روبيرتس، التي كانت قد انتهت من فيلمها الشهير الذي أطلق نجوميتها «امرأة جميلة» 1990، وتهافت الناس في ذلك الوقت على السينما لمشاهدة النجمة الجديدة التي وقعت في حب بطل الفيلم كيفر سذرلاند أثناء التصوير، وتركته قبل زواجهما بأيام، وهو النجاح الأول لشركة كولومبيا، بعد أن اشترتها سوني من كوكاكولا.

1990

العام الذي طرحت فيه النسخة الأصلية من «خط فاصل»، ببطولة نخبة من نجوم الثمانينات والتسعينات.

السؤال أجابته الأديان السماوية، والمتفق عليه في كل المعتقدات أن هناك نعيماً للمؤمنين وجحيماً للمجرمين، لكن حسب الفيلم فإن إجابة الدين لا تكفي لدخول التاريخ بتجربة علمية.

هذه إعادة من فيلم سابق بالعنوان نفسه طرح عام 1990 من بطولة نخبة من نجوم الثمانينات والتسعينات، مثل كيفر سذرلاند وجوليا روبيرتس وأوليفر بلات وويليام بولدوين وكيفن بيكن، وإخراج الأميركي المخضرم جويل شوماخر.

طالبة الطب كورتني (الكندية إلين بيج) متحمّسة لمعرفة ما يحدث بعد الموت، فتقرر تنفيذ تجربة بمعاونة زملائها، فتستدعي راي (المكسيكي دييغو لونا)، ومارلو (الكندية نينا دوبريف - من مسلسل مذكرات مصاصي الدماء)، وجيمي (البريطاني جيمس نورتون) وصوفيا (كيرسي كليمنز - من فيلم Dope)، للتسلل إلى قبو المستشفى الذي يتدربون فيه للمشاركة في تلك التجربة التي تشبه - إلى حد كبير - معاونة شخص على الانتحار، إذ تتطلب حقن مواد في الشخص إلى أن يتوقف قلبه، وبعد أربع دقائق إنعاشه وإعادته إلى الحياة قبل توقف المخ عن العمل.

وهكذا واحداً تلو الآخر يخوض أعضاء المجموعة التجربة بإيقاف قلب كل واحد منهم دقيقتين أو ثلاثاً، يتمكنون خلالها من أخذ لمحة من الجانب الآخر ثم العودة إلى الحياة.

تكتشف المجموعة أن التجربة لها تأثير في العقل كأنها عقار مخدر، إذ وسعت مدارك كورتني، وجعلتها قادرة على تذكر تفاصيل دقيقة من حياتها، وأصبحت قادرة على عزف البيانو بشكل محترف كما كانت في الماضي، إضافة إلى هلوسة وكوابيس، وكان لها أثر مختلف على جيمي الذي أصبح يرى شبح صديقة الماضي يتراءى له. وهكذا دواليك، باستثناء راي الذي يرفض المشاركة في التجربة، ويكتفي بالمراقبة والمساعدة على الإنعاش.

اكتشاف

فكرة اكتشاف ما بعد الموت جميلة جداً في فيلم سينمائي، لكنها حتماً ليست كذلك في هذا الفيلم الغبي. ونكاد نجزم بأن هذا الفيلم سيكون أجمل بكثير لو صنع في الحقبة الصامتة، وهي التي شهدت استعراض أفكار غاية في الغرابة، كانت كلها عبارة عن تمارين في التصوير والمونتاج والمؤثرات الخاصة البدائية.

مخرج الفيلم الدانماركي نيلز آردن أوبليف (أخرج الفيلم السويدي الشهير الفتاة ذات وشم التنين)، يبدو لامبالياً بالمشروع الذي بين يديه، ليست هناك رؤية إخراجية، ولا اتجاه واضح يسلكه الفيلم، الشيء الوحيد الذي يريد أن يتميز به هو محاولته التزام الواقعية (بجعل شخصياته طلبة طب)، وملء حواراته بمصطلحات طبية، واستبعاد عنصر الخيال من القصة، أي لا توجد آلة معينة تنقل الشخص إلى ما بعد الموت وتعيده، وليست هناك مشاهد مصورة في «الجنة» مثلاً بعد موت الشخصية، على غرار فيلم What Dreams May Come «كيف تتشكل الأحلام» عام 1998 للنيوزيلندي فنسنت وورد.

اتجاه رخيص

الاتجاه الذي يسلكه أوبليف هو الأرخص، والأقل إبداعاً، وهو تحويل الهلوسات ورؤى الشخصيات إلى أفكار وكوابيس ظلامية، كلها مستعارة من أفلام رعب الـ20 عاماً الأخيرة، مثل سلسلة أفلام Scream «الصرخة» و«أعلم ما فعلته الصيف الماضي».

رؤى الشخصيات ليست حتى مميزة، مجرد شوارع خالية ومضاءة بنيون، وأماكن عادية لا تبرر خوض التجربة. عزف كورتني على البيانو لا يتطلب عبقرية بيتهوفن مثلاً، الذي ألّف السيمفونية التاسعة (أعظم أعماله) وهو أصم، فهي كانت تعزف في الماضي ونسيت، ولا تسترجع مهارة العزف بعد أن تفقد يدها مثلاً.

مشاهدة التجربة وهي تنفذ مرعبة (يتطلب إيقاف قلب شخص ورغم تكرارها ثلاث أو أربع مرات بالسيناريو نفسه الذي حمل مخاطر موت الشخص) لا تتماشى نهائياً مع حماسة المشاركين فيها، وتنافسهم لخوضها. جيمي شاهد كيف كادت كورتني أن تموت، ومع ذلك طلب المشاركة، مارلو شاهدت الحالة الهستيرية التي يمر بها المسعفون وصراخهم وتوترهم، ورغم ذلك تطلب المشاركة.. نقول كفى هراء.

شخصيات متهورة

غباء هذا الفيلم لا يعني بالضرورة أن الأصلي كان أفضل، فذلك كان تعيساً أيضاً، وما ميّزه كان أسلوب التصوير وفنيات الإضاءة، وهي من صنع البارع جان دي بونت (مصور أفلام شهيرة مثل داي هارد ومخرج فيلم سرعة عام 1994). العنصر المشترك بين الفيلمين وجود الممثل كيفر سذرلاند في دور بسيط هنا.

ربما يكون لدينا فيلم أفضل، لو أن أوبليف رسم عالماً موازياً لعالم شخصياته، تدخله وتتوه فيه وتدفع ثمن اقتحامها ذلك العالم، كما حدث في أفلام كثيرة جداً، مثل Coherence «ترابط منطقي» أو «مثلث» أو «إنسبشن». والغريب أن كاتب الفيلم بين ريبلي كتب فيلم «سورس كود»، وهو فيلم جيد شبيه بهذه الأفلام المذكورة. نتساءل: لماذا علينا الاهتمام بشخصيات متهورة من أجل تجربة تافهة؟ ليس هناك جانب علمي واحد في مسألة تجربة طالبة طب إيقاف قلبها لرؤية ما بعد الموت. لا يوجد سبب واحد قوي لتبرير محاولة انتحارها من أجل رؤية الموت. أين فكرة رؤية الموت في الهلوسة والأشباح ورؤية الماضي والندم عليه؟ ليس هناك أي رابط. أغبى نقطة في هذا الفيلم أن شخصياته تريد رؤية العالم الغيبي، لكنها لا ترى سوى الماضي في شكل هلوسة. مقارنة بسيطة، في فيلم «برايمر» عام 2004 يخترع مهندس آلة لا يعرف ما تفعل، ثم يكتشف أنها آلة زمنية، وعندما يجربها يصاب بالإدمان، ويستمر في العبث بها حتى تختلط عليه الخطوط الزمنية، ويضع نفسه خطأ في مستقبل لا يفهم ما يجري فيه، رغم أنه بعد ثلاثة أسابيع فقط من الخط الزمني الأصلي، ويرى نتائج أفعاله دون أن يفهم لماذا ارتكبها. «برايمر» الذي يعتبر من أشد الأفلام تعقيداً في تاريخ السينما، فيلم ذكي ومرعب في الوقت نفسع، يضع المشاهد والشخصية معاً في وضع المجرب والمراقب، يضع السؤال ويترك للمشاهد محاولة الإجابة عنه.

فيلم «خط فاصل» 2017 فيلم ميت لحظة وصوله، وحلقة جديدة في مسلسل إخفاقات هوليوود في صنع إعادات من أفلام سابقة سيئة ومنسية أصلاً، وهو فيلم غير ضروري وتافه ومليء بالكليشيهات ولحظات الفزع المستهلكة والمكررة من أفلام أخرى، ولا يستحق دقيقة واحدة من وقتكم الثمين.