اقتصاديان يدعوان إلى إنشاء هيئة مستقلة لحماية المستثمرين وحل مشكلاتهم.. و«التجارة الخارجية» تؤكّد:

صعوبات تواجه بناء قاعدة معلومات للاستثمــارات الإماراتية بالخارج

«التجارة الخارجية» أشارت إلى عدم تعاون كبرى الشركات في تزويدها بالمعلومات حول استثماراتها الخارجية. تصوير: إريك أرازاس

قالت وزارة التجارة الخارجية إن مشروع إقامة أول قاعدة بيانات موثقة عن الاستثمارات الإماراتية في الخارج، يواجه صعوبات عدة تعرقل الانتهاء منه قريباً، أبرزها تحديد آليات جمع المعلومات الدقيقة والموثقة عن هذه الاستثمارات وحجمها وقيمها، فضلاً عن عدم تعاون بعض المستثمرين الذين يرون أن المعلومات الخاصة باستثماراتهم في الخارج سرية ولا يمكن إفشاؤها لأي جهة.

واعتبر رجال أعمال وباحثون اقتصاديون، أن هناك أهمية قصوى لإنجاز قاعدة معلومات دقيقة للاستثمارات الإماراتية في الخارج، خصوصاً في هذا التوقيت، إذ تواجه بعض الشركات الإماراتية في الخارج صعوبات نتيجة التغييرات السياسية والاقتصادية التي تشهدها مناطق عدة تتركز فيها الاستثمارات الإماراتية، مثل الشرق الأوسط وأوروبا.

ودعوا إلى إنشاء مركز متخصص لخدمة المستثمرين المواطنين، أو إنشاء هيئة مستقلة للاستثمار الداخلي والخارجي، تكون مسؤولة عن توفير الحماية للمستثمرين الإماراتيين في الداخل والخارج، وتعمل على تنمية هذه الاستثمارات، وتتولى حل المشكلات التي قد تواجههم.

وكانت وزارة التجارة الخارجية بدأت منذ أكثر من أربعة أعوام، مشروع تكوين قاعدة للاستثمارات الإماراتية في الخارج، إلا أنها لاتزال تواجه صعوبات حالت دون إتمامها إلى اليوم.

آليات مناسبة

وتفصيلاً، قال وكيل وزارة التجارة الخارجية، عبدالله آل صالح، لـ«الإمارات اليوم»، إن «المشكلة الرئيسة التي تعوق استكمال أول قاعدة موثقة للاستثمارات الإماراتية في الخارج، تتمثل في إيجاد الآليات المناسبة لجمع معلومات دقيقة وموثقة عن هذه الاستثمارات»، مشيراً إلى أن «الوزارة تسعى في الوقت الراهن إلى إيجاد أكثر الآليات فاعلية لجمع هذه المعلومات، بهدف تكوين بيانات حديثة ودقيقة عن حجم هذه الاستثمارات وقيمتها، والدول التي تتركز بها».

وأوضح أن «هذا المشروع يأتي انطلاقاً من دور وزارة التجارة الخارجية المتعلق بحماية المصالح التجارية والاقتصادية للإمارات في الخارج، من خلال معرفة أهم المعوقات والمشكلات والصعوبات التي تواجه المستثمرين الإماراتيين، ومتابعتها مع الجهات المختصة في الدول الأخرى المعنية، وتذليلها وحلها بالطرق المناسبة، بالتعاون مع الجهات المختصة بالدولة».

ولفت إلى أن «وزارة التجارة الخارجية تسعى إلى تعزيز التعاون مع الجهات الرسمية في الدول التي توجد فيها الاستثمارات الإماراتية، للمساعدة في تقليل المعوقات التي تكتنفها والحد منها، نظراً لأهمية هذه الاستثمارات في تنمية الاقتصاد الوطني، وقدرتها على دفع النمو، ومساعدتها في إعداد برامج وخطط التنمية وإعداد المؤشرات الاقتصادية التي تبرز المستوى الحقيقي للتقدم».

يشار إلى أن بناء قاعدة البيانات يتم من خلال إجراء مسح شامل عبر مراسلة سفارات الدولة بالخارج وكبرى الشركات بالداخل باستبانة، تحت مسمى «الاستثمارات الإماراتية في الخارج والمعوقات التي تواجهها».

تعدّد الأساليب

من جانبه، قال مصدر رفيع المستوى في وزارة التجارة الخارجية، لـ«الإمارات اليوم»، إن «الوزارة لجأت إلى أساليب عدة، لجمع معلومات عن الاستثمارات الإماراتية في الخارج، إلا أنها لم تنجح حتى الآن».

وأضاف أنه «من بين هذه الأساليب طلب معلومات عن المستثمرين الإماراتيين في الخارج من سفارات الدولة المنتشرة في مختلف دول العالم، إلا أنها لم تجد معلومات كافية عند هذه السفارات، كما طلبت الوزارة معلومات من أكبر 100 شركة في الدولة، تتوقع أن تكون لديها استثمارات في الخارج، إلا أنها لم تجد تعاوناً كافياً في ضوء أن بعض الشركات تعتبر أن هذه المعلومات سرية ولا يمكن الكشف عنها».

وأوضح المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن «الوزارة تدرس حالياً أساليب أخرى مثل الاعتماد على مقاييس دولية وضعها صندوق النقد الدولي، تعتمد على قياس دخول استثمارات في دولة ما وخروج الاستثمارات من دولة أخرى».

وذكر أنه «من بين الخيارات المطروحة في هذا الصدد، إقامة شراكة مع المصرف المركزي، باعتباره يقيس التعاملات الخاصة بالاستثمارات الأجنبية، ما يسهل مهمة بناء هذه القاعدة».

ضرورة ملحّة

من جهته، قال رجل الأعمال، عضو غرفة الصناعة والتجارة في أبوظبي، عمير بن عرار الظاهري، إن «الإسراع ببناء قاعدة للاستثمارات الإماراتية في الخارج يعد ضرورة ملحة وعاجلة، لحل المشكلات التي تواجه المستثمرين الإماراتيين في الخارج، خصوصاً أن الكثير من الشركات الإماراتية أصبحت تواجه مشكلات اقتصادية عدة، في ضوء تنامي عدد الشركات الإماراتية التي تستثمر في أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط، بصفة خاصة، والظروف الصعبة التي تمر بها هذه المناطق حالياً في ضوء التغييرات الاقتصادية والسياسية في تلك البلدان».

وأضاف الظاهري أن «المشكلات الاقتصادية والمالية، التي تواجه الشركات الإماراتية تتنوع باختلاف المناطق، ما يصعب التنبؤ بها وتقديم الحلول لها من دون وجود هذه القاعدة».

وتابع أن «هناك ضرورة لرفع الوعي لدى الشركات، بأهمية إعطاء بيانات صحيحة للوزارة، خصوصاً أن هذه المعلومات ستكون سرية ولن يطلع عليها المنافسون»، موضحاً أنه «قد تكون الشركة ليست بحاجة إلى مساعدة الآن، لكن قد تتغير الظروف مستقبلاً وتتعرض لمشكلات، وعندها ستكون بحاجة إلى مساعدة حكومية عاجلة للتغلب عليها».

ولفت إلى أن «غرف التجارة والصناعة في الدول التي تنتشر بها الاستثمارات الإماراتية، تعد مصدراً رئيساً للمعلومات عن الدول والشركات المستثمرة بها، إذا تعذر الحصول عليها من جهات أخرى».

سياسة الاستثمار

من جانبه، أكد الباحث الاقتصادي، رياض خليل مطر، أن «بناء قاعدة معلومات متكاملة للاستثمارات الإماراتية في الخارج يعداً أمراً عاجلاً، من أجل رسم سياسة الاستثمار الخارجي للدولة، وتشجيع وحماية الاستثمارات الإماراتية في الخارج».

وأضاف أن «هناك الكثير من الأفراد والمؤسسات، الذين يستثمرون في الخارج ويتعرضون لمشكلات وعمليات ابتزاز أو تحايل في العديد من الدول، ولا يقدم لهم الدعم المطلوب لا من سفارات الدولة في الخارج، أو حتى من الوزارات المعنية، أنظراً لعدم وجود أجهزة وكفاءات اقتصادية توجه المستثمرين في سفارات الإمارات في الخارج التوجيه الصحيح».

ولفت إلى أن «إنشاء قاعدة بيانات للاستثمار الإماراتي في الخارج، يعني تحديد أهمية وماهية هذه الاستثمارات، وأن يكون هناك مجال للتفاوض والحوار مع تلك الدول، على المستوى السياسي والتجاري لمصلحة تنمية هذه الاستثمارات». وأفاد بأن «الطريقة المثلى لجمع المعلومات، تكون من خلال هيئات الاستثمار في تلك الدول، إلى جانب إنشاء مركز متخصص لخدمة المستثمرين المواطنين، أي إنشاء هيئة للاستثمار الداخلي والخارجي»، مشيراً إلى أن «آلية جمع معلومات من السفارات لن تنجح، لأن السفارات لا تتوافر بها هذه المعلومات».

وأكد مطر أن «البيانات الحالية التي يوفرها صندوق النقد الدولي بشأن الاستثمار الأجنبي تعد مهمة ومفيدة، ويجب الاعتماد عليها جزئياً في تكوين قاعدة بيانات موثقة عن الاستثمارات الإماراتية في الخارج، إلى جانب متابعة ملء الاستمارات الحالية، بشرط أن يكون للوزارة دور فاعل في دعم وحماية الاستثمارات الوطنية، وعدم الاكتفاء بإنشاء قاعدة البيانات، لأن ذلك يتطلب تحديثاً مستمراً، وهو ما سيكون صعباً في حال لم توفر الوزارة الدعم اللازم للمستثمرين»،ألافتاً إلى أن أجهزة حكومية أخرى واجهت مشكلات وصعوبات عدة، من قبل، في بناء قاعدة الاستثمار الأجنبي في الدولة.

تويتر