الإمارات تحتاج إلى 1000 إحصائي يتوافر منهم 70 فقط

«الإحصاء»: غياب التمويل يلغي تعداد السـكان في 2010

خبراء يحذّرون من غياب قاعدة بيانات موحّدة وموثّقة في الدولة. تصوير: تشاندرا بالان

كشف المركز الوطني للإحصاء في الدولة أمس، عن إلغاء التعداد العام للسكان في الإمارات، والذي كان من المقرر إجراؤه في عام ،2010 لعدم وجود ميزانية لتمويله، لتصبح الإمارات بذلك الدولة الخليجية الوحيدة التي تخلفت عن اتفاق خليجي خاص بإجراء التعداد السكاني بصورة جماعية.

وكان من المقرر تنفيذ التعداد السكاني في سبتمبر ،2010 بعد تنفيذ تجربة قبلية مصغرة في ابريل الماضي، إذ تم الاتفاق على نشر 10 آلاف خبير ومحلل متخصص في جمع البيانات، لجمع الاستبيانات وإحصاء السكان، فيما قدرت مصادر في وزارة الاقتصاد كلفة التعداد بنحو 65 مليون درهم.

وحذر مسؤولو مراكز إحصائية في الدولة، خلال ندوة عقدها المركز الثقافي الإعلامي لسمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، بعنوان «نحو قاعدة معلومات موثقة في الدولة»، من عدم وجود قاعدة معلومات مركزية موحدة وموثقة على مستوى الإمارات، ومن نقص شديد في الموارد البشرية والمالية، خصوصاً في مراكز في الإمارات الشمالية، لافتين إلى حاجة الدولة إلى 1000 إحصائي، يتوافر منهم حالياً 70 إحصائياً فقط.

وقالوا إن قطاعات أساسية في الدولة، مثل السكان، وسوق العمل، تفتقر إلى قواعد معلومات موثقة، تتيح لصانعي القرار اتخاذ القرارات المناسبة.

إلغاء التعداد العام

أسباب غياب قاعدة بيانات موحّدة

قال المدير التنفيذي للسجل السكاني في هيئة الإمارات للهوية، محمد مسعود المزروعي، إن «(الهيئة) سترتبط مع الطب الوقائي خلال العام الجاري»، مشيراً إلى أن أكثر من 800 ألف مواطن سجلوا في «الهوية»، في حين لايزال 100 ألف آخرون غير مسجلين.

وأكد عدم وجود قاعدة بيانات موحدة، لأسباب عدة، منها، عدم وجود منظومة الهوية، وبالتالي عدم وجود رقم هوية تتم من خلاله معاملات الأفراد، وعدم استخدام رقم «الهوية» في تنظيم المعاملات، وعدم وجود بطاقة هوية لإتمام الإجراءات، إضافة إلى عدم تحديث الوقائع المدنية، مثل الزواج والولادة من خلال مراكز الهوية.

وأوضح أن «السجل السكاني المقرر تنفيذه في إطار برنامج الهوية، سيسهم بشكل كبير في وضع قاعدة بيانات سكانية موثوقة ودقيقة، ستسهم بدورها في توفير الربط بين قواعد البيانات في الدولة».

وتفصيلاً، قال مدير إدارة العمل الميداني في المركز الوطني للإحصاء في الدولة، ماجد سلطان آل علي، إنه «تم إلغاء إجراء التعداد العام للسكان في الدولة، في عام ،2010 كما كان مقرراً، لعدم وجود موازنة مخصصة لتمويله، على الرغم من أهميته القصوى في توفير معلومات مهمة يستند إليها صناع القرار في رسم السياسات اللازمة».

وأضاف أن «الإمارات أصبحت، نتيجة ذلك، الدولة الخليجية الوحيدة التي تخلفت عن تنفيذ التعداد السكاني، على الرغم من اتفاق الدول الخليجية على إجرائه بصورة جماعية خليجية».

وأكد وجود حاجة ملحة إلى إصدار بيانات حول التركيبة السكانية، والعمالة، وسوق العمل، والتضخم، والفقر، والأزمات الغذائية، والتنمية المتوازنة، ومسح المناطق النائية»، لافتاً إلى أن المركز بدأ خطة متكاملة بالتعاون مع مراكز إحصائية في الدولة، لنشر سلسلة من الإحصاءات المهمة، مثل التجارة الخارجية، والأسعار القياسية، والاستثمار بشكل ربع سنوي.

وأوضح أنه «تم تشكيل لجان اقتصادية واجتماعية وبيئية، فيها ممثلون عن الأجهزة الإحصائية، لتحديد أولويات المعلومات الإحصائية المطلوبة خلال الفترة المقبلة»، مؤكداً أن مجلس الوزراء وجه بإقامة وحدة معنية بالتحليل الاحصائي في الهيكل التنظيمي للمركز الوطني للإحصاء وفي مختلف المؤسسات الحكومية.

وأفاد بأنه تم تحديد 17 معياراً إحصائياً إقليمياً ودولياً، يتم العمل على أساسها لإنهاء حالة التخبط والتضارب في البيانات، مشيراً إلى وجود قواعد بيانات لدى مختلف الجهات، من دون أن يكون هناك رابط نهائي يجمع هذه المعلومات في قاعدة موحدة.

سكان دبي

من جانبه، قال مدير إدارة تقنية المعلومات في مركز دبي للإحصاء، أحمد على الدشني، إنه «تم ربط مركز إحصاء دبي مع 13 جهة حكومية، للتعرف إلى المعلومات الخاصة بهذه الجهات، أهمها هيئة الطرق والمواصلات، ومؤسسة اتصالات، وهيئة الصحة، وهيئة كهرباء ومياه دبي، وسوق دبي المالي، ودائرة الأراضي والأملاك، ودائرة التنمية الاقتصادية والبلدية، وشؤون الأجانب»، مقراً بأن قواعد البيانات الموجودة في الدولة غير متاحة أمام شرائح المجتمع بشكل شفاف.

ولفت إلى وجود لجنة من الوحدات الإحصائية في دبي، تجتمع شهرياً للتنسيق بين الدوائر، وتوحيد المفاهيم الاحصائية لمنع التضارب في البيانات الاحصائية.

وأكد أن البيانات المتوافرة لدى المركز تشير إلى أن من المتوقع أن يصل عدد سكان دبى إلى نحو 2.05 مليون نسمة، العام الجاري، مقابل1.665 مليون نسمة في عام ،2010 فضلاً عن 887 ألفاً يقيمون في دبي إقامة غير دائمة.

بدورها، قالت مديرة إدارة الإحصاء في المجلس التنفيذي لعجمان، الدكتورة ياسمين جودي، إن «هناك معوقات أمام بناء قاعدة معلومات موثقة على مستوى الدولة، من أهمها عدم وجود انسجام أو تناغم بين الدوائر المنتجة للبيانات الإحصائية، للخروج بأرقام موثقة، فضلاً عن عدم توحيد استخدام المفاهيم والمصطلحات الإحصائية».

وأضافت أنه تم اسناد مهمة المسوح الميدانية، الخاصة بتكوين قاعدة بيانات دقيقة عن الأنشطة الصناعية في عجمان، الى مواطنين، بعد تدريبهم باحثين ميدانيين»، مؤكدة أن ذلك دعم ثقة الشباب المواطن بقدراته.

أما مدير إدارة التخطيط والدراسات في دائرة التنمية الاقتصادية في رأس الخيمة، الدكتور جمال بلوط، فقال إن «الامارات قطعت أشواطاً في العمل الاحصائي، خلال الفترة الأخيرة»، لافتاً إلى أن تلك الجهود كانت في كل إمارة، وليست على مستوى الدولة ككل.

وأكد أنه «لا جدوى من وجود بيانات إحصائية، في ظل غياب أدوات تحليلية مناسبة، مهما كانت جودة هذه البيانات».

وفي السياق ذاته، قال رئيس قسم البيانات والمعلومات في دائرة المعلومات والحكومة الإلكترونية في حكومة الشارقة، الدكتور حمد المهاجر، إن «كل مركز احصائي يعمل بمفرده تماماً، ويستخدم مفاهيم ومناهج، وطرقاً مختلفة»، موضحاً أن الإمارات تحتاج إلى ثماني سنوات، لإنتاج بيانات دقيقة في مختلف المجالات.

وعزا ذلك إلى النقص الشديد في الكوادر الاحصائية المدربة في الدولة. لافتاً إلى وجود قسم واحد للإحصاء في جامعة الإمارات، كاد أن يغلق أبوابه، نظراً إلى ضعف الإقبال عليه من جانب الطلبة.

وأوضح أن «الدولة تحتاج الى 1000 إحصائي على الأقل، يتوافر منهم حالياً 70 إحصائياً فقط».

إلى ذلك، انتقد المدير التنفيذي للمركز الثقافي الإعلامي لسمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، حبيب الصايغ، غياب الوعي الكافي بأهمية تعداد السكان. وقال إنه «لم يتم تمويل التعداد، في حين يجري تمويل قضــايـا أخـرى أقـل أهـمية بمـيزانيـات ضخمة».

وأضاف أن «الدولة تفتقر الى قاعدة بيانات موثوقة وموحدة، تساعد متخذي القرار على اتخاذ قرارات سليمة، في ظل توافر المعلومات»، لافتا إلى أن بناء هذه القاعدة يعد هاجساً يؤرق مؤسسات وأفراداً في الدولة، لمدة عقود.

تويتر